تتايع الأوساط السياسية والإعلامية والشعبية في
لبنان باهتمام شديد المفاوضات الدائرة في سويسرا بين
إيران وأميركا والدول الكبرى حول
الملف النووي الإيراني، ويربط اللبنانيون بشكل كبير بين مستقبل بلادهم ونتائج المفاوضات الإيرانية، فأينما تتوجه في بيروت فإن السؤال الأول الذي يطرح أمامك: ما رأيك بالمفاوضات النووية؟ وهل سيتم التوصل إلى اتفاق بين إيران والدول الكبرى؟ وماذا عن انعكاسات هذه المفاوضات على لبنان والمنطقة سواء تم التوصل إلى اتفاق أو فشلت المفاوضات؟
لكن ما هي معطيات الاوساط اللبنانية السياسية والاعلامية حول المفاوضات النووية ونتائجها؟ وكيف ستكون انعكاسات هذه المفاوضات على الاوضاع في لبنان والمنطقة؟
تتداول الاوساط اللبنانية عدة سيناريوهات حول المفاوضات النووية والاحتمالات المستقبلية، لكن السيناريو الاكثر توقعا لدى هذه الاوساط يقول ما يلي: ان ايران واميركا لهما مصلحة كبرى في الوصول الى اتفاق نووي واذا لم يتم التوصل الى اتفاق شامل فعلى الاغلب سيتم التوصل الى اتفاق اطار موسع يتضمن النقاط الاساسية حول الملف النووي وان يكون هناك خطوات لاحقة لتطبيق كل البنود الاخرى، بعد ان تعمل اميركا وايران للتمهيد لنتائج الاتفاق وتطبيقاته، ويشير اصحاب هذا السيناريو الى وجود بعض العقبات التي قد تعيق التوصل الى اتفاق شامل ومنها مواقف بريطانيا وفرنسا والمانيا والسعودية واسرائيل.
ويضيف اصحاب هذا السيناريو : اذا تم التوقيع على الاتفاق الشامل او الاتفاق الاطار فان ذلك سيفتح الباب امام مفاوضات وتسويات جديدة ستشمل المزيد من الملفات والقضايا ، لكن ذلك يتطلب المزيد من الوقت والجهود وحتى ذلك الوقت سيبقى لبنان و المنطقة في حالة تجاذب وصراع وسيسعى كل طرف لتعزيز موقعه ودوره الميداني تمهيدا للتوصل الى اتفاقات شاملة.
اما السيناريو الاكثر سؤا والاقل احتمالا حسب هذه الاوساط فهو يتضمن الفشل في التوصل الى اتفاق وعدم التمديد للمفاوضات مما يعني استمرار الصراع في المنطقة كلها وتحول التوترات القائمة الى حرب طاحنة كما قال مسؤول اميركي في حوار صحافي مع صحيفة السفير اللبنانية مؤخرا.
وتتخوف الاوساط اللبنانية من احتمال عدم التوصل الى اتفاق مما يعني بروز العديد من المخاطر الامنية واندلاع المزيد من المواجهات في اكثر من بلد عربي وهذا ما اعلن عنه وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق خلال زيارته للعاصمة الاميركية واشنطن.
وبانتظار انتهاء المفاوضات النووية ومعرفة نتائجها فان الاوساط اللبنانية تعيش حالة ترقب وتخوف من المستقبل ، ولذلك بدأت هذه الاوساط للدعوة لتعزيز الحوارات الداخلية من اجل تحصين لبنان من المخاطر المقبلة والبحث عن تسويات داخلية ومواجهة الملفات الكبرى والابتعاد عن السجالات والصراعات الصغيرة.
وفي هذا الاطار يعتبر القيادي في قوى 14 اذار والنائب السابق سمير فرنجية: ان المطلوب اليوم العمل بشكل جدي لتعزيز التواصل والحوار بين كافة الاطراف اللبنانية وفي المنطقة من اجل التوصل الى تسوية تاريخية لبنانية وعربية واسلامية تنهي الصراعات القائمة ولا سيما بين مشروع الدولة الاسلامية والسلطنة العثمانية والامبراطورية الايرانية، لان هذه المشاريع ستدفع لبنان والمنطقة نحو المزيد من العنف والصراع قد يمتد لعشرات السنوات.
اذن فان الاوساط اللبنانية لا تملك رؤية موحدة وواضحة حول افق التطورات القائمة ولا سيما على صعيد المفاوضات النووية ونتائجها، لكن معظم هذه الاوساط تؤكد ان نجاح المفاوضات والتوصل الى اتفاق حول الملف النووي سيساهم في تهدئة الاوضاع السياسية والامنية وقد يساعد في التعجيل في حصول الانتخابات الرئاسية ومعالجة بقية الملفات الحساسة.
واما اذا لم يتم التوصل الى اتفاق نووي فان الجميع يبدي تخوفه من افاق المرحلة المقبلة المفتوحة على كل الاحتمالات الخطيرة.