تبادلت
تركيا وإيران الاتهامات بمحاولة الهيمنة على الشرق الأوسط، في الوقت الذي تساندان طرفين متنافسين في الأزمة باليمن، إلا أن حرب الكلمات من غير المرجح أن تلحق الضرر بشكل دائم بعلاقة يقودها تعميق العلاقات الاقتصادية.
وتوترت العلاقات التركية مع طهران بالفعل جراء خلافاتهما بشأن
سوريا. وقالت أنقرة الأسبوع الماضي إنها تساند الحملة التي تقودها السعودية ضد الحوثيين في اليمن المدعومين من
إيران.
واتهم الرئيس التركي رجب طيب
أردوغان بعد ذلك إيران بمحاولة الهيمنة على المنطقة. وفي المقابل قال مشرع إيراني إن أردوغان يسعى لبناء إمبراطورية عثمانية، وطالب بإلغاء زيارة الرئيس التركي المزمعة لإيران في السابع من نيسان/ أبريل الجاري.
لكن دبلوماسيين ومحللين يقولون إن الأثر طويل الأمد سيكون قليلا، إذ إن تركيا تريد
الغاز الإيراني، كما تحتاج طهران المتأثرة بالعقوبات إلى أسواق تصدير بشدة.
وبلغ حجم الواردات التركية من إيران نحو عشرة مليارات دولار عام 2014، وإجمالي صادراتها بلغ حوالي أربعة مليارات دولار.
وقال دبلوماسي مقره أنقرة، معربا عن دهشته من انتقادات أردوغان الشديدة: "انضمام تركيا إلى الجهة المناهضة لإيران سيكون عاملا ماليا مثبطا بشكل كبير. هذه نبرة قوية جدا قبل الزيارة الرئاسية".
ومثلت تجارة الغاز مقابل الذهب شريان حياة ماليا لطهران. وتستخدم تركيا صادرات الذهب وسيلة للدفع بشكل غير مباشر لإيران مقابل الحصول على غاز طبيعي.
وقال أردوغان الاثنين إن زيارته لإيران ما زالت قائمة، إلا أنه ألمح إلى أن تغيير في اللحظة الأخيرة ما زال ممكنا.
وقال: "التطورات في اليمن مهمة. يمكن أن تكون هناك خطوات تحتم علينا اتخاذ أي قرار ممكن".
"أوهام" الإمبراطورية العثمانية
تدعم إيران الحوثيين الشيعة اليمنيين في حملتهم ضد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، إلا أنها تنفي أنها تدعمهم عسكريا أو أنها ترسل قوات إيرانية.
وتقول تركيا إنها تقدم دعما لوجستيا للتحالف الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين الذين سيطروا على العاصمة اليمنية صنعاء العام الماضي.
ودعا أردوغان الأسبوع الماضي طهران إلى سحب أي قوات لها في اليمن وسوريا والعراق. وقال إنه في العراق تريد إيران فقط طرد مسلحي تنظيم الدولة من هناك لكي تحل محلهم.
وردت إيران باستدعاء القائم بالأعمال التركي لتسجيل اعتراضها على تصريحات أردوغان التي أثارت بعض المشرعين الإيرانيين.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن عضو البرلمان الإيراني منصور حقيقت بور، قوله: "أي شخص يتحدث ضد إيران لا يمكن أن يكون ضيفنا.. أردوغان عنده أوهام بأن يصبح باشا، ويعتقد أن بإمكانه إحياء الإمبراطورية العثمانية".
وينبع الكثير من الخصومة بين تركيا وإيران من خلافاتهما الحادة بشأن الفوضى في سوريا المجاورة.
وتتهم تركيا طهران بمساندة نظام سوري متهم بارتكاب انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان. وتقول إيران الشيعية إن أردوغان السني ينتهج سياسة طائفية ضد الرئيس السوري بشار الأسد، على حد ادعائها.
المشكلات مع الجيران
توضح التوترات مع إيران إلى أي مدى ابتعد حزب العدالة والتنمية عن سياسة عدم الدخول في مشكلات مع جيرانه التي كانت تحدد من قبل طموحاته السياسية.
ويعتقد عثمان بهادير دينجر من المنظمة الدولية للأبحاث الاستراتيجية، ومقرها أنقرة، أن ظهور كل من تركيا وإيران في الحرب ضد تنظيم الدولة قد يزيد من التوترات.
وتزيد تركيا من دورها تدريجيا.
ومن المتوقع أن يبدأ خلال الأسابيع المقبلة برنامج مع واشنطن لتدريب معارضين سوريين وتزويدهم بالسلاح ، أغلبهم من السنة، قد يجدون أنفسهم في مواجهة مع جماعات مدعومة من إيران.
وقال دينجر: "إذا انخرطنا بشكل أكبر في معادلة الشرق الأوسط، فسنجد أنفسنا في مواجهة مع إيران، لأنها على الأرض".
وحذر الخبير التركي من مركز تشاتام هاوس فادي حاكورة، ومقره لندن، من أنه رغم أن كلا من البلدين لا يريد أن تسوء العلاقات، إلا أن الأزمة الشاملة في الشرق الأسط، حيث تدعم قوى إقليمية جماعات مختلفة في الصراع، تعني أن الحفاظ على العلاقات الهشة سيكون أصعب من ذي قبل.
وأضاف: "العاصمتان ستكونان حريصتين على تفادي صراع مباشر.. إذا حدث شيء فسيكون حربا بالوكالة، الأمر الذي سيفاقم من التوترات المحلية".