في
مصر ثورة يناير، 7 أعوام من العمل الوطني المتواصل، من 2004 إلى 2011، يسبقهم ميراث من التنظير، والتبشير، والنضال الوطني، الإسلامي، الليبرالي، اليساري، القومي، والشيوعي، تاريخ طويل، الهدف واضح ومحدد، المحاولات متكررة، ومتنوعة، لكن في إطار الوحدة، رحيل مبارك، نهاية الحكم العسكري، الوقوف أمام مشروع التوريث المزمع، والكارثي بكل المقاييس، مسار ديموقراطي، يأتي بمن يأتي به، نخوض تجربتنا بحلوها ومرها، ونتعلم، ونترقى، وننضج، ثم تكون دولة !
25 يناير، وما بعدها كانت ثمار جهد متواصل، ولذلك تعجلنا القطاف، تصورنا أنها نهاية المطاف، محطة الوصول، الجائزة، ركنا إلى ما قدمنا، فيما انتبه خصوم الثورة إلى خطاياهم، لا في حق الناس، بل في حق دولتهم التي أضاعوها، وبدأت على الفور خطة الاسترداد، ربما من قبل 11 فبراير، مع تولي أحمد شفيق رئاسة الوزراء!
عامان من العمل المتواصل، من 2011، إلى 2013، يسبقهم ميراث من تجارب الثورات المضادة، وتراكم خبراتها، والجرائم الممنهجة، الهدف واضح، ومحدد، المحاولات متكررة، ومتنوعة، لكن في إطار الوحدة، رحيل نظام الإخوان، بوصفه ممثل الثورة من وجهة نظر الدولة العميقة، نهاية الحكم الديموقراطي، الوقوف أمام مشروع الدولة المدنية المزمع، والكارثي من وجهة نظرهم، مسار استبدادي، يأتي بالحكم العسكري مرة أخرى، ثم استتباب الأوضاع، واحتواء "الهوجة" وعودة "الميغة".
نجحنا في يناير، نجحوا في 3/7، ولم ينته التاريخ، الصراع مستمر، لكنه أدواته مختلفة، ونتيجته ليست في صالحهم، إلا إذا .. هنا يفهم خصوم الثورة إمكاناتهم، وإمكاناتها، ويمروا من ثغرات الثوار النفسية، كما مر الحمار من الثغرة الأمنية إلى مطار القاهرة الدولي.
كثرة الأحلام، والآمال، عدم ترتيب الأولويات، تصفية الحسابات السياسية، والمرارات الأيديولوجية، الاستعجال، البركة فورا، أو اللعنة فورا، الرغبة – عند البعض – في التصدر، الأنفة، التطهرية المفتعلة، الانسحاب، عيوبنا كثيرة، ولو فهمنا ثورتنا جيدا، لعلمنا أن الثورة تجب ما قبلها، ولتجاوزنا، لم تضع الفرصة على كل حال.
مروا من ثغراتنا، وامتدوا في فراغاتنا، وما زالوا، صنعوا الوقيعة، ونجحوا، صار الإخوان حاجزا بين الثوار وبين ثورتهم، لن نتقدم وحدنا، ولن يستطيعوا بدورهم من دوننا، إلا أننا لا نريدهم، وهم بدورهم لا يريدوننا، المشهد في قاعة سينما المخابرات الحربية، ممتع ومسلي، صنعوا الإلهاء ونجحوا، من أول صافيناز وتفاصيل قضاياها المثيرة، إلى إسلام بحيري، ولا تفاصيل لا قضاياه الأكثر إثارة، الجميع "يهز" اهتماماتنا، ويفقدها كثافتها، تزداد سيولة، وتصبح بعد قليل بلا معنى، طاقة مهدرة، غير موجهة، متفرقة بين قبائل العبث، واللاهدف، والعدمية، نجحوا وما زالوا!
الآن يصنعون
الارتباك، بمنتهى النظام، جننونا، إعلام السيسي يهاجم السيسي، الأهرام يهاجم الداخلية، أوسخ من أنجبت الصحف والشاشات على الإطلاق، يستدركون على ثقافة العسكر، ومستوى أهليتهم، بعد أن كانوا يدعون لعبادتهم من دون الله، شيء ما يدبر، لا لا شيء يدبر، ربما يدبرونه ولكن لصالحهم، ربما نستفيد ونفاجئهم ونطرح أنفسنا في هذه اللحظة رقما في المعادلة، وماذا عن الإخوان ربما دخلوا بدورهم، الإخوان منهكون، الإخوان تخصص ركوب، ركوب على ماذا، لم نصنع شيئا، بل صنعنا، انتظرناهم كي ينتهوا من بعضهم البعض، لن ينتهوا، الاصطفاف الثوري يفشل، الاصطفاف من أجل السيسي سينجح، اصطفاف من أجل السيسي في مواجهة من؟، في مواجهة الاصطفاف الثوري الذي فشل !!
دوامة من التحليلات، وضرب الأخماس في الأسداس، وانتظار لما لا يأتي أبدا، وكأن حدأة
الثورة المضادة سوف تلقي بالكتاكيت، أي عبث، وأي خرف، وأي جنون؟
الهدف واضح، مواجهة الثورة المضادة، تحريك قوة حقيقية، متماسكة، إسقاط السيسي، إنهاء حكم العسكر، بقوة الإرادة الشعبية، ثغراتهم كثيرة، أكثر منا، ثغراتنا أخطاء، ونقائص، ثغراتهم خطايا وفضائح وكوارث، جرائم بالمعنى الحرفي، بالأحرى ليست ثغرات، شوارع، ميادين مفتوحة أمام من يسبق، ميادين واسعة تنتظر صفا واحدا منظما، يعرف ما يريد، ويتقدم بثبات، وينهي، إلا أننا ما زلنا نفكر، هل نصطف مع الإخوان، أم يتكرر السيناريو، ونخرج من المولد بلا حمص؟ وأيهما أفضل، استمرار الحكم العسكري، أم ديموقراطية تجيء بالإخوان مرة أخرى؟، وأيهما اولى بالمواجهة: الإخوان، أم العساكر؟ (ضع هنا 10 علامات تعجب لأن المساحة لا تسمح)، وفي الأخير، نخلص إلى اللاشيء، المستحيلات تتحقق، ونحن خامدون، القمر الصناعي تاه، وصنابير المياه تدر بترولا، والحمار استغل ثغرة أمنية واخترق المطار، والنظام أطلق حملة معارضة لنفس النظام، وسماها "البداية"، فيما يوشك نادي الزمالك بعد أكثر من 140 سنة من الكفاح، وبعد سقوط الآلاف من جماهيره شهداء بالسكتة القلبية، والذبحة الصدرية، وارتفاع ضغط الدم، وانفجار المرارة، يوشك أن يحسم الدوري أخيرا لصالحه، بينما لا يستطيع الثوار أن يفعلوها، فمتى؟
إن التشويش، وفقا للتعريف، هو عدم القدرة على الاحتفاظ بتيار متماسك من الفكر أو العمل، وجميعنا يمر بفترات من التشويش المؤقت، لكنها تصير أمراً غير طبيعي، بحسب علماء النفس، إذا استمرت لعدة ساعات، فما بالكم بـ 4 سنوات، ارحمونا.