قال تقرير نشره موقع "ديموكراسي دايجست" إن النظام
المصري يواجه تحديين أساسيين في سعيه لتحقيق الاستقرار على المدى القصير أو على المدى المتوسط.
ونقل التقرير عن المحلل السياسي عماد الدين شاهين أن التحدي الأول يتعلق بقدرته على إعادة بناء العملية السياسية بحيث تكون أكثر شمولاً وأكثر تمثيلاً، وأما التحدي الثاني فيتعلق بنجاحه في تحقيق التعافي الاقتصادي.
ويقول شاهين، أستاذ السياسة والإدارة العامة في الجامعة الأمريكية في القاهرة في تقرير كتبه لبرنامج الشرق الأوسط الربيع العربي: "ما فتئ عبد الفتاح
السيسي يسعى جاهداً لاستخدام الإنجازات الإقليمية والدولية في عرض صورة للوضع في مصر تعبر عن نجاحات النظام وعن الاستقرار الداخلي".
وبحسب شاهين يتمثل الاختبار الحقيقي لنظام السيسي في التعامل مع التحديين اللذين يواجهانه على مستوى إعادة البناء السياسي وعلى مستوى الإنعاش الاقتصادي، مشيرا إلى أنه "حتى الآن، مازال الأسلوب المتبع هو تعزيز الاستبداد الفردي الذي يهمش مؤسسات صناعة السياسة ويعتمد على الجيش كلاعب سياسي واقتصادي أساسي".
وقال شاهين، الأستاذ الزائر في جامعة جورج تاون، إنه في ضوء الاستقطاب الحاد الذي يقسم المجتمع والنخبة السياسية، تحتاج مصر إلى نظام سياسي يسع الجميع ويسمح بالمشاركة السياسية الفعالة وإلى إنعاش اقتصادي مدفوع من الداخل.
وتابع: "رغم النجاحات الاقتصادية التي كان قد حققها نظام مبارك إلا أنه أصبح إقصائيا بشكل متزايد، وسد السبل أمام العمل المؤسسي لإحداث أي تغيير سياسي حقيقي. ثم جاء تزويره الصارخ للانتخابات البرلمانية في عام 2010 ليبدأ العد التنازلي لسقوطه، وذلك إثر سده لقنوات المشاركة واستبعاده للقوى السياسية الرئيسية من العملية السياسية. وعلى نفس النهج يسير السيسي الذي ينهمك ببناء نمطه الخاص في الحكم، وهو نمط يتمحور حول شخصه ويتجاهل المؤسسات السياسية معتمداً بدلاً من ذلك على التفويضات المباشرة التي يمنحها إياه الناس، والخلاصة هي نزع السياسة عن البلاد".
ونوه شاهين إلى أن جماعة الإخوان المسلمين في مصر نهضت تارة أخرى وتنتفض بقيادة زعماء شباب رغم ما صدر مؤخراً من حكم بالسجن على الرئيس محمد مرسي ورغم اعتقال أعداد كبيرة من أعضاء الجماعة.
ونقل الموقع تصريحات عمرو دراج – أحد مؤسسي
حزب الحرية والعدالة المنحل- لرويترز التي قال فيها إن "حركة الإخوان لا تتعلق بشخص فرد من الأفراد، ولقد أصبحت أكثر ثورية بقيادة الجيل الجديد".
وحينما سئل عما إذا كانت الحركة تتلقى دعماً من تركيا أو من قطر قال دراج إن جماعة الإخوان المسلمين تمول من جيوب أعضائها، وأضاف: "نحن أيضاً حركة اجتماعية، وكنا دوماً نمول حركتنا بشكل ذاتي. نحن لسنا جماعة صغيرة، فنحن نتحدث عن ملايين الأشخاص".
كما نقل عن شريف عبد القدوس ما كتبه في صحيفة لوس أنجليس تايمز قائلا: "يشارك القضاء المصري في قمع الدولة لمعارضيها، فالقضاة يصدرون الأحكام القاسية بشكل روتيني ضد كل من يعتبرون أنه يشكل تهديداً للنظام العسكري. ولم يسلم من الاستهداف بهذه الأحكام أحد، بل شملت الإسلاميين، ونشطاء حقوق الإنسان، والعاملين في مؤسسات المجتمع المدني، والصحفيين، والنقابيين والطلاب وحتى أطفال الشوارع والمثليين.
أما الكاتبة والناشطة المعروفة أهداف سويف فقالت بعد لحظات من إصدار حكم على ابن أختها الناشط البارز علاء عبد الفتاح بالسجن خمسة أعوام لمشاركته في مظاهرة سلمية: "إن أكثر من ساهم في تآكل العدل، والمجتمع المدني، وكل ما من شأنه أن يمكن المرء من العيش في مصر هو القضاء".
وتعليقا على ما سبق قال شاهين، والذي ترأس تحرير موسوعة أكسفورد للإسلام والسياسة: "يعمل النظام الحالي على الترويج لنمط من الحكم تغلب عليه الشخصنة وإفشال المؤسسات السياسية وتهميش المشاركة السياسية".
وأضاف: "يحاول النظام الاستفادة من بعض الإنجازات قصيرة المدى إقليمياً ودولياً ليتهرب من مواجهة تحديين، أحدهما إعادة بناء النظام السياسي على أساس المشاركة والممارسة الديمقراطية والثاني إنجاز إنعاش اقتصادي بما هو متوفر من إمكانيات محلية، يستمر السيسي حتى الآن في الاعتماد على دعم المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية وعلى المساعدات المالية الدولية. قد يساعده على المدى القصير ما حققه من إنجازات على المستوى الإقليمي وما حصل عليه نظامه من اعتراف على المستوى الدولي، إلا أن ذلك لن يكفي للتخلص من مسببات حالة السخط والاضطراب السياسي التي تعم البلاد حالياً".
وأكد أن الموقف الغربي القديم المتجدد "المتقاعس عن دعم الديمقراطية والمنحاز للاستبداد" سوف ينجم عنه تصاعد الغضب الشعبي الموجه ضد الغرب، وسوف يعطي يعضد المقاربة المتطرفة التي ترى أن الحل يكمن في اللجوء إلى العنف وليس في الممارسة الديمقراطية.
وختم بأنه "ينبغي ألا يكون الحكام المستبدون هم الأساس الذي تقوم عليه الصيغة الجديدة لإنجاز الاستقرار في المنطقة وإنما الديمقراطية والاندماج الوطني".
(
ديموكراسي دايجست)