قال الكاتب الصحفي الإسباني، لويس باسيط، إنه مع بدء القصف السعودي على
اليمن في 26 من آذار/مارس، بدأت معه حرب غير متكافئة بين واحدة من أغنى وأقوى دولة في العالم، بدعم من تحالف عربي واسع، وبين رجال حرب عصابات سيطروا على جزء من بلد جار يعيش على إيقاع البؤس.
وأضاف الكاتب في مقال نشره في صحيفة "إلباييس" الإسبانية، بعنوان "جزيرة العرب الحزينة"، أن الخاسر بالتأكيد في هذه الحرب، هم اليمنيون الذين عانوا جراء فقدان ألف و200 شخص سقطوا قتلى، و300 ألف نازح، بالإضافة إلى تدهور عام في الأوضاع المعيشية وصعوبة الحصول على المياه الصالحة للشرب والولوج للخدمات الصحية بالنسبة للكثير من السكان.
وقال الكاتب المهتم بقضايا
الشرق الأوسط، إنه على الرغم من أن اليمن يقع على بعد مسافة قصيرة من البذخ في دبي أو أبو ظبي، إلا أن واقعه على العكس تماما من "جزيرة العرب السعيدة" كما سماها الرومان من قبل.
و أشار باسيط، وهو المدير المساعد في الصحيفة الإسبانية، الأكثر انتشارا، إلى أن اليمن، واحد من الدول الأكثر فقرا في العالم، إذ صنفه المؤشر الأخير للتنمية البشرية في مرتبة متدنية (الرتبة 154 من بين 187 بلدا) حيث لا يوجد بلد أكثر فقرا منه في الشرق الاوسط.
وبالإضافة إلى الفقر الشديد الذي يعانيه اليمن، فهو - حسب الكاتب- دولة فاشلة؛ حيث الحرب الأهلية لها طابع وبائي، لافتا في هذا الصدد إلى أن هؤلاء المتمردون الحوثيون الذين أطاحوا بالرئيس عبد ربه منصور هادي، كانوا قد بدؤوا معركتهم منذ عام 2004، وذلك قبل سبع سنوات من ثورات الربيع العربي التي أطاحت بالرئيس السابق علي عبد الله صالح.
وبعد أن وصف اليمن بأنه بلد "بعيد وعويص ومعقد"، قال الكاتب، إن الحرب الأهلية التي عاشها ويعيشها لا يوجد فيها طرفان فقط بل ثلاثة، والطرف الثالث، بحسبه، هو
تنظيم القاعدة العدو اللدود للطرفين الآخرين، والذي لا يحاربه أحد حاليا، حتى الولايات المتحدة الأمريكية سحبت الدعم الذي كانت قد قدمته لليمن في حربه ضد تنظيم القاعدة، وأوقفت القصف الذي كانت تقوم به طائرات أمريكية بدون طيار.
وأكد الكاتب أنه "لا شيء أكثر شيوعا وتكرارا من انتكاسات التحالفات، التي تجعل عدو الأمس صديق اليوم. فالحوثيون الذين انتفضوا ضد صالح أصبح اليوم حليفهم، على الرغم من أن زعيمهم في ذلك الوقت الحسين الحوثي فقد حياته في المعارك".
وقال الكاتب إن ما يقع " غير مفهوم ولا سيما لدى الغرب"، ويضيف: "من الرياض أو طهران كل شيء واضح جدا، فالسعوديون والإيرانيون يقاتلون بعضهم بعضا من خلال التدخل بالقوات لتأمين الهيمنة على المنطقة، متجاهلين العدو الأكثر رعبا في الغرب وهو الدولة الإسلامية.
ويضيف أن "هذا هو الحال في
سوريا واليمن، فرقعة الشطرنج الجيوسياسية في تغير مستمر؛ حيث كل طرف يختبر قواته، قبل اتفاق نووي مرتقب مع إيران، يحاول كل من السعوديين وأيضا الإسرائيليين إفشاله".
وخلص باسيط، إلى أنه في منطقة الشرق الأوسط، كما في أماكن أخرى، أخطاء اليوم هي بذور كارثة الغد. فإلى جانب الفقر، اليمن بلد شاب، حيث 63 بالمائة من سكانه تقل أعمارهم عن 25 عاما. ومعدل خصوبته هو الأعلى في المنطقة؛ ذلك أن عدد سكان اليمن البالغ 24 مليون نسمة حاليا سيتضاعف في الخمسين سنة المقبلة.
واعتبر أن هذه مكونات ممتازة لصناعة وقود مدفع مستعد لأي شيء؛ حروب مفتوحة وحملات إرهابية لا تنتهي.