انتقد مراقبون وناشطون سياسيون في
مصر دعوة
الأزهر إلى إنقاذ مسلمي
الروهينغا العالقين في البحر، في وقت يلزم فيه الأزهر نفسه الصمت التام تجاه جرائم الانقلاب بحق المصريين وما يتعرضون له من اضطهاد وتنكيل في السجون، بالإضافة إلى إلى الأحكام القضائية الجائرة التي قضت بالإعدام على آلاف المصريين المعارضين للانقلاب.
وأخذوا على الأزهر تجاهله لظاهرة التطاول على الدين، مؤخرا، من إعلاميين عبر الفضائيات والصحف، ومن ذلك استنكار الكاتبة فاطمة ناعوت شعيرة الأضحية.
وكذلك تجاهل الأزهر صدور عشرات القرارات باعتقال طالبات الأزهر، بل واغتصاب عدد منهن، دون أن يحرك ذلك ساكنا لدى الأزهر، الذي مارست جامعته كل أشكال التنكيل والفصل بحق طلبته وطالباته الرافضين لمظالم العسكر في مصر، فضلا عن استمرار اقتحام قوات الشرطة والجيش لجامعة الأزهر بالقاهرة وفروعها بالمحافظات، واعتقال الطالبات وسحلهن على الأرض، ووضعهن بطريقة مهينة داخل المدرعات، وتقديمهن لمحاكمات سريعة بتهم التظاهر.
وتساءل مراقبون لماذا يستمر صمت الأزهر إزاء استمرار حصار غزة، وعدم حل أزمة الفلسطينيين العالقين في
رفح، المستمرة منذ بداية العام الجاري.
وقال الأزهر، في بيان أصدره الثلاثاء، إنه يتابع ببالغ القلق ما تبثه وسائل الإعلام حول أزمة مسلمي الروهينغا الفارين إلى عرض البحر من الاضطهاد.
وجدد إدانته الشديدة لما يتعرض له المسلمون بميانمار، من اضطهاد وتهجير من قراهم، وحرق لمساكنهم ومساجدهم، وحرمان من أبسط حقوق المواطنة، داعيا دول الجوار لتحمل مسؤولياتها الإنسانية نحوهم، وفق البيان.
وطالب الأزهر المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان ومنظمة التعاون الإسلامي بالتحرك العاجل لإنقاذ المسلمين بميانمار من الاضطهاد والتهجير الذي يتعرضون له، والضغط على سلطات ميانمار؛ لوقف هذه الممارسات، التي تخالف الأعراف الإنسانية والأديان السماوية.
صمت إزاء عالقي رفح
في المقابل، رصد مراقبون ونشطاء، صمت الأزهر، شيخا ومشيخة، تجاه استمرار حصار قطاع غزة، وتجاهل غلق معبر رفح، وعدم حل أزمة العالقين الفلسطينيين به، فضلا عن تجاهل الأزهر ما يتعرض له المسجد الأقصى من عدوان إسرائيلي، وما تتعرض له مدينة القدس المحتلة من تهويد مضطرد.
ويأتي تجاهل الأزهر لأزمة العالقين في رفح، بالمقارنة باهتمامه بعالقي الروهينغا، برغم الأوضاع المزرية التي يعاني منها هؤلاء العالقون، نتيجة إغلاق المعبر، لقرابة اليوم المئة والثلاثين على التوالي، ما أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة.
وذكرت تقارير صحفية أن أكثر من 90 ألفا من أهالي غزة يحتاجون إلى السفر عبر معبر رفح البري، من بينهم 15 ألفا يتوزعون على فئات المرضى، والحالات الإنسانية، والطلاب.
من جهتهم، أوضح العالقون في شكاواهم أن أموالهم نفذت نتيجة هذا الإغلاق الذي استمر فترة طويلة، مشيرين إلى أنهم توجهوا إلى السفارة الفلسطينية للبحث عن حلول، وأن الكثير منهم يمكثون في الشوارع دون مأوى، لعدم توفر المال لاستئجار شقق سكنية.
صمت الأزهر إزاء مظالم مسلمي العالم
واعتبر مراقبون أن تجاهل الأزهر متاعب العالقين في رفح إنما يندرج ضمن وقائع عدة لصمت الأزهر إزاء مظالم يتعرض لها المسلمون بدول العالم، لا تقل في بشاعتها عما تعرض له مسلمو الروهينغا.
وأشاروا إلى أن هذه المظالم تقع على بعد أمتار من مقر مشيخة الأزهر بمنطقة الدراسة في القاهرة، التي تتمثل بصدور أحكام الإعدامات الجماعية المتتالية بحق قادة الإخوان المسلمين، والمعارضين السلميين بمصر، وبينهم عدد من علماء الأزهر.
كما لاحظ المراقبون عدم صدور أي رد فعل من قِبل الأزهر تجاه المجازر الوحشية البربرية التى يقوم بها العدو الصهيوني ضد الآمنين بغزة وفلسطين كلها، مع هدمه للمساجد واقتحام اليهود للمسجد الأقصى في همجية غير مسبوقة.
وأكدوا أن الموقف الأخير للأزهر من عالقي الروهينغا ما هو إلا نوع من "ذر الرماد في العيون"، وإلا فليلزم الأزهر موقفه نفسه مع العالقين برفح، وغيرها من هذه القضايا المهمة.
وذكروا بأنه في وقت لم يصدر عن مشيخة الأزهر أي إدانة لمجازر فض اعتصامي رابعة والنهضة وغيرهما، أدان بابا الفاتيكان، فرانسيس الأول، "المجازر الدموية التي ترتكب في مصر ضد الإنسانية، وتقتل الجميع"، وفق تصريحات نقلتها وكالات أنباء إيطالية عن المكتب الإعلامي للفاتيكان يوم 17 آب/ أغسطس عام 2013.
أستاذ البلاغة يستغيث من السجن
وفي رسالة مهربة من أستاذ البلاغة بجامعة الأزهر، الدكتور محمود شعبان، من معتقله بسجن طرة، الثلاثاء، ناشد المؤسسات الإعلامية والحقوقية وجامعة الأزهر، التدخل لدى مصلحة سجون طرة، للسماح له بإجراء عملية جراحية خارج السجن، بعد إصابته بخلع في الكتف.
وطالب شعبان إدارة جامعة الأزهر بالقيام بدورها تجاهه من أجل علاجه، بصفته أحد أبناء الجامعة ومدرسيها.
وقال إنه ما زال على قوة الجامعة، لذلك فإن علاجه يجب أن يكون على نفقة الجامعة، وأن تتولاه مستشفيات الجامعة، خاصة أن مرتبه موقوف على ذمة إحالته لمجلس تأديب!
تصريحات السيسي.. وهجوم عيسى
وكان الداعية الجزائري علي بن حاج وصف موقف الأزهر بالمتخاذل إزاء دعوة عبد الفتاح السيسي بثورة دينية.
وقال إن هذا السيسي يطالب بثورة -لا وجود لها في الدين- على النصوص الدينية، وللأسف علماء الأزهر ساكتون أمام هذا المجرم السفاح الذى قتل الناس في رمضان، مضيفا: "أى عمائم هذه، وأي أزهر هذا؟ ألم يوجد بينهم من يرده؟
واستنكر القيادي السابق بجماعة الجهاد، أمل عبد الوهاب، صمت الأزهر، على تصريحات وزير الثقافة السابق جابر عصفور، من أن الحجاب ليس فريضة، وأن من يقول بفرضية الحجاب لا يفقه شيئا في الدين.
وبرغم مهاجمة الصحفي المقرب من السيسي، إبراهيم عيسى، الأزهر، واصفا علماءه بأنهم جهلاء ومتاجرون، وأن العقل المصري شهد تراجعا كبيرا في التفكير، بسبب تراجعه عن دوره وانتشار الفكر الوهابي، متهما الدولة بأنها "تتواطأ، وتدلس" بتركها مؤسسة الأزهر مختطفة كرهينة في أيدى مجموعة إرهابية، تسيطر عليه، وفق قوله في أحد برامجه، إلا أن الأزهر لزم الصمت، ولم يحتج على هذه الإهانات.
اصطفاف مع ضرب ليبيا
ولم يكتف الأزهر بهذا، بل حرص على الاصطفاف مع الانقلاب. وقال -في بيان أصدره الثلاثاء 17 شباط / فبراير 2015- إن الضربة العسكرية المصرية لتنظيم داعش في ليبيا "جهاد في سبيل الله والوطن".
لماذا لم يعلن الأزهر تأييده لـ"عاصفة الحزم"؟
كما تساءل ناشطون: لماذا لم يعلن الأزهر تأييده للعمليات العسكرية للتحالف العربي بقيادة السعودية، ضد المليشيات الحوثية في اليمن، باسم "عاصفة الحزم"، اقتداء بالهيئات الإسلامية التي بادرت بإعلان تأييدها، إذ وصفت هيئة كبار العلماء في السعودية قرار الحرب بالموفق والحكيم، وأعلن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين تأييده للشرعية اليمنية في مواجهه الحوثيين.
في المقابل، دعا الأزهر في بيان إلى "قتل وصلب وتقطيع أيدي وأرجل إرهابيي" تنظيم الدولة، ردا على "العمل الإرهابي الخسيس"، الذي أقدم عليه التنظيم، بقتل الطيار الأردني معاذ الكساسبة حرقا، وفق البيان.