نشرت صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية تقريرا حول الكشف عن اسم الجاسوس الذي أخبر وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي آي إيه" بمكان إقامة زعيم تنظيم
القاعدة أسامة بن لادن، بناء على ما نشره الصحافي المشهور سيمور
هيرش، وقال فيه إن الكلام يدور حول جنرال
باكستاني متقاعد كان يعيش في لندن وتوفي قبل عام.
ويشير التقرير، الذي اطلعت عليه "
عربي21"، إلى أنه تمت تسمية العميد المتقاعد عثمان خالد على أنه المخبر الذي أبلغ الأمريكيين بمكان إقامة
ابن لادن، وأدى ذلك إلى اغتيال الرجل المطلوب رقم (1) على مستوى العالم عام 2011.
وأعربت عائلة الجنرال المتقاعد لصحيفة "التلغراف" عن غضبها للإعلان عن اسمه كونه مصدر التسريب، وقد توفي العام الماضي بعد الإقامة في لندن لمدة 35 عاما، وأنكرت عائلته أن يكون هو المسؤول.
ويلفت التقرير إلى أنه كانت هناك تخمينات كثيرة حول من هو المخبر، بعد نشر مقال كتبه الصحافي الحاصل على جائزة بوليتزر هيرش، في مجلة "لندن ريفيو أوف بوكس" في أوائل هذا الشهر.
وتقول الصحيفة إنه بحسب الرواية الرسمية للأحداث، التي تم تخليدها في فيلم "زيرو دارك 30"، من بطولة جسيكا تشاستين، فإنه تم التوصل إلى مكان اختباء ابن لادن بعد أن تمكنت عميلة في وكالة الاستخبارات المركزية من معرفة ناقل الرسائل الخاص به.
وتضيف الصحيفة أن البيت الأبيض ووكالة الاستخبارات المركزية لطالما أصروا على أن عملاء الاستخبارات هم من قاموا باكتشاف مكان اختبائه، وهو ما قاد قوات "النيفي سيلز" الخاصة إلى القيام بالإغارة عليه.
ويستدرك التقرير بأن هناك اختلافا كبيرا بين الرواية الرسمية ورواية هيرش. فالأخير يقول إن ابن لادن كان سجينا لدى وكالة المخابرات الباكستانية "آي إس آي" في مدينة أبوت آباد الباكستانية. وادعى بأن ضابطا كبيرا في الجيش الباكستاني هو من وفر المعلومات حول مخبأ ابن لادن السري مقابل مبلغ 25 مليون دولار كانت أمريكا رصدتها ثمنا لرأس ابن لادن.
وتبين الصحيفة أنه بحسب رواية هيرش، فقد منح الجاسوس الجنسية الأمريكية، وهو حي وبحالة جيدة في أمريكا. وفي تطور غريب للأمور تمت تسمية الضابط المجهول في الإعلام الباكستاني على أنه العميد عثمان خالد، ولكن عائلته تعتقد بأن الزج باسمه في هذه القضية هو نتيجة آرائه الناقدة للسياسة الباكستانية.
ويذكر التقرير أن العميد المتقاعد كان قد طلب اللجوء السياسي في بريطانيا، بعد أن استقال من خدمته في الجيش الباكستاني دامت 25 عاما؛ احتجاجا على إعدام ذو الفقار علي بوتو عام 1979. وقد توفي العميد خالد العام الماضي بالسرطان عن 79 عاما.
وتنقل الصحيفة عن إبنه عبد خالد في حديث خص به "التلغراف"، قوله: "إن هذه الاتهامات ببساطة غير منطقية، ففي الوقت الذي كان من المفروض أن يكون حصل هذا، كان والدي مصابا بالسرطان، وكان منشغلا بالعلاج في المستشفى، كما أن والدي لم يزر الولايات المتحدة منذ عام 1976، وعاش في الممكلة المتحدة منذ عام 1979، ولذلك لا يمكن أن يكون هو أو عائلته قد حصلوا على جنسية أمريكية. ولم يكن على اتصال مع وكالة الاستخبارات المركزية، ولم يعرف شيئا عن أسامة بن لادن، عدا ما كان يقرأه في الصحف مثل أي شخص آخر، ولكنه كان ناقدا للسياسة، ولذلك كان هدفا سهلا".
ويورد التقرير أن العائلة أنكرت أن يكون الأب قد أدى دورا في إقناع الدكتور شاكيل أحمد في باكستان للقيام بحملة زائفة للتلقيح ضد شلل الأطفال، كخدعة من وكالة الاستخبارات الأمريكية، للحصول بشكل سري على أدلة حمض نووي عن وجود ابن لادنفي أبوت آباد.
ويقول عبد خالد للصحيفة: "أبي كان رجلا شريفا ووطنيا، وكان أيضا رجلا محبا لعائلته، وبالتأكيد كان ربطه ببرنامج زائف للتطعيم ضد شلل الأطفال سيروعه، كان سيدمره أن يربط بأي شيء يتسبب بتهديد أرواح الأبرياء، وخاصة الأطفال، وفي بلد كان يحبها".
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن ناقدي هيرش، وهو الصحافي الاستقصائي الذي كشف مذبحة "ماي لاي" خلال حرب فيتنام وفضيحة أبو غريب، اتهموه بالسماح لنفسه بأن يتم استخدامه لنشر نظرية المؤامرة. كما شككوا بنوعية تقاريره بالقول إنه يعتمد بشكل كبير على مصدر مخابرات أمريكي يبدو أنه لم يعرف الكثير عن عملية الكشف عن مكان اختباء ابن لادن.
وتتطرق الصحيفة إلى أن البيت الأبيض وصف مزاعم هيرش بأن باكستان تعاونت مع أمريكا في قتل زعيم تنظيم القاعدة السابق، بأنها "غير دقيقة ولا أساس لها".
ويستدرك التقرير بأنه منذ نشر مقال هيرش تكشفت مزاعم أخرى تدعم على الأقل جزءا مما ادعاه. فكان هناك تقارير الأحد الماضي تفيد بأن المخابرات الخارجية الألمانية ساعدت المخابرات الأمريكية في التوصل إلى ابن لادن، حيث قامت الأولى بإخبار الأخيرة بأن ابن لادن يختبئ في باكستان بعلم المخابرات الباكستانية.
وتنوه الصحيفة إلى أن هيرش رفض التعليق على كلام عائلة العميد خالد. ولكن يفهم أيضا أنه يعتقد أن الشخص الذي أعطى المعلومات عن مكان اختباء ابن لادن ليس هو الشخص الذي تحدثت عنه صحيفة "ذي نيوز" الباكستانية.
وتختم "ديلي تلغراف" تقريرها بالإشارة إلى أن هيرش كان قد نشر مقالا مثيرا للجدل في "ذي لندن ريفيو أوف بوكس" عام 2013، نقل فيه عن مصادر مجهولة في المخابرات بأن الهجمات الكيماوية باستخدام غاز السارين في غوطة دمشق في آب/ أغسطس عام 2013 كان مصدرها جبهة النصرة، وليس بشار الأسد.