قالت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية إن الحملة الجوية التي تشنها الحكومة
السعودية والدول المتحالفة معها أدت إلى حالة من زيادة المشاعر الوطنية.
وكتب سايمون كير من العاصمة الرياض، قائلا: "ارتفعت صفوف من الرايات السعودية الخضراء على الطريق السريع، فيما تبث الشاشات الكبيرة المقامة في أنحاء الرياض كلها لقطات للمقاتلات السعودية، وهي تشن غارات تتبعها انفجارات ضخمة، وقد اشترت الشركات المحلية لوحات إعلانية ضخمة من أجل إعلان ولائها للملك الحازم والمصمم سلمان بن عبد العزيز".
ويضيف الكاتب في تقريره، الذي اطلعت عليه "
عربي21"، أنه "في الوقت ذاته أعلن السعوديون العاديون عن دعمهم للملك والحملة العسكرية في
اليمن، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. وبرزت على السطح لهجة شوفينية كانت مخفية لعقود، منذ صعود الملك سلمان إلى العرش في كانون الثاني/ يناير، ومنذ أن بدأ الحملة الجوية في آذار/ مارس ضد المتمردين الحوثيين في اليمن".
وتستدرك الصحيفة بأنه رغم مظاهر القلق الدولي حول طبيعة الحملة، وزيادة التوتر السعودي مع
إيران، التي تنافس السعودية لليهمنة على المنطقة، فإن الحملة الجوية لقيت ترحيبا سعوديا، حيث تداخلت فيها المشاعر الوطنية والطائفية.
وينقل التقرير عن سعودي في منتصف العمر اسمه أحمد، قوله: "نحن أقوياء مرة أخرى في ظل قيادتهم"، مشيرا إلى الملك سلمان ونجله وزير الدفاع وولي ولي العهد الأمير
محمد بن سلمان، وولي العهد ووزير الداخلية الأمير محمد بن نايف.
ويشير كير إلى أن الأمير محمد بن سلمان يقود الحملة، التي تعبر عن عهد جديد من الحزم في السياسة الخارجية، رغم أن الحملة لم تحقق أهدافها السياسية بعد، أي عودة الرئيس المعزول إلى السلطة في صنعاء.
وتنقل الصحيفة عن الباحثة في معهد "تشاتام هاوس" في لندن، جين كينيمونت، قولها: "يبدو أن الحرب في اليمن قد خلقت حماسا وطنيا جديدا"، وقارنت الوضع بالمزاج السابق، حيث شعر السعوديون بالإحباط تجاه ما رأوه من عجز عربي أو سعودي عن التحرك العسكري، خاصة في سوريا. وتضيف كينيمونت: "خلقت الحرب حسا بأن القيادة الجديدة واثقة من نفسها وناشطة وقوية".
ويلفت التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أنه بعد عقدين من الإصلاح الحذر في ظل الملك عبدالله، الذي حكم السعودية بالإجماع، قام الملك سلمان بإدارة ظهره للماضي. فبالإضافة إلى التعديل الوزاري والحملة في اليمن، أشرف الملك على إعادة تشكيل شركة النفط الوطنية السعودية، وفصلها عن وزارة المالية، ووضعها تحت إدارة مجلس يترأسه نجله، وشرّع الضرائب التي طال انتظارها على العقارات؛ من أجل تخفيف أزمة الإسكان.
وينوه الكاتب إلى أن الملك سلمان تحرك سريعا في الوقت ذاته لاسترضاء القطاعات المحافظة في المجتمع السعودي، وقام بترقية الدعاة المتشددين، وتعزيز سلطة الشرطة الدينية.
وتنقل الصحيفة عن المحلل السياسي والدبلوماسي السابق عبدالله الشمري، قوله إن الملك الجديد استفاد من التوجهات الاجتماعية المعقدة من القبلية إلى الوهابية التي تربط السعودية، ويضيف أن "الملك سلمان يعيد السعودية إلى وضعها الطبيعي، فهو يقوم بإعادة تفعيل سيطرة الهوية الوهابية على البلاد؛ من أجل تقويض الدعم لتنظيم القاعدة"، مخالفا في هذا من يقولون إن النسخة الطهورية السعودية للإسلام تشكل جذور التطرف الجهادي.
ويجد التقرير أنه بالنسبة للسعوديين فإن التغير الذي حصل، خاصة في نظر الشباب السعوديين، هو أن الجيل القيادي متقارب في العمر، فالأمير محمد بن نايف في الخمسين من عمره، وأما الأمير محمد بن سلمان فهو في الثلاثين من عمره، وقد حضرا قمة كامب ديفيد هذا الشهر، واجتمعا مع الرئيس باراك أوباما.
ويذكر كير أنه إلى جانب منصبه وزيرا للدفاع، فإن الأمير محمد بن سلمان يترأس المجلس الاقتصادي، الذي يحاول الدفع باتجاه الإصلاح الاقتصادي.
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن المسؤولين الغربيين والباحثين يخشون من أن يؤدي تراكم السلطات في يد الأمير الذي لا يملك الخبرة إلى نهاية الحكم بالإجماع في المملكة. وتقول كينيمونت: "وضع نجل الملك في هذا الموقع نادر في السعودية، لدرجة أنه يعد سابقة".