قالت صحيفة "التايمز" إن حربا طائفية تلوح في الأفق مع بدء العملية العسكرية، التي أعلنت عنها الحكومة العراقية في محافظة الأنبار، كبرى المحافظات العراقية، التي يسيطر على معظمها
تنظيم الدولة.
وتقول الصحيفة في تقرير أعده كل من كاثرين فيليب ومايكل إيفانز: "قالت المليشيات الشيعية إنها تقود عملية هجوم واسعة تهدف إلى إخراج تنظيم الدولة من معقله القوي في الأنبار، وهو تطور يهدف إلى جر البلاد إلى حرب طائفية جديدة".
ويضيف التقرير، الذي اطلعت عليه "
عربي21"، أن "قوات الحشد الشعبي، وهي مظلة تعمل من خلالها المليشيات، أطلقت على عمليتها شعار (لبيك يا حسين)، وهي بيعة لحفيد الرسول الحسين، الذي قتل في كربلاء في القرن السابع الميلادي، وكان قتله بداية الخلاف بين السنة والشيعة".
وتبين الصحيفة أن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي كان يأمل بأن يبقي المليشيات بعيدة عن الأنبار، المحافظة التي ولدت فيها المقاومة في مرحلة ما بعد صدام حسين، حيث خاف من أن يؤدي وجود هذه المليشيات إلى إشعال المشاعر الطائفية.
ويشير التقرير إلى أنه تم تنظيم الحملة بعد سقوط مدينة
الرمادي في يد مقاتلي تنظيم الدولة، وتعد أكبر مدينة في المحافظة. وأدى فشل القوات النظامية في الصمود أمام الهجوم الشرس الذي شنه تنظيم الدولة، بحيدر العبادي إلى الاستعانة بقوات الحشد الشعبي.
وتنقل الصحيفة عن المتحدث باسم قوات الحشد أحمد الأسدي ثقته بالنصر، وقوله: "نعتقد أن تحرير الرمادي لن يأخذ وقتا طويلا".
ويلفت التقرير إلى أن الكثير من السنة في الأنبار دعموا تنظيم الدولة، بسبب التهميش الذي تعرضوا له من الحكومة، التي يسيطر عليها الشيعة في بغداد، ما سمح للتنظيم ببناء وجود له بعد أن انتقل من سوريا.
وتورد "التايمز" أن مراقبين يرون أن نشر قوات الحشد الشعبي في الأنبار سيستغله تنظيم الدولة في تحقيق ما يريد، وهو إشعال حرب طائفية في المنطقة. وقال المحلل العسكري العراقي سجاد جياد: "هذا بالضبط ما يريده تنظيم الدولة، إنه يريد حربا سنية شيعية".
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن ثلثي عناصر الحشد الشعبي يتلقون التمويل والدعم من
إيران، وذكر معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى في تحليل نشره على موقعه أن نشر عناصر الحشد الشعبي يعد تحولا في سياسة الحكومة العراقية، من الاعتماد على الولايات المتحدة إلى الاعتماد على إيران.
وتذكر الصحيفة أن إيران والعراق قد وقعتا على معاهدة دفاع مشترك الأسبوع الماضي. وفي يوم الاثنين انتقد قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني، الولايات المتحدة صراحة، متهما إياها بأنها لم تعمل الكثير لمنع سقوط الرمادي، وقال: "لا أحد موجود سوى إيران للقتال ضد هذه الظاهرة الخطيرة".
وينوه التقرير إلى أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما يواجه نقدا بسبب استراتيجيته في مواجهة تنظيم الدولة، ويتعرض لضغوط لإرسال قوات أمريكية خاصة للعمل إلى جانب القوات العراقية، من أجل تحديد الأهداف لضربها من الطيران الأمريكي. وتراجعت الغارات الجوية بشكل كبير؛ خشية أن تصيب بعضها التجمعات المدنية، حيث تعود نسبة 75% منها دون أن تضرب أهدافا.
وترى الصحيفة أنه لو توفرت الغارات الدقيقة التي تستهدف مواقع وحركة التنظيم، لمنعت سقوط الرمادي، حيث استخدم التنظيم فيها 25 شاحنة محملة بالمتفجرات اخترقت دفاعات الجيش العراقي.
ويجد التقرير أن غياب الحضور العسكري الأمريكي على الأرض يتناقض مع الدعم العسكري الإيراني، حيث أرسلت الحكومة في طهران مئات المستشارين العسكريين، الذين عملوا إلى جانب المليشيات. ويقول جياد: "مع الأمريكيين يحتاج الأمر إلى أسابيع او أشهر كي تصل الأسلحة، أما مع الإيرانيين فتصل في غضون أيام".
وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن الولايات المتحدة تفكر في إرسال ألفي صاروخ مضاد للطائرات؛ لاستخدامها ضد الشاحنات المحملة بالمتفجرات، ولكن الغارات الجوية الأمريكية لم تتوقف، رغم وجود مليشيات الحشد الشعبي في الرمادي.