قال الكاتب
الإسرائيلي يوسي ميلمان إن "إسرائيل لن تسكت عن تعرض
الدروز في
سوريا لخطر وجودي".
وأوضح ميلمان، الصحفي الإسرائيلي المختص بالشؤون الأمنية والاستخباراتية، بصحيفة
معاريف في مقال له أن العلاقة التاريخية تربط ما بين الدروز وإسرائيل، التي ترجع إلى عشرينيات القرن الماضي عندما خسر الدروز حلم الاستقلال في جبل الدروز، بعد إلغاء الحكم الذاتي.
وتابع ميلمان أنه بعد ذلك بنحو 30 سنة، ساعد يغئال ألون، الذي وصفه ميلمان بأنه "رجل الجليل وصديق الدروز في البلاد"، بفكرة استئناف استقلال الدروز، كجزء من "فكر جغرافي استراتيجي" لتلك الفترة (1950 - 1980)، تحت اسم "الحلف الإقليمي"، المعتمدة على التحالف مع الدول غير العربية في الشرق والأوسط، والأقليات الدينية الإثنية - كالأكراد في العراق والمسيحيين في لبنان والدروز في سوريا -، لمعادلة العالم العربي عن طريق الموساد.
ونقل ميلمان عن مذكرات ألون، الذي كان حينها وزير التعليم قوله: "زرت السويداء عدة مرات وحلمت بالجمهورية الدرزية التي تقع في جنوب سوريا، بما في ذلك الجولان، في حلف عسكري مع إسرائيل. كما بنيت الكثير على الطائفة الدرزية في البلاد، التي كانت منظمة في الجيش الإسرائيلي في أن يشكلوا جسرا بيننا وبين الدروز الآخرين".
وأشار مقال ميلمان إلى أن المسألة الدرزية قد تطرح مجددا على جدول الأعمال في سوريا، فتجرها إلى التدخل في الحرب الأهلية، وذلك بعد فقدان الأراضي من جانب الأسد وضعف جيشه أمام الثوار، موضحا أن السياسة الإسرائيلة في الحرب السورية أو وضع الحدود من جهة الجولان لم تتغير حتى الآن، وذلك مع الهدوء الذي تحافظ عليه
جبهة النصرة من الجانب السوري من الهضبة.
ونقلا عن مقابلة خاصة لكاتب المقال مع نائب وزير تطوير النقب والجليل أيوب قارا، قال الأخير إن "وضع إخواننا الدروز في الفترة الأخيرة صعب وسبئ ومقلق جدا، مشيرا إلى أن الخطر تجاههم آخذ في الاتساع، وذلك بحسب اتصالات "يومية مستمرة، مباشرة وغير مباشرة مع زعماء الدروز في سوريا" مع نائب الوزير.
ونقل ميلمان أن زعماء الطائفة الدرزية في إسرائيل، الذين يتواصلون بشكل وثيق مع وزير الدفاع والجيش الإسرائيلي، اجتمعوا الأربعاء للتشاور والاستعداد للسيناريو الأسوأ دون قرارات، في إشارة إلى أن زعماء الطائفة سيصعب عليهم الوقوف جانبا دون تحرك "أمام سفك دماء إخوانهم"، بحسب تعبير ميلمان.
وأشار قارا إلى أن
تنظيم الدولة لم يكن يجرؤ على الاقتراب من الدروز، لكن هذا تغير، بحسب تقارير زعم ميلمان وصولها إلى قارا وجهات في إسرائيل، إذ اقترب مسلحو تنظيم الدولة بالدبابات وسيارات الهامر إلى مسافة بضع عشرات كيلومترات من جبل الدروز وأصبحوا قرب مدينة السويداء، مشيرا إلى تقارير وصور "فظيعة عن قطع رؤوس وإحراق رجال ونساء دروز حتى الموت، ممن اعتقلتهم داعش أو اختطفتهم"، بحسب قارا.
مناطق الدروز الثلاث
وأوضح ميلمان أن الدروز موجودون في ثلاث مناطق رئيسية في سوريا: في الشمال، وسفوح جبل الشيخ السوري حتى القنيطرة، وجبل الدروز.
وحول الدروز الموجودين في الشمال، في منطقة حلف ومحافظة إدلب، فهم يتعرضون لهجوم من ثوار جيش الفتح، التي تتضمن جبهة النصرة، وهناك 18 قرية يسكنها 25 ألف درزي، فر عدد كبير منهم إلى الساحل السوري حيث توجد الطائفة العلوية.
المنطقة الثانية "الآمنة نسبيا" بسفوح جبال الشيخ حتى القنيطرة، وأكبر قراها هي "الخضر"، كانت تضم نحو 40 ألف درزي بقي منهم 25 ألفا، وتسيطر عليها جبهة النصرة وفصائل محلية في القرى المختلفة، مشيرا إلى أن حزب الله حاول مؤخرا نشر مسلحيه في المنطقة بقيادة سمير قنطار، الذي تحرر بصفقة تبادل الأسرى والجثث في 2008.
وأوضح الكاتب أن وجود رجال النصرة على الحدود "بارز وقوي"، دون وجود لمسلحي تنظيم الدولة الذين يحاولون الاقتراب من المنطقة، مع وجود كراهية ومعارك كبيرة بينهم وبين النصرة.
وبهذا الخصوص، أضاف قارا أن "هناك رسائل نقلت للنصرة وتنظيم الدولة بحظر لمس الدروز، وأظن أن الرسائل وصلت"، رافضا التعليق فيما إذا كانت إسرائيل هي التي نقلت الرسائل، بقوله "كل كلمة مني ستلحق ضررا، ولهذا سأقول إن الرسائل نقلت والتقطت".
وزعم ميلمان، نقلا عن منشورات أجنبية، أن هناك تعاونا سريا بين إسرائيل والنصرة، غير مستبعد أن يكون مثل هذا التعاون قائما ويسمح بوجود تفاهمات غير مكتوبة ونقل رسائل، تقتضي بأن إسرائيل ستواجه بكل قوتها النصرة أو أي تنظيم آخر في حال لم يحفظ الهدوء بالجولان، أو تم مس الدروز، مضيفا أنه مع ذلك؛ فإن جهاز الأمن يستعد لإمكانية لا تبدو واقعية بأن المئات، إن لم يكن الآلاف من الدروز سيفرون إلى إسرائيل حال حصول أزمة.
التجمع الثالث، والأكبر، للدروز في سوريا هو جبل الدروز، الذي يضم ما يقارب مليون درزي في محافظة السويداء ومئات القرى الصغيرة، وهي المناطق التي "تجرأ مسلحو تنظيم الدولة للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب بالاقتراب من هذه المنطقة"، بحسب النائب قارا، مضيفا أنهم "في الماضي لم يتجرؤوا، أما الآن فهم يتحدثون عن احتلال الجبل، وهم على بعد بضع عشرات الكيلومترات، دون أن يطلقوا النار أو يقصفوا القرى، لكنهم اختطفوا دروزا وأعدموهم، مما دعا الزعماء لحظر التجول الليلي وتخزين الغذاء".
من جانب آخر، قال قارا إن مشكلة أخرى واجهت الدروز، وهي التجنيد الإلزامي الذي فرضه النظام السوري على ما يقارب 27 ألف شاب درزي بسبب ضائقته بالقوى البشرية، وهو ما سيرفع الحماية من النظام السوري حال رفض القيادة الدرزية إرسال الشباب.
وأشار قارا إلى أن هذا "أدخل الدروز في حالة ضغط وخوف أشد، لحاجتهم للدفاع عن أنفسهم وتشكيل مليشيا يترأسها ضباط دروز خدموا في جيش الأسد، بينهم رتب عالية، ويتوقعون المساعدة من كل المصادر"، بحسب نائب الوزير قارا، الذي رفض الإقرار بأن إسرائيل هي أحد مصادر هذه المساعدة، مشيرا إلى أنها لن تبقى صامتة إذا تعرض الدروز - أو أي أقلية أخرى، بحسب قوله - لخطر الإبادة في مواجهة تنظيم الدولة أو أي تنظيمات أخرى للإسلام المتطرف، على حد تعبيره.