نشرت صحيفة لوموند الفرنسية تقريرا حول استخدام جيش النظام السوري للبراميل المتفجرة في عمليات القصف ضد المدنيين، بينت فيه حجم المعاناة التي يتعرض لها السوريون جراء اعتماد الأسد على هذا السلاح، الذي "يعكس رغبته في بث الرعب، واعتماد سياسة العقاب الجماعي ضد المسلحين والمدنيين في آن واحد".
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن عمليات إلقاء
البراميل المتفجرة خلفت مؤخرا موت
الطفل يوسف فؤاد حايك، بشكل مؤلم، تحت أنقاض المبنى الذي انهار تحت وطأة القصف بالبراميل المتفجرة، الخميس الماضي، في منطقة حيّان بريف حلب شمال غرب
سوريا، حيث شاهد والد عائلة حايك جسد ابنه يوسف البالغ من العمر خمس سنوات، وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، ومغطى بالدماء والغبار، بعد أن علق بين سقف منزله المنهار، وأحد البراميل المتفجرة التي لم تنفجر، في مشهد يلخص بكل وضوح بشاعة هذه الحرب التي يشنها النظام على الشعب السوري.
وأظهرت الصور المؤلمة التي نشرت بعد عملية القصف؛ والد الطفل يوسف وهو في حالة انهيار نفسي، بينما كان يتلقى المواساة من أقربائه، وذلك بعد أن فقد كافة أفراد عائلته، المتمثلة في زوجته وخمسة أطفال ووالديه المسنين.
وأضافت الصحيفة أن قوات الجيش الموالية لبشار الأسد، كثفت في الأيام الأخيرة حملات القصف العشوائي بالبراميل المتفجرة، التي تستهدف المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، مما خلف عشرات
القتلى في منطقة حلب وحدها. وقد لقي ستة أفراد مصرعهم، الخميس الماضي، في عملية إلقاء أخرى للبراميل المتفجرة، عن طريق طائرات الهليكوبتر التابعة لجيش النظام السوري، في دير جمال في شمال حلب، وذلك وفقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي أعلن أن يوم 31 أيار/ مايو كان الأكثر دموية منذ مطلع هذه السنة، بعد أن لقي 80 شخصا مصرعهم جراء البراميل المتفجرة في محافظة حلب.
وأشار التقرير إلى أن مجلس الأمن الدولي كان قد أدان، الجمعة الماضي، هذه الموجة الجديدة من عمليات القصف بالبراميل المتفجرة، حيث قال في بيان رسمي، إنه "يندد بهذه الهجمات العشوائية، وخاصة التي استعملت فيها البراميل المتفجرة، التي توسع استخدامها في الأيام الأخيرة". ويذكر أن روسيا التي تعد أحد حلفاء نظام الأسد كانت قد انضمت إلى الــ14 دولة في مجلس الأمن الدولي التي كانت قد أدانت "جميع أشكال العنف ضد المدنيين والبنية التحتية، إضافة للإطارات الطبية".
وقالت الصحيفة إن مدير عمليات مركز الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة، جون غينغ، كان عشية أمس قد قدّر عدد الأشخاص الذين لقوا مصرعهم بهذا النوع من الأسلحة؛ بثلاثة آلاف و600 شخص في محافظة حلب وحدها، منذ بداية الأزمة السورية في آذار/ مارس 2011، والتي خلفت أكثر من 220 ألف قتيل.
وأوردت الصحيفة أن البراميل المتفجرة التي بدأ النظام باستخدامها منذ 2012، خلفت 11 ألف قتيل في مختلف مناطق البلاد، وفقا لتقرير نشرته منظمة العفو الدولية في 5 أيار/ مايو الماضي، اعتبرت فيه أن عمليات القصف العشوائي بالبراميل المتفجرة لمحافظة حلب من قبل قوات النظام السوري "جرائم ضد الإنسانية". وقد أظهرت الصور التي التقطت في المدينة؛ أن السكان أصبحوا يعيشون تحت الأرض، هربا من التهديد الدائم لهذه البراميل.
وأضاف التقرير أن البراميل المتفجرة يتم استخدامها أيضا ضد المناطق التي يسيطر عليها الثوار، مثل محافظة إدلب في الشمال، ومحافظة درعا في الجنوب الغربي. وقد ذكر جهاد الصبيح، وهو رئيس وحدة الدفاع المدني السوري في محافظة درعا، في تصريح لصحيفة لوموند في شهر آذار/ مارس الماضي؛ أن كل يوم مشمس هو يوم حداد في منطقته. واقترح أن تقوم قوات التحالف الدولي، التي تستطيع اكتشاف حركة الطائرات، بإطلاق تحذيرات عند اتجاه طائرة نحو مناطق العمران؛ حتى يتسنى للسكان الاختباء.
وأشار التقرير إلى أن الائتلاف الوطني السوري، الذي يعد القوة الرئيسة للمعارضة، أدان تقاعس المجتمع الدولي في التعامل مع ما يحدث في سوريا، معبّرا عن خيبة أمله من هذه السلبية، عبر بيان رسمي قال فيه: "لولا الحصانة الممنوحة من قبل الصين وروسيا، إضافة إلى الصمت الدولي المخجل، ما كان لبشار الأسد أن ينفذ المجازر بحق الأطفال السوريين الأبرياء، بشكل متواصل منذ أكثر من أربع سنوات".
وأضافت الصحيفة نقلا عن الائتلاف السوري المعارض: "لقد فقد الشعب السوري كل أمل في أن تقوم روسيا أو الصين باتخاذ إجراءات أخلاقية أو عادلة، لكن الخيبة الكبرى تأتي من دول صديقة، تعتبر نفسها مساندة للحرية وحقوق الإنسان، فضلت التزام الصمت والمراقبة من بعيد"، مطالبا بتزويد المعارضة بأسلحة مضادة للطائرات، وذلك لمساعدتهم على مجابهة طائرات جيش النظامي السوري.