كتب علي حمادة: مات نظام بشار
الأسد. موعد الدفن لم يتم الاتفاق عليه، ولا تفاصيل التركة، أي مرحلة ما بعد بشار.
العواصم الكبرى المعنية ومعها بعض العواصم العربية والإقليمية الداعمة للثورة تتفاوض في الكواليس حول المرحلة المقبلة، والجميع متفق على ترك "أنبوب الأوكسجين" معلقا بجسد بشار الأقرب إلى الموت من أي وقت مضى، ريثما يكتمل رسم مشهد المرحلة الجديدة، التي يمكن أن تكون بدايتها دامية جدا مع احتدام الحرب على تنظيم "
داعش"، لمنعه من ملء الفراغ الناجم عن سقوط بشار.
فضلا عن أن مصير منطقة الساحل والجبل حيث تتمركز نسبة كبيرة من العلويين لم تنته المشاورات في شأنها: هل تدخلها "ردع عربية" لتحييدها بعد خروج بشار وبطانته، أم تتمركز فيها قوة سلام عربية - روسية، أو عربية - أوروبية مع مراقبين روس؟
الاقتراحات لا تعد ولا تحصى، والأهم أن القاسم المشترك الذي تنطلق منه جميع القوى المعنية (أمريكا، أوروبا، تركيا، السعودية، قطر وروسيا) هو أن نظام بشار مات، وأن الجهد يجب أن يتركز على حصر النار السورية بأسرع ما يمكن.
على الطاولة اقتراحات لا تعدّ ولا تحصى، حول شكل النظام الجديد، والتركيبة، والسلطة، والجيش، ومصير المخابرات. ولذلك يمكن القول إننا بتنا في ربع الساعة الأخيرة قبل انقلاب المشهد في
سوريا رأسا على عقب.
ويبقى موقف
إيران المتمسك بجثة بشار إشكالية يجري العمل على معالجتها، علما بأن موقف إيران وتورطها مباشرة أو عبر أداوتها المليشيوية مثل "
حزب الله" لا يغير في المآل النهائي: لقد سقطت أو تكاد نقطة الارتكاز الأساسية لإيران في المشرق العربي، أي "سوريا الإيرانية"، ومعها سوف يكون مستقبل "حزب الله" باعتباره أهم استثمار إيراني في المشرق العربي، وسيكون أول المتأثرين بدفن نظام بشار، وتغير المشهد السوري.
مستقبل "حزب الله" مطروح من زاوية الوظيفة المقبلة التي يمكن أن يدفع لتأديتها نتيجة لهزيمة سوريا. فالعودة إلى لبنان بأعداد كبيرة جدا من القتلى قياسا بحجم البيئة الحاضنة والتنظيم نفسه، إنما قد تحتاج إلى تعويض في مكان ما، لبنان ساحة يستسيغ الحزب اللعب فيها على حافة الهاوية.
كما أن هزيمة سوريا المنتظرة ربما استدعت من الإيرانيين العمل على الإمساك بورقة كاملة العناصر، ولبنان ساحة مرشحة لـ"طحشة" إيرانية تعويضية عن سوريا، في محاولة لسيطرة تامة على البلاد بكل مفاصلها ومؤسساتها السياسية والعسكرية والأمنية، حماية للاستثمار الأهم خارج الحدود منذ الثورة سنة 1979.
ولا ننسى أن طهران تدخل تدريجيا عصر سلام مقنع مع إسرائيل، وبالتالي فإن "حزب الله" جزء من السلام المقنع مع إسرائيل: انتهت ورقة ما يسمى "مقاومة".
والسؤال: بعد هزيمة سوريا، إلى أين تستدير بندقية "حزب الله"؟ ونحو من؟
قصارى القول إن "حزب الله" قد يصير أكثر خطورة كلما اقترب موعد دفن جثة نظام بشار وانهيار سوريا الإيرانية.
إننا ندخل مرحلة شديدة الخطورة على لبنان.
(عن صحيفة النهار اللبنانية 27 حزيران/ يونيو 2015)