مع اقتراب الموعد النهائي للتوصل لاتفاق حول البرنامج
النووي الإيراني مع القوى الغربية، والمحدد في 30 حزيران/يونيو، نشرت صحيفة "
لوموند" الفرنسية تقريرا تتطرق فيه إلى ما ترى أنه يمكن أن يشكل نقطا قد تعرقل سير هذه المفاوضات.
وحسب التقرير، فإن تفتيش المواقع النووية يعتبر من النقط الخلافية التي من شأنها أن تكون عقبة أمام التوصل إلى اتفاق نهائي، وذلك بالنظر إلى كون الدول الغربية ترى في شروط نظام التفتيش الضامن الوحيد للتأكد من التزام طهران بتعهداتها في إطار أي اتفاق مستقبلي، حسب ما نقلت "لوموند" عن مصدر دبلوماسي.
فالغربيون يريدون أن يكون مراقبو
الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA)، وهيأة الأمم المتحدة التي ستكون مسؤولة عن التحقق من تنفيذ
الاتفاق، مخولين بالوصول إلى جميع المواقع، بما في ذلك العسكرية منها، وهو الأمر الذي يعتبر نادرا في التاريخ الدولي ولم يتم تطبيقه إلا في حالات قليلة في اليابان وجنوب إفريقيا.
في مقابل ذلك، عبر المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية، علي خامنئي، غير ما مرة عن رفضه لطلبات الغربيين هذه، لاعتباره أنها لا تندرج ضمن البروتوكول الإضافي للوكالة الدولية للطاقة الذرية، والذي التزمت إيران بالمصادقة عليه في الاتفاق الإطار الموقع في 2 نيسان/أبريل الماضي، والذي حدد المعالم الرئيسية لتسوية نهائية بين طهران ودول "1+5" التي تضم الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وألمانيا.
ويسمح هذا البروتوكول بتوسيع نطاق عمليات التفتيش على جميع الأماكن التي يوجد فيها اشتباه في النشاط النووي، وهذا يعني أن "الوكالة لن تفتش بشكل روتيني كل المواقع العسكرية الإيرانية، بل سيتركز عملها فقط في الأماكن التي توجد فيها أسباب تدعو للاعتقاد بأن أمورا ما تحدث بها"، حسب ما نقلت "لوموند" عن مصدر "مؤثر".
تجاوز هذه العقبة سيكون عن طريق سعي الدبلوماسيين للتفاوض في فيينا حول شروط "ولوج منظم" للمواقع الإيرانية، حسب ما جاء في نفس التقرير الذي نقل عن مصدر "مقرب من الملف"، أنه سيتم الاتجاه نحو تحديد نطاق حركة الوكالة ومدة الإعلام القبلي قبل عمليات التفتيش.
وحسب مصادر "لوموند"، سيضغط الغربيون لجعل عمليات التفتيش تشمل كل المواقع التي تعرف أبحاثا نووية، ولو أنها لا تعرف أنشطة نووية فعلية، مع تحديدات ميكانيزمات تدخل الوكالة الدولية في أي اتفاق محتمل، وذلك لـ"تجنب جعل الوكالة مضطرة إلى التفاوض مستقبلا مع طهران حول كل مهامها".
النقطة الأخرى التي يمكن أن تشكل عقبة أمام المحادثات حول الملف النووي الإيراني هي العقوبات الاقتصادية المفروضة على طهران، فتبعا لما أورد تقرير الجريدة الفرنسية، يعتبر الرفع الفوري لهذه العقوبات "القاسية" من أهم المسببات التي جعلت الإيرانيين العودة إلى المفاوضات مع الدول الغربية سنة 2013.
وتتجلى حساسية هذه النقطة في كون الغربيين يستبعدون أي رفع فوري للعقوبات حتى في حال الوصول إلى اتفاق حول البرنامج النووي، يوضح نفس المقال. وحسب خبير أوردت "لوموند" رأيه، فأي رفع للعقوبات مرتبط بمواقف إيرانية في مواضيع خلافية، وحتى في حال حدوث أي اتفاق، فلا يمكن رفع هذه العقوبات قبل نهاية عام 2015، فأي اتفاق محتمل يجب أن يوافق عليه البرلمان الايراني والكونغرس الأمريكي.
البعد العسكري للنشاط النووي الإيراني من أكثر الجوانب تعقيدا في مفاوضات طهران مع الدول الغربية، يضيف التقرير، ففي عام 2011، طالبت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إيران بتقديم معلومات حول 11 نقطة في برنامجها النووي مرتبطة بإمكانية الاستعمال العسكري للطاقة النووية، منذ سنة 2000، وهو ما لم ترد طهران إلا على نقطتين منه إلى حدود اليوم، في وقت يسعى فيه الغربيون إلى تسليط الضوء على كل ما يتعلق بالماضي النووي الإيراني.
بناء على كل هذه المعطيات، فأي اتفاق نهائي يجب أن يتضمن ولوجا للمواقع، للأشخاص، وللوثائق التي لها علاقة بالبعد العسكري للنشاط النووي الإيراني، حسب ما أكد مصدر مقرب من الملف لـ"لوموند"، "الغربيون لا يطلبون من إيران قول كل ما لديها، لكن إذا أردنا التعاون في المستقبل، يجب أن نعرف ما حدث في الماضي"، يقول مصدر دبلوماسي غربي للجريدة، في تلخيص لاتجاه الغربيين في المحادثات.