لاحظ مراقبون اختفاء رئيس الانقلاب عبد الفتاح
السيسي من المشهد الإعلامي لليوم الثالث على التوالي، الجمعة، في
مصر بعد هجمات
سيناء، حيث كان آخر ظهور إعلامي له الثلاثاء، في الكلمة التي ألقاها خلال الجنازة العسكرية للنائب العام هشام بركات الثلاثاء.
وكان السيسي قطع زيارته إلى إثيوبيا، يوم 30 كانون الثاني/ يناير الماضي، حيث كان يحضر قمة الاتحاد الأفريقي، عائدا إلى مصر، بعد هجمات دامية في سيناء، أسفرت عن مصرع نحو 40 شخصا، معظمهم من الجنود، حيث رأس اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وظهر أمام مقره، وإلى جواره أعضاء المجلس، وهو يتوعد بالانتقام.
لكن المجلس عقد اجتماعه الأربعاء، في غياب السيسي، برغم وجوده في القاهرة، وكانت جريدة "الشروق" ذكرت أنه سيتم عقد اجتماع للمجلس، برئاسة السيسي، وبحضور جميع أعضائه، لمناقشة الأوضاع في سيناء.
وعقد المجلس اجتماعه -الذي وُصف بالطارئ، لبحث آخر تطورات الموقف في سيناء- برئاسة القائد العام وزير الدفاع والإنتاج الحربي الفريق أول صدقي صبحي، وهو الخبر الذي تجاهلت نشره الصحف القومية المملوكة للنظام، ومعظم الصحف المستقلة، على غير عادة هذه الصحف، في حالة رئاسة السيسي للاجتماع.
كما غاب السيسي يوم الخميس عن زيارة الضباط والجنود المصابين خلال الهجمات، الذين يخضعون للعلاج حاليا في مستشفيات القوات المسلحة.
وفي المقابل، زار كل من وزير الدفاع الفريق أول صدقي صبحي، ورئيس الأركان الفريق محمود حجازي، وهي الزيارة التي تجاهلت معظم الصحف المصرية الإشارة إليها كذلك.
تحضير صحفي للسيسي
ويبدو أنه لتعويض هذا الغياب -وفق مراقبين- نقلت صحيفة "الوطن"، الخميس، عن "مصادر مطلعة" قولها إن "عبد الفتاح السيسي تابع تطورات الأوضاع، وأكد لقوات الأمن المسؤولة عن سيناء أنه لن يهدأ هو أو الشعب المصري كله إلا بعد تطهيرها نهائيا من الإرهاب، وأن الجيش لن يترك ثأر أي شهيد سقط أو سيسقط على أرض سيناء، ونقلت عنه قوله: "مش عاوز إرهابي واحد يفلت من العقاب.. ولازم يذوقوا نار جهنم بجد، ويعرفوا أن الدم المصري غالي".
ولم تذكر الصحيفة أين قال السيسي هذا الكلام، ومتى قاله لقوات الأمن المسؤولة عن سيناء، برغم أنه لم يتوجه إليها، ولم يزرها، بعد الهجمات الفاجعة، لا هو، ولا وزير دفاعه، ولا أي من كبار قادة جيشه.
عفيفي: السيسي يناقش التنحي للمجلس العسكري
وفي تفسير هذا الاختفاء، زعم العقيد عمر عفيفي، على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أن السيسي يناقش التنحي والتخلي عن السلطة للمجلس العسكري، وتعيين نائب لرئيس الجمهورية (الخطة مستقبل وطن).
وذكر عفيفي أن مصادر أفادت بأن السيسي ناقش الأربعاء فكرة التنحي، وتسليم السلطة للمجلس العسكري لإدارة شؤون البلاد لفترة انتقالية للتمهيد لانسحاب الجيش تماما من الحياة السياسية، ومنعا لسقوط الدولة، وعودة الإخوان للحكم.
وأضاف عفيفي أن السيسي أكد أنه على أتم استعداد للتخلي عن السلطة لو كان وجوده في الحكم هو المشكلة، ومستعد لتسليم السلطة للمجلس العسكري لو كان ذلك سيحل مشكلة مصر، وسيمنع انهيار المؤسسة من التصادم مع الشعب، كما صرح السيسي بأنه لابد من الترتيب لذلك، وعدم ترك البلاد في مهب الريح، وأطلقوا علي الخطة (الخطة مستقبل وطن).
وأشار إلى أن الحضور اتفقوا علي مناقشة الطرح مع الشركاء والأصدقاء من الحكومات العربية والأجنبية لاستطلاع آرائهم ومقترحاتهم في ذلك الأمر، وأنه يبدو أن ذلك الطرح بدأ يأخذ شكل الجدية داخل المجلس العسكري بعدما أكدت التقارير الأمنية أن شعبية السيسي تنهار بالتدريج نظرا لعدم تحقيق أي إنجازات اقتصادية، وتخلي رجال أعمال مبارك عن المشاركة في تشغيل المصانع المتوقفة، وتشغيل العمال العاطلين، كما أكدت التقارير انخفاض الروح المعنوية بين الضباط والجنود، ورفض البعض تنفيذ أوامر النقل لسيناء، والمنطقة الغربية.
استياء في جنازات القتلى
إلى ذلك، شيع المئات من أهالي قرية طليا مركز أشمون بمحافظة المنوفية جنازة ملازم أول "محمد أشرف حماد "، وهو أحد قتلى هجمات سيناء من المسجد الكبير بالقرية، وسط استياء من أسرة القتيل، وأهالي القرية لغياب محافظ المنوفية، ومدير الأمن عن حضور الجنازة، وتقديم واجب العزاء.
دعوة لإقالة وزيري الداخلية والدفاع
وفي ما بدا أنه تململ في صحف الانقلاب، تساءلت صحيفة "التحرير"، الموالية للسيسي، الخميس: "متى يقيل الرئيس وزيري الداخلية والدفاع؟ وأين خطط تأمين سيناء؟"، مكذبة الرقم الذي ذكره بيان المجلس الأعلى للقوات المسلحة لقتلى الجيش في مواجهات سيناء، وهو 17 قتيلا، و13 مصابا، إذ نقلت عن مصدر طبي سقوط 64 شهيدا، وعن شهود عيان: 100 شهيد.
وقالت الصحيفة إن أجهزة الدولة التنفيذية والأمنية والمعلوماتية حافظت على نهج الارتباك والفشل ذاته في إدارة الأزمات والمعركة الشرسة المتصاعدة مع الإرهاب، ولا عزاء للشعب المكلوم لسقوط أبنائه، إما برصاص الغدر، وإما بعجز أصحاب المسؤولية عن أداء مهامهم في حفظ أمن وسلامة البلد، على حد قولها.
وتضاربت التقارير حول الأعداد الحقيقية لعدد ضحايا هجمات سيناء، ففي الوقت الذي قدرت فيه وكالات عالمية الخسائر البشرية بين صفوف الجيش المصري بما يتجاوز الثلاثين على أقل تقدير، أفاد بيان مصور للقيادة العامة للقوات المسلحة بسقوط 17 عسكريا، بينهم أربعة ضباط، فضلا عن إصابة نحو 20 آخرين.
لكن الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، قال في بيان أصدره، الخميس: "يدين الأمين العام للأمم المتحدة الهجمات الإرهابية التي وقعت في الأول من يوليو 2015 بسيناء، والتي ذكرت تقارير أنها قتلت أكثر من 70 جنديا مصريا، بالإضافة إلى إصابة العشرات".