تموج المنطقة العربية بتوترات سياسية وأمنية من الخليج إلى المحيط بدرجات متفاوتة، وفي القلب يقبع الكيان الصهيوني غير بعيد عما يحدث قولا أو فعلا. وفي خضم هذه الحالة، يقدم قائد الانقلاب في
مصر عبد الفتاح
السيسي نفسه على أنه جزء من الحل، والضامن لأمن
إسرائيل من جهة، واستقرار المنطقة التي بها مصالح
الغرب من جهة أخرى، في حين أن مراقبين يرون أنه نفسه جزء من المشكلة.
ضالة السيسي عند الغرب
في هذا الصدد، يقول رئيس لجنة الأمن القومي بمجلس الشورى السابق، رضا فهمي، إن "السيسي بعد عام من رئاسته لا يزال يبحث عن تثبيت شرعيته بالخارج، باللعب في مساحات الفراغ الناجمة عن الصراعات الموجودة في المنطقة".
وأكد لـ"عربي21" أن " النظام المصري يقدم المؤسسة العسكرية على أنها القادرة على ضبط الإيقاع في مصر، وأن يلعب أدوارا في اليمن وليبيا، ويحاول أن يوظف هذه الأوضاع لصالحة".
وانتقد ما أسماه بانتهازية الغرب، مشيرا إلى أنه "لا يعنيه ملف الحقوق والحريات بقدر ما يعنيه أمن إسرائيل، وحاكم مالي لسياساتهم في المنطقة".
واستبعد فهمي أن يكون السيسي جزءا من استقرار المنطقة، "إنما هو جزء من المشكلة بالانقلاب العسكري الدموي الذي قاده على الرئيس الشرعي المنتخب محمد مرسي" حسب تعبيره.
وانتقد استمرار الغرب في استقبال السيسي، "بالرغم من الرفض الشعبي في أوروبا له، وهو ما عبر عنه رئيس البرلمان الألماني المنتخب من الشعب"، مشيرا إلى أن الغرب هو "من ساوم مرسي على شرعيته من قبل مفوضته الخارجية آنذاك كاثرين آشتون بعيد الانقلاب العسكري".
السيسي يرفع شعار الحرب على الإسلام
بدور، أكد المتحدث باسم حزب الأصالة السلفي، حاتم أبو زيد، أن "السيسي لا تعنيه شرعيته في الداخل لدى المصريين، بقدر ما تعنيه لدى الغرب من خلال جولاته الكثيرة في الخارج، وتحوله إلى أداة في يد النظام العالمي"، حسب تقديره.
وقال لـ"عربي21": "إن البضاعة التي يقدمها السيسي للغرب، هي رفع شعار محاربة الإسلام، وليس محاربة تيارات فكرية أو توجهات بعينها، وحماية أمن إسرائيل، وضمان أمن الممر الملاحي بقناة السويس، وعقد صفقات أسلحة ضخمة مع روسيا وفرنسا".
واستهجن أبو زيد ما أسماه خلع النظام "برقع الحياء"، عبر "المجاهرة بالعلاقات الطيبة والحميمة مع النظام الصهيوني، وإعلانه صراحة عمله على حفظ أمن وحدود واستقرار تل أبيب بما يخدم المشروع الصهيوني في المنطقة"، وفق تعبيره.
ودعا أبو زيد إلى عدم "الانخداع بالغرب الذي يدعم الانقلاب العسكري منذ اليوم الأول له، والذي دعم من قبله نظام مبارك لأكثر من ثلاثة عقود"، معتبرا أن حديثهم عن الديمقراطية والحريات "هي للاستهلاك المحلي".
ولم يستبعد تورط الغرب في الانقلاب العسكري "الذي ربما إن لم يحدث لكان وجه إنذارا للشعب المتحرر من قمع حسني مبارك، كما حدث مع الثورة العرابية قبيل الاحتلال الإنجليزي".
مصر ليست بعيدة عن التوتر
من جهته، قال المتحدث باسم حزب مصر القوية، أحمد إمام، إن مصر ليست بعيدة عن بؤرة الصراع في المنطقة، وهي على أعتاب عدم الاستقرار بسبب تردي الأوضاع الأمنية والاقتصادية، وتراجع ملف الحريات؛ ما يرشح الأمور للانفجار".
وأضاف إمام لـ"عربي21": "السيسي بالنسبة للغرب حل للاستقرار المؤقت؛ لأن المنطقة لا تحتمل حالة عدم الاستقرار، ويسعى جاهدا لتقديم نفسه على أنه صمام الأمان مما يجري في المنطقة، ولأمن العدو الصهيوني"، وفق قوله.
ودلل على ذلك "بحالة الود الفريدة من نوعها بين القاهرة وتل أبيب، واختفاء خطاب الانتقاد، ليس في السياسة فحسب، بل وفي الإعلام أيضا الذي كان يمثل متنفسا للقوى الرافضة للعدو الصهيوني سياسيا وشعبيا".
وتابع: "السيسي لا يذكر إلا عدوا واحدا في خطاباته، ولقاءاته مع الغرب، هو
الإرهاب، ويلقى جزء منه قبولا على المستوى الدولي، وبالتالي ينظر الغرب إليه على أن بقاءه على رأس السلطة مفيد لمصالحها مثل إسرائيل".
السيسي بديل الفوضى؟
أما الأمين العام لحزب الدستور السابق، حسام عبدالغفار، فقال لـ"عربي21" إن "السيسي يقدم نفسه البديل للفوضى في المنطقة، التي ترفع من أسهمه بفعل التوترات التي تذكي مخاطر الانفجار"، حسب تقديره.
وانتقد عبد الغفار الثنائية "البائسة" التي تُفرض على الشعب، ويروج لها في الخارج أيضا، حيث "إما الأمن أو الحريات، إما الاستقرار أو الاضطرابات"، مؤكدا أن "الغرب لم يعتبر بما حدث لنظام مبارك، وفشل الرهان عليه".
وأكد أن النظام "بمقدوره أن يكون جزءا من الحل الخارجي عندما ينجح في أن يكون جزءا من الحل في الداخل، واستغلال فرصة مقومات الدولة".