نشرت صحيفة "التايمز" تقريرا للكاتبة بيل ترو، قالت فيه إن الجهاديين في
المغرب يقومون بإرسال المئات من أبناء البلد الفقراء إلى
سوريا؛ لتدريبهم هناك وتحضيرهم لعمليات ضد بلدهم المؤيد للغرب، بحسب ما تقول.
ويشير التقرير إلى أن هناك 1600 مقاتل مغربي، بعضهم مقيم قي أوروبا، وصلوا إلى سوريا، وانضموا إلى تنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية في العراق وسوريا، أو جماعة شام الإسلام، التي أنشأها أفراد قضوا وقتا في معتقل غوانتانامو الأمريكي.
وتبين ترو أن المغرب يعد مقصد السياح القادمين من الغرب، وقد نجا من الاضطرابات التي سادت في ليبيا وتونس. ولكن الجهاديين وجدوا تربة خصبة للتجنيد في المدن الشمالية الفقيرة المغربية مثل تطوان وطنجة ومكناس ونادور، حيث تصل نسبة البطالة إلى 20%، وتبلغ نسبة الأمية 67%.
وتذكر الصحيفة أن الناشطين يعملون من خلال شبكة قوية ومحكمة، ويحصلون على 500 يورو مقابل كل شخص يتم
تجنيده، ويعدون من يتم إقناعهم بالسفر بحياة جيدة ومال ومجد.
وينقل التقرير عن رشيد (47 عاما)، وكان عنصرا سابقا في
تنظيم الدولة، وهو معتقل الآن داخل السجن في المغرب، قوله: "كان هناك رجل هادئ يحضر إلي كل ثلاثة أشهر، ويجلس معي قرب كشك لبيع العطور، قرب مسجد الحي". وتم تجنيد رشيد، الذي لم يتلق تعليما، وجاء من بلدة في الجنوب وهي خوربيكة في الصيف الماضي. ويضيف رشيد: "في البداية أعطاني الرجل 500 درهم مغربي، وهو ما زاد من تجارتي، وعاملني كأنني أمير".
وتوضح الكاتبة أن الرجل الطيب لم يكن في الحقيقة إلا جزءا من شبكة من الناشطين، التي استهدفت الباعة المتجولين، الذين كانوا يكافحون لتوفير احتياجات الحياة اليومية. ويقول رشيد: "بعد ثلاثة أشهر أعطاني 7500 درهم، وحجزنا تذكرة السفر، للاتجاه إلى تنظيم الدولة. أنا لم أغادر بلدتي أبدا، ولكنه وعدني بالجنة".
وتلفت الصحيفة إلى أنه في يوم جمعة من صيف العام الماضي سافر رشيد إلى إسطنبول مع بائع متجول آخر من قرية أخرى، وامرأة وابنها كانت تريد الانضمام إلى زوجها في مناطق تنظيم الدولة. والتقاهم في المطار وسيط، وبعد ثلاثة أيام وجد نفسه مع 50 مغربيا نصفهم من النساء في غازي عينتاب، وهم يحاولون قطع الحدود إلى سوريا.
ويقول رشيد للصحيفة: "لم يكن هناك ماء أو طعام، ولم يكن المهربون جيدين معنا، وكانت المشاهد تشبه جهنم". مشيرا إلى أنه هرب مع أنه كان يعرف أنه سيسجن لو عاد إلى بلاده.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن هناك 35 مغربيا من مدينة طنجة وما حولها قد سافروا الشهر الماضي إلى سوريا. ولم يكن الهدف دائما هو المال، فعبد العزيز (49 عاما)، الذي يبيع رقائق البطاطا المصنعة، اضطر للذهاب؛ لأن زوجته ليلى مدرسة القرآن، تم إقناعها بالانضمام إلى تنظيم الدولة في مسجدها، حيث شاهدت أشرطة للجيش السوري وهو يلقي براميل متفجرة على الأطفال السوريين، ويقول عبد العزيز: "في يوم لم تأت من العمل، واتصلت بي بعد أيام، وطلبت مني الانضمام إليها في سوريا"، وعندما رفض طلقته على الهاتف.
وتورد ترو أن هشام (21 عاما)، من بلدة فنديق قرب سبتة التي تقع تحت الحكم الإسباني، أصيب بالرصاص في ظهره عندما حاول الهروب من منطقة تنظيم الدولة، حيث حاول قائده هناك منعه من الهروب. ويقول عمه عبد القادر، الذي يعمل سائق تاكسي عمومي، إنهم قالوا له عندما جندوه إنه سيكون بطلا.
وتنقل الضحيفة عن عبد القادر قوله إن هشام "تحدث من السجن عن وجود خلية سرية مكونة من ستة أشخاص اعتقلتها الشرطة المغربية. واتصلوا به لأول مرة عندما كان في طريقه لصلاة الفجر، وقالوا له: (ستنقذ سوريا، وستسهم في بناء الدولة الإسلامية، وستحصل على وظيفة جيدة)، وقد وجد العكس". مشيرا إلى أن خلايا سرية تم تفكيكها، ولكن خلايا جديدة شكلت، ويضيف: "كان من آخر من ذهبوا رجلان سافرا قبل أسبوع، وقيل لنا أن احدهما مات".
ويظهر التقرير أنه في بلدة تبعد عن تطوان 25 ميلا، ذكر حميد (26 عاما) كيف تم تجنيد أحد أبناء عمومته قبل ستة أشهر، حيث أقنعه خمسة شباب بالسفر بعد لقائه في مقهى البلدة. وقال إنهم دفعوا خمسة آلاف يورو لكل شخص أقنعوه بالانضمام للجهاديين.
وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن هناك مخاوف من عودة الجهاديين الذين يتلقون تدريبات في سوريا للقيام بتنفيذ هجمات في بلادهم. وتشهد منطقة المغرب العربي حالة من الطوارئ، بعد هجوم سوسة التونسية، الذي قتل فيه 38 سائحا غربيا.