انتقدت صحيفة "نيويورك تايمز" في افتتاحيتها ما أسمته تواطؤ الولايات المتحدة مع
مصر.
وتقول الصحيفة إن قادة مصر الديكتاتوريين استخدموا ولعقود قوانين الطوارئ لاضطهاد واستفزار منتقدي الحكومة، تحت ذريعة حماية الأمن القومي. مشيرة إلى أنه من المتوقع أن يقوم المسؤولون في مصر بتمرير قانون مستبد في الأسابيع المقبلة، يعطي السلطات صلاحيات واسعة، من أجل أن تواصل قمع من ينتقد الحكومة، وتفرض الرقابة على الصحافة.
وتشير الافتتاحية إلى أن تمرير القانون، الذي يطلق عليه قانون مكافحة الإرهاب، الذي يتم إعداده منذ أشهر، أصبح أولوية بالنسبة للحكومة، بعد الهجمات الكبيرة التي نفذها المتشددون في القاهرة وصحراء سيناء.
وتجد الصحيفة أنه في الوقت الذي يشعر فيه المصريون بالتوتر؛ بسبب العنف المتزايد، فإن السلطات التي يسعى إليها الرئيس عبد الفتاح
السيسي يجب أن تكون محل تدقيق؛ فمصر في وضعها الحالي هي دولة بوليسية. فالمسودات الأخيرة من قانون مكافحة الإرهاب والخطوات الأخرى التي اتخذتها الحكومة تشير إلى تأكيد طبيعته القمعية.
وترى الافتتاحية أن هذا ما يجب أن يكون مصدر قلق للمصريين وحلفاء البلد، وبينهم الولايات المتحدة؛ لأن تكتيكات مثل هذه لن تؤدي إلا إلى جرأة المتطرفين في حالة لم يعط المصريون المحرمون مساحة للتعبير عن مظالمهم.
وتوضح الصحيفة أنه بحسب القانون، فقد يتعرض السكان للتحقيقات الإرهابية، في حال قررت الحكومة أنهم قاموا بالتشويش على النظام العام والسلام الاجتماعي، أو أضروا بالأمن القومي، وتسببوا بأضرار للاقتصاد المصري.
وتفيد الافتتاحية، التي ترجمتها "
عربي21"، بأن القانون يعطي الحكومة صلاحيات لإنشاء محاكم خاصة لمحاكمة المشتبه بتورطهم في الإرهاب، ويوسع قائمة الجرائم التي يقدم فيها المتهم لحبل المشنقة.
وتعتقد الصحيفة أن هذه المحاكم لن تؤدي إلا إلى تدهور أشكال المحاكمات السريعة للإسلاميين، الذين حكم على الكثيرين منهم بالإعدام في محاكم جماعية. ومن بين من حكم عليهم بالإعدام بناء على اتهامات كاذبة الرئيس المنتخب محمد
مرسي، الذي أطيح به في انقلاب 2013.
وتنوه الافتتاحية إلى أن مصر تعتقل حاليا 18 صحافيا بتهمة نشر تقارير يرى المسؤولون في الحكومة أنها غير دقيقة. وسيؤدي القانون الجديد إلى قيود واسعة، فمثلا، لن يسمح للصحافيين بنشر أرقام عن الهجمات الإرهابية إلا تلك التي تصدر عن الهيئات الرسمية.
وتذكر الصحيفة أن وزارة الخارجية المصرية بدأت في الأسابيع الماضية بتوزيع إرشادات على الصحافيين الدوليين، وقدمت لهم قائمة من المصطلحات الواجب استخدامها لوصف المتطرفين، ودعتهم إلى تجنب استخدام مصطلحات مثل "إسلاميين" أو "دولة إسلامية". وحثتهم على وصف المتطرفين بالمتوحشين والمدمرين والذبّاحين.
وتقول الافتتاحية إن "ما يثير خيبة الأمل، وليس الدهشة، أن المسؤولين الأمريكيين لم يعبروا عن قلقهم من قانون مكافحة الإرهاب. ولم تقل وزارة الخارجية في بيان للصحيفة أكدت فيه أن الولايات المتحدة تدعم حرب مصر ضد الإرهاب (لكننا نأمل بأن تكون النسخة النهائية للقانون داعمة للأفراد وحقوق المصريين)".
وتعلق الصحيفة بأنه أمر يثير الضحك؛ لأن مسؤولي إدارة أوباما والمشرعين في الكونغرس كانوا مستعدين لتجاوز الانتهاكات؛ لأنهم يرون في مصر حليفا لا يمكن الاستغناء عنه في منطقة ملتهبة. مشيرة إلى أن الكونغرس أقر نسخا من قوانين الدعم الأجنبي ودعم مصر 1.3 مليار دولار في السنة، وفشل في اشتراط الدعم السنوي بحماية حقوق الإنسان والحكم ديمقراطيا.
وتختم "نيويورك تايمز" افتتاحيتها بالإشارة إلى أنه في السنوات الأخيرة حاول الكونغرس ربط الدعم بشهادة من الخارجية الأمريكية؛ للحد من الاتجاهات الديكتاتورية. والآن تطالب الولايات المتحدة القاهرة فقط بالالتزام بمعاهدة السلام عام 1979، وأن تبقى حليفا لها. وترى أنه من خلال التخلي عن هذه الأهداف الكبيرة، فإن المشرعين الأمريكيين أصبحوا متواطئين مع القمع.