نشر موقع ميدل إيست آي البريطاني تقريرا على إثر القرار الإسرائيلي بإيقاف بث قناة
فلسطين 48، تناول فيه سياسة التضييق التي تعتمدها إسرائيل تجاه وسائل الإعلام الفلسطينية، بهدف فرض خط إعلامي واحد، وتهميش قضايا الشعب الفلسطيني المحتل.
وأورد الموقع، في تقريره الذي ترجمته "
عربي21"، أن الحكومة الإسرائيلية أعلنت الحرب على قناة تلفزية فلسطينينة، بدأت بثها خلال الشهر الماضي، من وحدة إرسال متنقلة قرب مدينة الناصرة المحتلة.
قناة فلسطين 48 التي يقتصر بثها على ست ساعات يوميا، وهو موجه نحو 1.5 مليون مواطن من عرب إسرائيل، تقدم برامج متنوعة، وتناول الأخبار والفنون والتغذية وأخبار المشاهير، بالإضافة إلى برامج الأطفال والمسابقات التلفزيونية.
وأشار التقرير إلى أنه على الرغم من تواضع إمكانيات القناة وطموحاتها، فإن وزير الأمن العام الإسرائيلي، جلعاد إردان، أصدر قرارا بوقفها خلال الأسبوع الماضي، معتبرا نشاطها انتهاكا للسيادة الإسرائيلية.
وذكر التقرير أن قناة فلسطين 48 الفضائية، هي أول قناة موجهة لعرب
الداخل الفلسطيني بتمويل من السلطة الفلسطينية، ممثلة في حكومة محمود عباس بالضفة الغربية المحتلة.
ولذلك يدعي الإسرائيليون أن القناة يتم استغلالها من قبل السلطة الفلسطينية لإيجاد موطئ قدم في الداخل الإسرائيلي"، "لبث المغالطات والتحريض".
ولكن المنتقدين لقرار الغلق يؤكدون أن هذا القرار ليس إلا جزء من حملة واسعة النطاق، تقودها وزيرة الثقافة الجديدة،
ميري ريغيف، ضد الحياة الثقافية لعرب إسرائيل، الذين يمثلون حوالي خمس مواطني إسرائيل.
ونقل التقرير عن أحمد طيبي، العضو العربي في البرلمان الإسرائيلي، "أن الوزيرة ريغيف تعامل الفنانين العرب كما تتعامل الشرطة الإسرائيلية مع المتظاهرين، أي أنهم كلهم أعداء يجب القضاء عليهم".
وذكر التقرير، نقلا عن مقبولة نصار، المذيعة بقناة الشمس التي تبث من الناصرة، "أن إطلاق قناة فلسطين 48 أثار موجة من التفاعل الإيجابي، لأن الأقلية العربية داخل إسرائيل كانت محرومة من الإمكانات التي تسمح لها بتطوير وسائل إعلامية تعبر عنها".
وقالت مقبولة: "إن العرب هنا يعيشون في سجن إعلامي، بسبب عدم وجود أي وسائل إعلامية تذكر غير الوسائل التابعة لإسرائيل، التي تتجاهل همومنا واهتماماتنا. والآن أصبح هنالك أمل بتطوير قناة تلفزية تقدم أفكارا ومبادرات جديدة بعيدا عن الدعايات الإسرائيلية، لأننا جزء من الأمة العربية، ونريد أن نتخلص من العزلة وقيود الاحتلال ونتواصل مع إخواننا".
وأورد التقرير أن وزير الاتصال الفلسطيني رياض الحسن أكد أن "القناة هي فرصة لعرب "إسرائيل" لإطلاع العالم العربي على مشاغلهم ومعاناتهم، وحياتهم الثقافية والاجتماعية والاقتصادية". ولكن بينيامين نتنياهو أمر بالبحث عن وسائل لإغلاق قناة فلسطين 48، خاصة وأن توقيت انطلاقها خلال الشهر الماضي تزامن مع حلول شهر رمضان، الذي ترتفع فيه نسب المشاهدة في العالم العربي.
وأضاف التقرير أن ممثلين عن عرب "إسرائيل" يحذرون من أن وزارة الثقافة منذ حلول ميري ريغيف بها، بدأت حملة ممنهجة ضد الثقافة والفنون العربية. حيث أن هذه الوزيرة -التي كانت متحدثة باسم الجيش الإسرائيلي ومسؤولة على الرقابة العسكرية سابقا-، أعلنت صراحة أنها ستفرض "الرقابة المشددة على الإعلام".
وتأتي هذه النبرة العدائية من ريغيف بالتزامن مع صدور تقرير رسمي كشف أن فلسطينيي الداخل يتلقون جزء ضئيلا جدا من المساعدات الحكومية الموجهة لقطاع الثقافة. بعد أن أمر القضاء وزارة الثقافة بإصدار معلومات تكشف أن 3 بالمائة فقط من ميزانيتها تم توجيهها للعرب.
ونقل التقرير عن جعفر فرح، الذي يرأس "مركز المساواة" المدافع عن فلسطينيي الداخل، "أن الحكومة الإسرائيلية تفعل كل ما بوسعها لحرمان المواطنين العرب من الاستفادة من الدعم الحكومي، لأنها تريد إسكات كل الانتقادات الموجهة لها، خاصة تلك المتعلقة بالاحتلال وانتهاك حقوق الإنسان".
وبحسب "ميدل إيست آي"، فإن ميري ريغيف هددت خلال الأسابيع الأخيرة بإيقاف تمويل فضائين مهمين للثقافة العربية، هما المسرح العربي الوحيد في "إسرائيل"، والمسرح اليهودي العربي للأطفال. وكانت الحكومة قد أوقفت الدعم مؤخرا عن مسرح الميدان بحيفا، بعد عرض مسرحية باللغة العربية حول معاناة السجناء السياسيين في سجون
الاحتلال الإسرائيلي.
وبسبب هذه القرارات، وصفت صحيفة هآرتز ميري ريغيف بأنها "وزيرة قبيحة وستالينية تريد تحويل وزارة الثقافة إلى وزارة الرقابة والمنع والحجب"، كما تعرضت ريغيف لانتقادات كبيرة بعد أن هددت بوقف الدعم الحكومي عن مسرح الأطفال "الميناء" في يافا، الذي يعمل على التشجيع على العيش المشترك، لأن أحد الممثلين رفض تأدية عرض في إحدى المستوطنات في الضفة الغربية.
وفي الختام، ذكر التقرير أن المثقفين والفنانين المنتمين لعرب إسرائيل يخشون من أن
حكومة نتنياهو تمارس التضييق عليهم لإجبارهم على الخضوع لتعليماتها وعدم التطرق لعنصرية الاحتلال وممارساته اليومية. وهو ما بات يهدد بإجبار هؤلاء الفنانين على الهجرة، وفتح المجال لإسرائيل لممارسة المزيد من تهميش هوية وحقوق عرب 48.