كشفت دراسة أمريكية عن
أدوار حزب الله اللبناني العسكرية في كل من
سوريا والعراق واليمن، حيث رأت هذه الدراسة أن حزب الله بات "لاعبا إقليميا يشارك في صراعات تتجاوز منطقة عملياته التاريخية".
وأشار مدير برنامج ستاين للاستخبارات ومكافحة الإرهاب في معهد واشنطن، ماثيو ليفيت، الذي نشر هذه الدراسة إلى أن "الحرب في سوريا غيرت حزب الله بشكل كبير. ففي السابق، كان يقتصر التنظيم على التنافس على السلطة السياسية في لبنان ومحاربة إسرائيل، ولكنه أصبح الآن لاعبا إقليميا يشارك في صراعات تتجاوز حدود منطقة عملياته التاريخية، وغالبا ما يحدث ذلك بالتعاون مع إيران".
ولفت صاحب الدراسة إلى أنه "مما يؤكد هذا التحول الاستراتيجي أنّ حزب الله نقل مقاتليه الرئيسيين الذين كانوا متمركزين سابقا قرب الحدود الإسرائيلية - اللبنانية إلى مركز قيادة أنشئ حديثا في سوريا ومواقع أمامية أبعد من ذلك في الخارج، أي في
العراق واليمن".
وتعرض ليفيت إلى موقف الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله من الحرب في سوريا؛ إذ لفت إلى أن "نصر الله في البداية، عارض إرسال مقاتلين إلى سوريا لدعم الرئيس بشار الأسد، على الرغم من الطلبات المتكررة من القادة الإيرانيين، وخاصة من قائد فيلق القدس قاسم سليماني، ولكن كما ذكرت بعض التقارير، أذعن نصر الله لذلك بعد تلقيه نداء من المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، أوضح فيه أنّ إيران توقّعت قيام حزب الله بدعم حكم الأسد؛ ونتيجة لذلك، جعل تحوّل عمليات حزب الله نحو سوريا وخارجها إلى حدوث تغيير في حزب الله من منظمة لبنانية تركز على السياسة الداخلية إلى قوة طائفية إقليمية تعمل بتحريض من إيران في جميع أنحاء الشرق الأوسط".
واستعرض صاحب كتاب "حزب الله": الأثر العالمي لحزب الله" في لبنان"، ماثيو ليفيت، المؤشرات الهيكلية التي تعدّ أقوى الدلائل على حدوث تحوّل في "حزب الله"، "فمنذ عام 2013، أضاف التنظيم قيادتين جديدتين إلى قواعده الموجودة في جنوب وشرق لبنان - الأولى على الحدود اللبنانية السورية، والثانية داخل سوريا ذاتها. وتشير عملية إعادة التنظيم المذهلة إلى التزام جدي من قبل الحزب بالمشاركة في الصراعات الأهلية التي تتجاوز الحدود اللبنانية".
وواصل ذكر دلائله قائلا: "ومن خلال تثبيت وجوده الجديد في سوريا، نقل حزب الله عناصر رئيسية من القيادة التقليدية العليا في الجنوب على طول الحدود اللبنانية مع إسرائيل. وكان رئيس العمليات الإرهابية الأجنبية في حزب الله مصطفى بدر الدين قد بدأ بتنسيق الأنشطة العسكرية للحزب في سوريا عام 2012، ويرأس حاليا القيادة السورية للتنظيم. وبدر الدين هو أحد القادة المخضرمين داخل حزب الله، وكان متورطا في تفجير الثكنات الأمريكية في بيروت عام 1983، وفي اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في عام 2005، والتفجيرات الإرهابية في الكويت، من بين هجمات أخرى".
ورأى أن "تعيين بدر الدين هو أقوى إشارة قد يعطيها حزب الله عن التزامه تجاه الحرب الأهلية في سوريا. وتشمل تعيينات العناصر الأخرى، القائد في حزب الله منذ فترة طويلة، أبو علي الطبطبائي، الذي نُقل من أحد المواقع في جنوب لبنان إلى قيادة حزب الله في سوريا، حيث شغل منصب أحد كبار الضباط تحت قيادة بدر الدين، وأشرف على العديد من الجنود المدربين تدريبا عاليا الذين كانوا سابقا تحت قيادته في لبنان".
وتابع ليفيت: "يمتد تركيز حزب الله على الصراع السوري ليشمل الصفوف العليا في التنظيم أيضا: فقد وجّه نصر الله أنشطة الحزب في سوريا على الأقل منذ أيلول/ سبتمبر 2011، عندما ذكرت بعض التقارير أنه بدأ يجتمع بالأسد في دمشق لتنسيق مساهمات حزب الله في الحرب الأهلية في البلاد".
وفي السياق، ولكن بمنطقة أخرى ينشط فيها حزب الله، قال صاحب الدراسة إنه "حتى بينما يعمّق حزب الله أنشطته في سوريا، يواصل التنظيم مساعدة المليشيات الشيعية في العراق، ويرسل أعدادا صغيرة من المدربين المهرة لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، والدفاع عن المقدسات الشيعية هناك"
وذكر ليفيت أنه "وفقا لوزارة الخزانة الأمريكية، استثمر حزب الله أيضا في منظمات واجهة تجارية لدعم عملياته في العراق. وكان عضو حزب الله أدهم طباجة، وهو صاحب أغلبية الأسهم في شركة العقارات والإنشاءات "مجموعة الإنماء للأعمال والسياحة" ومقرها لبنان، قام باستغلال الشركات العراقية التابعة لمجموعته لتمويل حزب الله، وذلك بمساعدة رجل الأعمال اللبناني المرتبط بحزب الله، قاسم حجيج، والعضو في وحدة الإرهاب الخارجي التابعة للحزب، حسين علي فاعور".
وطبقا للدراسة، "كما هو الحال في العراق، لم يرسل حزب الله سوى عدد قليل من المدربين والمقاتلين من ذوي المهارات العالية إلى
اليمن. ولكن كما هو الحال في سوريا، تشير المكانة البارزة للعناصر، التي أرسلها إلى هناك، إلى الأهمية التي يوليها الحزب للحرب الأهلية الدائرة في البلاد.
ويشرف قائد العمليات الخاصة السابق والمستشار المقرب من نصر الله، خليل حرب، على أنشطة الحزب في اليمن ويدير عملية نقل الأموال إلى التنظيم داخل البلاد - وكثيرا ما يسافر إلى طهران لتنسيق أنشطة حزب الله مع المسؤولين الإيرانيين. ونظرا لخبرته في العمل مع منظمات إرهابية أخرى، وعلاقاته الوثيقة مع القادة الإيرانيين وحزب الله، وخبرته في العمليات الخاصة والتدريب، لا شكّ في أنّ تعيين "حرب" للعمل في اليمن منطقيّ جدا بالنسبة إلى حزب الله".
وبين أنه "مع ذلك، فإن "حرب" ليس أبرز الناشطين من حيث المكانة، الذين تمّ إيفادهم إلى اليمن من قبل حزب الله. ففي ربيع عام 2015، أرسل الحزب القائد الأعلى للقوات المرابطة في سوريا سابقا، أبو علي الطبطبائي، لرفع مستوى البرنامج التدريبي لجماعة الحوثيين المتمردين في اليمن، الذي ينطوي تدريبهم على تكتيكات حرب العصابات، كما ذكرت بعض التقارير".
وختم مدير برنامج ستاين للاستخبارات ومكافحة الإرهاب في معهد واشنطن، ماثيو ليفيت دراسته بالتذكير بما قاله أحد قادة حزب الله لصحيفة "فاينانشال تايمز" في أيار/ مايو الماضي: "لا يُفترض تسميتنا حزب الله، فنحن اليوم لسنا حزبا، بل نرتدي طابعا دوليا. نحن في سوريا، وفي فلسطين، وفي العراق، وفي اليمن. ونتواجد حيثما يحتاج إلينا المظلومون، حزب الله هو المدرسة التي يطمح كل ساع للحرية إلى ارتيادها".