دعا مدير القوات الخاصة البريطانية السابق سير جنرال غرايام لامب، إلى تدمير الآلة الدعائية لتنظيم الدولة، وفقا لخطة مارشال للعالم العربي يمولها العرب أنفسهم، لإصلاح المنطقة في مرحلة ما بعد
تنظيم الدولة.
ويقول لامب في بداية مقاله، الذي نشرته صحيفة "ديلي تلغراف": "بعد فترة قصيرة من الإطاحة بالرئيس
العراقي الراحل صدام حسين عام 2003، طرح الجنرال الأمريكي ديفيد بترايوس أمام مسؤوليه السياسيين سؤالا معقولا مفاده: قولوا لي أين سينتهي هذا كله؟، ولم يكن أحد يعرف الجواب في وقت كان فيه البلد يشتعل من العنف الطائفي".
ويشير الكاتب إلى أنه شارك في حربي العراق وأفعانستان، وعمل عن قرب مع الجنرال بترايوس، ويقول: "ما يدهشني اليوم، وبعد مضي أكثر من عقد، أن أحدا من المسؤولين السياسيين لم يطرح السؤال ذاته حول تنظيم الدولة؛ لأنه وفي غياب رد غربي قوي، فإنه يتوقع أن تستمر الحرب دون نهاية، حتى يستطيع تنظيم الدولة تحقيق العالمية، بفرض القانون والثقافة والدين الإسلامي على العالم".
ويتابع لامب: "كما هي الأمور، فإن أكثر ما أخشاه أن موقفنا السياسي هو محاولة إدارة هذا الإزعاج البعيد بقدر ما نستطيع، ونتجنب في الوقت ذاته الانخراط بشكل عميق عسكريا. فأن لا نعمل شيئا ليس خيارا. وما عليك إلا أن تنظر للطريقة الذكية التي يستخدم فيها تنظيم الدولة الدعاية، لترى ماذا سيحدث عندما يعاني عدوك من الصمت والتردد وعدم التحرك".
ويلفت الكاتب إلى أن تنظيم الدولة "أنشأ (خلافة) بحجم إيطاليا، ما يسمح له بمواصلة الإبادة والقتل والعنف الطائفي والاسترقاق. وعلى
الغرب أن يعرف أن وقف هذا كله يحتاج إلى وضع عدد من الجنود على الأرض. وقد يكونون جنودا غربيين، ولكن يجب أن يكون هناك جنود عرب. ففي سوريا يجب أن يكون هناك مقاتلون يُسلحون ويتدربون مع الجيش السوري الحر، وكذلك مع القبائل المحلية. ولكن، وبعيدا عن جنسياتهم، فإن هناك حاجة لوجود قوات برية مستعدة للقتال ضد الفاشية الدينية واستعادة الأرض التي أخذت منهم".
ويحذر لامب قائلا: "يجب ألا نسيء تقدير ضخامة التحدي الذي نواجهه، ففي عام 2006 عندما قامت الولايات المتحدة بتجميع أضخم قوات عسكرية وتكنولوجية لديها، وجدت نفسها غير قادرة على هزيمة تمرد مصمم نظمه تنظيم
القاعدة. ولم يتم تحقيق هذا إلا في الفترة ما بين 2007- 2008، عندما قام الجنرال بترايوس بإقناع قادة عشائر محلية بالتحالف مع استراتيجية زيادة عدد القوات الأمريكية، حيث تحقق النصر في النهاية، وتم تدمير تنظيم القاعدة في العراق".
وتبين الصحيفة أن التحدي ذاته قد ظهر اليوم، ويعلق الكاتب بأنه "بعد ثمانية أعوام يبدو أن المشكلة قد عادت إلى الظهور، ولكن بوجوه متعددة، ولا بد من سلوك النهج ذاته إن كان الغرب سيخوض حربا على الجبهات كلها دون تأخر".
ويتوصل الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن "الأولوية الأولى لمواجهة تنظيم الدولة تكون بالتعامل مع آلة تنظيم الدولة الدعائية. ويجب أن نعثر على رواية مضادة وقوية تستطيع التشويش على (
الخلافة الافتراضية)، التي تقوم بإقناع الشبان المسلمين بالانضمام إلى صفوفها، إما كجنود مشاة أو انتحاريين أو ممولين أو مؤيدين فقط".
ويرى لامب أن "الأفعال في عالم (البروباغندا) هي التي تتفوق على الكلام والوعود. ولهذا السبب أعتقد أن الطريقة المريعة التي يعامل فيها تنظيم الدولة السكان الخاضعين لسيطرته ستؤدي في النهاية إلى تفككه، حيث سينتشر في داخل مناطقه الحنق والمعارضة".
ويجد الكاتب أن "هذا هو الأساس الذي يجب أن تبنى عليه الرواية المضادة. فعلينا استغلال الغضب المتزايد بين المسلمين في العالم ضد تنظيم الدولة وأفعاله الشريرة، وعلينا أن نفضح الأكاذيب، ونبين الحقائق، وندحض المزاعم الخاطئة التي تنشرها دعاية التنظيم، مثل طريقة معاملتهم المروعة للمرأة، التي لا ينظر إليها أبعد من كونها بضاعة".
ويمضي لامب قائلا: "علينا أن نوضح أن سيادة تنظيم الدولة لم تتم إلا من خلال الاستفزاز للقبائل المحلية الخائفة من تحدي النظام الإسلامي الوحشي، وأن قوة تنظيم الدولة العسكرية هراء في هراء. فمن خلال فضح أكاذيب تنظيم الدولة، فإننا نقوم بتشجيع الصوت العربي المعتدل، ونساعده على التفوق".
ودعا الكاتب قائلا: "من بين الرسائل المهمة التي يجب أن يتم توصيلها إلى الشبان والشابات المسلمين في
بريطانيا وغيرها، أنه وخلافا لدعاية تنظيم الدولة، فإن استثمار حياتهم من أجل من يقومون بإدارة الخلافة في سوريا أو العراق ليس خيارا جذابا".
ويواصل لامب قائلا: "علينا أن نستهدف في الحملة مالية التنظيم، من خلال تجميد حساباته المصرفية، وبعد ذلك علينا أن نقدم خبراتنا المتقدمة في التدريب وأسلحتنا الدقيقة للجيش العراقي، ونساعده على طرد تنظيم الدولة من معاقله في شمال وغرب البلاد".
ويعتقد الكاتب أن الدعم الدبلوماسي والاقتصادي ضروري، مستدركا بأن تركيز الغرب يجب أن يكون على تزويد العراقيين بالمعلومات الأمنية الدقيقة وبمسشتارين عسكريين وبأعداد أكبر. ويرى أنه يجب التفكير بطريقة جيدة للتعامل مع المنطقة بعد هزيمة تنظيم الدولة.
ومن الأفكار التي يطرحها لامب "خطة مارشال من أجل العالم العربي يدعمها العرب أنفسهم للمساعدة في إعمار المناطق التي يتم استعادتها؛ لأنه من الضروري منح الأمل لملايين اللاجئين الذين أصبحوا بلا مأوى بسبب النزاع القاسي. ويتم تحقيق هذا من خلال العمل الخيري والتعليم، وتوفير المنشآت الصحية الجيدة، وتطوير المهارات المناسبة والسكن وغير ذلك من الحاجيات الضرورية".
ويخلص الكاتب إلى أن الأهم من ذلك كله هو إعادة الكرامة للمشردين، ويجد أن هذا أمر ضروري لمستقبل المنطقة واستقرارها.