لقي عامل نظافة
مصري مصرعه بمحافظة الأقصر، إثر تعرضه لضربة شمس، خلال خدمته التي كلف بها، في أحد طرق المدينة، استعدادا لمرور موكب رئيس وزراء الانقلاب إبراهيم
محلب، خلال زيارته للمحافظة الاثنين.
وتناقلت الصحف المصرية، الثلاثاء، قصة العامل، متسائلة: "كيف يخرج عامل فوق الخمسين من عمره للعمل في مثل هذه الشمس المهلكة، لمدة 12 ساعة متواصلة، حتى لفظ أنفاسه الأخيرة؟".
وقالت صحيفة "البوابة" إن العامل ترك خلفه تركة ثقيلة من الأبناء والبنات لزوجة لا تعرف القراءة ولا الكتابة، ليزداد سجل الأيتام، وتضاف زوجته لقائمة الأرامل اللائي سيقفن لساعات لا حصر لها يطلبن حسنة "معاش التضامن الاجتماعي" التي لا تتعدى الـ300 جنيه، لتضاف إلى راتبه الذي يزيد بقليل عن قيمة المعاش المذكور.
ونقلت صحيفة "الوطن" عن رجب إبراهيم، وهو من أهالي المدينة، أن الضحية اسمه عبدالمنعم خير عبدالمطلب (56 سنة)، وقضى أكثر من 11 ساعة خدمة على الطريق بتعليمات من رؤسائه خلال زيارة محلب للمدينة، موضحا أنه تسلم عمله في السادسة صباحا حتى الخامسة عصرا، وطالب بإقالة رئيس المدينة، وحمله المسؤولية الكاملة عن وفاة العامل.
وقال مشرف نظافة، فضل عدم ذكر اسمه، بحسب "الوطن"، إنه استوقف رئيس المدينة بسيارته المكيفة، وأخبره بأن العمال أصابهم الإعياء، وسيسقطون بسبب الشمس، وارتفاع
درجات الحرارة، إلا أنه أمره باستمرارهم في العمل، تحسبا لمرور موكب رئيس الوزراء.
وتابع: "مرت ساعة تقريبا، وتوفي العامل بسبب ضربة شمس، ولم يستطع زملاؤه إنقاذه، ودخل مستشفى الأقصر الدولي جثة هامدة".
وقال محمد درويش، وهو أحد أبناء المدينة: "
عمال النظافة هنا يبدأون عملهم في السادسة صباحا، وينهونه في الخامسة عصرا.. عم عبده كانت خدمته النهار ده من 6 صباحا استعدادا لزيارة رئيس الوزراء، بينما درجة الحرارة في الأقصر لا يتخيلها بشر، وهو وزملاؤه "مرميون" على الطريق السريع، لا شجرة تحميهم، ولا كوب ماء يبلغهم.. الرجل كبير في السن، ولم يحتمل الشمس.. وقع مرة واحدة، ولم يلحقه أحد".
أما ثروت محفوظ، وهو صاحب محل، فطالب بإقالة جميع المسؤولين بدءا من المحافظ حتى رئيس المدينة، معتبرا أنهم المسؤولون الحقيقيون عن وفاة العامل المسن، لأنهم لم يرحموا سنه، وأوقفوه على الطريق كأن عمال النظافة ليسوا أرواحا بشرية. وأضاف: "الكلاب والقطط لا تطلع على الطريق في هذه الشمس؟".
وتساءل: "هل يعقل أن يقف عامل مسن وسط هذه الأجواء المميتة 12 ساعة متواصلة لمجرد أن موكب رئيس الوزراء سوف يمر من الطريق المكلف بنظافته؟".
ومن جهتهم، طالب العمال بتخفيض ساعات العمل التي تمتد إلى عشر ساعات، مهددين بتنظيم وقفة احتجاجية ضد رئيس المدينة والمسؤولين، لتنفيذ طلباتهم.
وفي المقابل، قرر محافظ الأقصر محمد بدر، إحالة رئيس مركز ومدينة "البياضية"، العميد أحمد معوض، للتحقيق، بسبب الواقعة.
وزار المحافظ عائلة العامل المتوفى، وقدم لها واجب العزاء، وأمر بصرف إعانة عاجلة قيمتها 30 ألف جنيه، كما أنه أمر بسداد مبلغ 19 ألف جنيه، قيمة قرض، كان العامل قد حصل عليه من أحد البنوك قبل وفاته.
لكن رئيس المجلس المصري الدولي لحقوق الإنسان، حمدي نوارة، وصف ما حدث بـ"العبث"، مطالبا بإجراءات سريعة عند الأزمات. وأضاف: "10 أيام وكل يوم يرتفع عدد
الوفيات، والدولة تكتفي بعرض الإرشادات بتوخي الحذر، وشرب الماء.. أي ماء هذا الذي يقي عمال النظافة وغيرهم من الموت؟ وهل أرواح الفقراء رخيصة لهذا الحد؟".
وكانت وزارة الصحة المصرية أعلنت الاثنين عن ثماني حالات وفاة جديدة، بسبب الإجهاد الحراري، ليرتفع عدد ضحايا الموجة الحارة إلى 107، منذ 10 أيام، أغلبهم من كبار السن، فيما أصيب 295 آخرون، خرج منهم 173 شخصا من المستشفيات لتحسن حالاتهم.
وطالبت الوزارة، في بيان لها الثلاثاء، المصريين، خاصة كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، كارتفاع ضغط الدم والسكر والقلب، والأطفال، باتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة، وأبرزها عدم التعرض المباشر للشمس، وعدم الخروج من المنزل إلا في حالات الضرورة القصوى، مع الراحة في مكان جيد التهوية، وبعيدا عن الشمس، عند الشعور بالتعب.