توقع محللون سياسيون
فلسطينيون، أن تُلقي حادثة خطف أربعة فلسطينيين على يد مسلحين، في وقت متأخر من مساء الأربعاء الماضي، في منطقة شمال سيناء
المصرية، بظلالها "سلبا" على العلاقة بين حركة المقاومة الإسلامية (
حماس) ومصر.
ورأى المحللون أن أي نهاية مؤسفة لحادثة خطف الفلسطينيين الأربعة، ستحدث شرخا قويا بين حركة حماس التي تدير مقاليد الحكم في قطاع
غزة، وبين السلطات المصرية، وقد تنهي حالة "التطور الإيجابي" الذي طرأ مؤخرا على العلاقة بين الطرفين.
ويقول الكاتب السياسي، وعميد كلية الآداب بجامعة الأمّة بغزة، عدنان أبو عامر، إن العلاقة بين مصر و"حماس" لم تتحسن بالشكل المطلوب، وشهدت فقط نوعا من التهدئة "الإعلامية" و"السياسية".
ويضيف أبو عامر، أن "هذه الحادثة الخطيرة تلقي بظلالها السلبية على العلاقة بين الطرفين، خاصة في ظل عدم صدور رواية رسمية مصرية حتى اللحظة، مقنعة بالنسبة للفلسطينيين ولحركة حماس، وهذا الصمت المصري تراه حركة حماس صمتا مريبا مخيفا".
وأكد أبو عامر أن حركة حماس ترى في تلك "الحادثة" مؤشرا خطيرا، وتحولا غير متوقع، فالعشرات من أبناء "حماس" والمنتمين لها يسافرون من معبر رفح.
واستدرك بالقول إن "هذا الحدث أمنيا وسياسيا، تعتبره الحركة خطيرا".
وفي حال انتهت حادثة الخطف بصورة لا يتمناها أي فلسطيني فإن الأمور، وفق أبو عامر، ستكون مفتوحة على كل الخيارات "السيئة".
وتابع بأنه "لا أحد يملك مفتاح إجابة (ماذا سيجري؟)، سوى الجهة الخاطفة، ومن يقف ورائها".
وأعرب أبو عامر، عن أمله في أن تنجح الاتصالات والجهود لتجنيب الفلسطينيين ما وصفه بـ"المأساة الأخرى"، وتداعيات لا يمكن تحملها في المرحلة الراهنة.
ولا يزال الغموض حتى اللحظة يكتنف مصير أربعة فلسطينيين، اختطفوا على يد مسلحين مجهولين، في وقت متأخر من مساء الأربعاء الماضي، في منطقة شمال سيناء المصرية، بعد إطلاق النار على حافلة كانت تقلهم مع مسافرين آخرين من معبر رفح البري على الحدود بين قطاع غزة ومصر، إلى مطار القاهرة الدولي.
كما لم تتبنَ أي جهة مسلحة عملية اختطافهم.
وقال متحدث باسم كتائب القسام الجناح المسلح لحركة حماس الجمعة، إن "اختطاف 4 من الفلسطينيين في سيناء لا يمكن أن يمر مرور الكرام وتفاصيل الحدث وجزئياته باتت بين يدي قيادة الكتائب" دون توضيح مزيدا من التفاصيل.
وأضاف :"سنلتزم الصمت تجاه هذا الأمر ولن نتحدث كثيرًا، ولكن القسام علّم العالم أن أفعاله سبقت أقواله، وفي الوقت المناسب سيعلم الجميع صدق ما نقول".
وكانت حماس اعتبرت أول أمس في بيان لها تلقت وكالة الأناضول نسخةً منه أن اختطاف الشبان الأربعة "حدث خطير يكسر كل الأعراف الدبلوماسية والأمنية للدولة المصرية".
وأضافت: "تأتي خطورة الحادث كونه لأول مرة يكسر كل الأعراف الدبلوماسية والأمنية للدولة المصرية، بحيث يبدو أنه انقلابٌ أمني وخروجٌ على التقاليد".
ولم تقدم الحركة في بيان أمس، مزيدا من التفاصيل حول مقصدها صراحة من التصريحات السابقة.
وتابع البيان قائلا: "الأمر يستدعي سرعة ضبط هذه العناصر وإعادة المختطفين، حتى لا يؤثر ذلك على العلاقات الفلسطينية المصرية في الوقت الذي يسعى فيه الطرفان إلى توطيد هذه العلاقة".
وأشارت الحركة إلى أن الحافلة التي استهدفها المسلحون، كانت في "حماية الأمن المصري، على مسافة قريبة من معبر رفح، حيث تم إطلاق النار عليها وإجبارها على التوقف والصعود إلى داخلها ومناداة أربعة من الشباب بالاسم من كشف كان بحوزتهم، ثم انطلقوا بهم إلى جهة مجهولة".
والمختطفون الأربعة، هم طالبان وجريحان: ياسر زنون، وحسين الزبدة، وعبد الله أبو الجبين، وعبد الدايم أبو لبدة.
وتقول عائلات المختطفين إنها لا تعرف حتى اللحظة مصير أبنائها و ليس لديها أي معلومة عنهم، كما أنها نفت أي علاقة لهم بأي تنظيم.
ويعتقد عبد الستار قاسم، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت، برام الله، وسط الضفة الغربية، أن الحادثة قد تؤدي إلى تدهور العلاقة بين حركة حماس ومصر.
وأضاف أن "العلاقة أصلا متشنجة، والإعلام المصري يحرض تجاه الفلسطينيين بشكل مستمر، وأمام هذا الغموض، وفي حال انتهت الأمور بشكل سيئ، فإننا أمام مرحلة خطيرة، لا يمكن لأحد أن يتوقع إلى أين ستؤول".
غير أن قاسم طالب حركة حماس، بالتحلي بأقصى درجات "الحكمة" و"الهدوء"، وأن تقوم بتكثيف جهودها السياسية والأمنية ومخاطبة الأطراف ذات العلاقة، للعمل على إنقاذ المخطوفين ومنع أي تدهور يؤثر على حياة الفلسطينيين بأكملهم في قطاع غزة.
ومن جانبه، أعرب طلال عوكل الكاتب السياسي في صحيفة الأيام الفلسطينية الصادرة من الضفة الغربية، عن خشيته من أن تؤثر هذه الحادثة بالسلب على العلاقة بين "حماس" ومصر.
وأضاف: "صحيح أن العلاقة بين الطرفين ليست وردية، ولكنها في الآونة الأخيرة شهدت نوعا من التحسن انعكس إيجابيا على سكان قطاع غزة، وتم فتح المعبر على فترات متباعدة، كما أنه تم السماح بإدخال مواد بناء، ومصر تعتبر الراعي الرئيس لكثير من الملفات الفلسطينية".
وكان قياديون في حركة حماس، قالوا في تصريحات سابقة إن العلاقة مع مصر، شهدت نوعا من التطور الإيجابي.
وتعتبر مصر الراعي الرئيس لمفاوضات التهدئة بين الفلسطينيين والإسرائيليين بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة في السابع من تموز/ يوليو 2014، كما أنها الراعي الرئيس لملف المصالحة الفلسطينية، واستضافت في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي مؤتمرا لإعادة إعمار غزة.
ويرى عوكل، أن التعامل مع الحادثة يحتاج إلى "تعقل" و"ترو" من قبل كافة الأطراف وأن يتم الابتعاد عن لغة التراشق الإعلامي، كي لا يزيد التوتر بين الطرفين.
وقال: "يجب أن يتم الضغط دبلوماسيا وسياسيا وأن تتكثف الاتصالات لإحباط أي توتر أو تداعيات، من شأنها أن تتسبب للفلسطينيين بمزيد من الخلافات التي لا يعلم أحد إلى أي درجة يمكن أن تصل".
وتوترت العلاقة بين مصر وحركة حماس منذ الإطاحة بمحمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب، في تموز/ يوليو 2013، أعقبها في آذار/ مارس العام الجاري، حكم قضائي بوقف نشاط الحركة داخل مصر، وحظر أنشطتها بالكامل، والتحفظ على مقراتها داخل البلاد، وذلك قبل أن تلتقي قيادات بالحركة (ضمن وفد من منظمة التحرير الفلسطينية على رأسها فتح) مع أجهزة السلطات المصرية الحالية على طاولة واحدة، من أجل التوصل إلى تهدئة مع إسرائيل في قطاع غزة.
واستمر بعد ذلك سفر قيادات حركة حماس إلى مصر، وسط تصريحات إيجابية لقادة الحركة وناطقيها حول العلاقة الجيدة مع مصر.
وأصدرت محكمة "الأمور المستعجلة" المصرية، في السادس من حزيران/ يونيو الماضي، قرارًا يقضي بإلغاء اعتبارها "منظمة إرهابية".