نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا للكاتب ديفيد إغناتيوس، قال فيه إن
جبهة النصرة، التي تعد الجناح السوري لتنظيم القاعدة، أعلنت عن تكبدها خسائر كبيرة بعد قيام الطائرات الأمريكية دون طيار بعدة هجمات الشهر الماضي؛ دفاعا عن المعارضة المعتدلة، التي يطلق عليها "الفرقة 30".
ويورد التقرير ما كتبه المقاتل الهولندي، الذي يطلق على نفسه اسم أبي محمد الهولندي على "تويتر": "تسببت
الغارات الأمريكية باستشهاد عدد من إخوتنا الأعزاء، ونحن من جانبنا في جبهة النصرة قمنا بتراجع تكتيكي؛ للتقليل من عدد الضحايا المحتمل بسبب تلك الغارات".
وتذكر الصحيفة أن جبهة النصرة قد خسرت ما بين 30 إلى 40 مقاتلا نتيجة الغارات الأمريكية، بحسب مسؤول يشارك في عملية تدريب وتجهيز "الفرقة 30". وقال إن خسائر جبهة النصرة في الأرواح كانت بمعدل 1:5 خلال هجومها على الفرقة. مشيرا إلى أن هذا المعدل شجع المزيد على الانضمام "للجيش السوري الجديد"، وهو الاسم الذي يطلق على القوات المعتدلة. وأضاف المسؤول أن أمريكا وحلفاءها جادون في الدفاع عن حلفائهم.
ويقول الكاتب: "هذه المعلومات الجديدة رسمت صورة أقل قتامة من تلك التي وصفتها (بسلسلة الأخطاء) في مقال لي يوم 20 آب/ أغسطس، حول قصة (الفرقة 30). ومع أن المسؤولين الأمريكيين يعترفون بوقوع أخطاء في التخطيط والمعلومات، فإنهم يقولون إن المواجهة بين الفرقة وجبهة النصرة انتهت إيجابيا لصالح القوات السورية المعتدلة. وباستخدام الطائرات دون طيار أكدت أمريكا أنها مستعدة للقتال بعد الانتكاسات".
ويرى إغناتيوس أن ما ينشره أعضاء جبهة النصرة ساعد على إلقاء الضوء على ما حصل في الأيام التي تلت إدخال 54 مقاتلة من "الفرقة 30" المدربة أمريكيا إلى منطقة عزاز الحدودية السورية شمال حلب في 12 تموز/ يوليو.
ويجد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، أنه بسبب كون هم المعارضة بشكل عام هو قتال
تنظيم الدولة، فإن القيادات العسكرية الأمريكية لم تتوقع أن تقوم جبهة النصرة بمهاجمة الفرقة 30، ولكنها فعلت، ففي 29 تموز/ يوليو تم اختطاف سبعة مقاتلين، تبع ذلك هجوم في 31 تموز/ يوليو.
وتفيد الصحيفة بأن البيان الصادر عن جبهة النصرة يقول إن الاختطاف كان نوعا من الاستطلاع "حيث أنه من واجب جبهة النصرة التحقيق والحذر من مشاريع كهذه، فقامت الجبهة باعتقال عدد من الجنود في الفرقة، وأكدوا حقيقة مشروعهم للجبهة؛ وأنهم عملاء يعملون لأجل المشاريع والمصالح الأمريكية في المنطقة".
وينقل التقرير ما أوضحه الهولندي بشكل منفصل أنه: "بعد التحقيق تبين للنصرة ما تعتزمه هذه الفرقة القذرة التي تدعمها أمريكا. وأصبح من الواضح أن مركز القيادة الأمريكية على اتصال مباشر مع قادة الفرقة 30، ما سهل على أمريكا الرد بسرعة بغارات الطائرات المقاتلة والطائرات دون طيار، فكان الهجوم عليهم لتلقينهم الدرس بأننا لن نقبل بأي مجموعة تقاتل لصالح دولة أجنبية وأجندتها غربية".
ويصف الكاتب ساحة المعركة في شمال
سوريا بالمربكة؛ لأن جبهة النصرة كانت لوقت قريب تقود المعركة ضد تنظيم الدولة، ولكن جبهة النصرة أعلنت في 9 آب/ أغسطس، أنها تسحب مقاتليها من منطقة القتال ضد تنظيم الدولة شمال حلب؛ لأنها لا تريد أن تتعاون مع أمريكا وتركيا.
وتستدرك الصحيفة بأن مسؤولا في التحالف قال إن المقاتلين المعتدلين ملأوا الفراغ الذي تركه مقاتلو جبهة النصرة المنسحبون، وإن الغارات الجوية المكثفة لأمريكا وحلفائها قصفت تنظيم الدولة على طول خط مارع في الأيام الماضية.
ويبين التقرير أنه وبحسب بيان جبهة النصرة، فإن الانسحاب هو انسحاب تكتيكي: "في مواجهة الوضع الراهن لم يكن أمامنا سوى الانسحاب، وترك مواقع رباطنا مع المرتدين شمال ريف حلب ليحل محلنا أي فصيل مقاتل في تلك المناطق".
وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى أنه بالرغم من الانتكاسات الأولى، فقد رحب قائد الفرقة 30 الملقب بـ"أبي اسكندر"، بغارات الطائرات الأمريكية دون طيار، وقال لمراسلة تلفزيون "الآن" جنان موسى: "إنه لا يحمل شيئا ضد أمريكا".