اهتمت الصحف الغربية الصادرة الإثنين بالحكم الصادر في
مصر بالسجن ثلاث سنوات لثلاثة من صحفيي شبكة الجزيرة القطرية في القضية التي عرفت إعلاميا بـ "خلية الماريوت"، والتي أثارت موجة واسعة من الانتقادات محليا ودوليا.
وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إن "الحكم على الصحفيين مسيس ولا أساس له من الصحة، ويعكس قدرا من التحدي لقائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي".
ولفتت الصحيفة إلى أن هذا الحكم أدهش كل متابعي القضية، خاصة وأن المسؤولين المصريين وعلى رأسهم عبد الفتاح السيسي تحدثوا كثيرا عن أن القضية برمتها مصدر إزعاج له، وأنهم يرغبون في إنهاء الأمر، وهو ما جعل دفاع المتهمين وأسرهم يتوقعون براءتهم.
وأضافت الصحيفة الأمريكية، "بدلا من الإفراج عنهم، أصدر القاضي حكما بإدانتهم مجددا بتهمة نشر أخبار كاذبة عن مصر، في مشهد يوضح عدم السيطرة الكاملة للسيسي -الذي كان يتمنى ترحيل الصحفيين بدلا من محاكمتهم- على أركان حكمه، وأن القضاء لا يطيعه في كل أوامره".
تجسيد للقمع
ونقلت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية عن المحامي الكندي "جاري كارولين"، أحد المدافعين عن الصحفي "محمد فهمي" قوله: "إن هذا الحكم العبثي يثير الغضب، فلا يوجد دليل واحد على أن المتهمين ارتكبوا أي جريمة تستحق العقاب، إلا إذا كانت مهنة الصحافة نفسها تعد من الجرائم في مصر".
أما صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأمريكية فقالت إن "الحكم على صحفيي "الجزيرة" يعد تجسيدا واضحا لحملة القمع المستمرة في مصر منذ الإطاحة بالرئيس محمد مرسي في انقلاب تموز/ يوليو 2013".
وأضافت الصحيفة، في تقرير لها الأحد، أن سجن صحفيي "الجزيرة" أثار استياء دوليا واسعا خاصة من منظمات حقوق الإنسان والمدافعين عن حرية الصحافة.
وكانت محكمة جنايات القاهرة قد قضت السبت الماضي بالسجن المشدد لثلاث سنوات على الصحفين "محمد فهمي" و"باهر محمد" والأسترالي "بيتر جريستي"، الذين سبق اعتقالهم في كانون الأول/ ديسمبر 2013، بتهمة دعم جماعة الإخوان المسلمين ونشر مواد إخبارية غير حقيقية تهدد الأمن القومي وتشوه صورة مصر في الخارج.
وينفي الصحفيون الثلاثة وشبكة الجزيرة تلك التهم، وعلى الرغم من ذلك صدر ضدهم حكم سابق العام الماضي بالسجن عشر سنوات لمحمد، وسبع سنوات لكل من فهمي وجريستي.
العفو الرئاسي.. الأمل الأخير
بدورها، علقت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية على القضية بقولها إن "نظام السيسي لا زال مصرا على قمع حرية التعبير في مصر وتجاهل الانتقادات الدولية بهذا الشأن، وأضافت أن المتهمين الثلاثة لم يتبقى لهم إلا التعلق بالأمل الأخير المتمثل في الحصول على عفو رئاسي من قائد الانقلاب".
ونقلت الصحيفة عن الصحفي "بيتر جريستي" قوله :"كنت أتوقع صدور حكم لنا بالبراءة في القضية في ظل غياب أي أدلة تديننا، وطالما لم يحدث ذلك وتم الحكم علينا بدوافع سياسية، فأتمني أن نحصل على عفو رئاسي".
وكان "محمد فهمي"، الذي يحمل الجنسيتين المصرية والكندية قد تنازل منذ ثلاثة أشهر عن جنسيته المصرية مقابل إخلاء سبيله، كما حدث مع زميله الأسترالي "بيتر جريستي" الذي تم ترحيله من مصر بموجب قررا من رئيس الجمهورية.
ضجة مفتعلة
وكانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قد أعربا استنكارهما للحكم، ووصفوه بأنه "انتكاسة للديمقراطية وحرية التعبير في مصر".
وأدانت منظمتا "مراسلون بلا حدود" و"حماية الصحفيين" الحكم وقالتا إنه مشين ويتجاوز كل الحدود، وطالبتا بإطلاق سراح الصحفيين بشكل فورا.
وفي مقابل هذا التنديد الدولي بالحكم، أصدرت الخارجية المصرية بيانا شديد اللهجة رفضت فيه أي انتقادات للقضاء المصري وأحكامه، وقالت إنه أي تعليق حول هذه القضية يعد تدخلا غير مقبول في الشأن الداخلي المصري.
واستدعت الخارجية المصرية السفير البريطاني بالقاهرة "جون كاسن" للاحتجاج على تصريحاته بشأن الحكم على الصحفيين، قال فيها إنه يقوض الاستقرار في مصر ولا يدعم الحريات وحقوق الإنسان.
وفي هذا السياق، علقت صحيفة "التايمز" البريطانية على رد الفعل المصري على تصريحات السفير البريطاني، وقالت إن نظام السيسي يحدث ضجة مفتعلة، على الرغم من أن الجميع يعلم أن هذه المحاكمة ليست سوى مهزلة.
وطالبت الصحيفة - في تقرير لها يوم الأحد- الغرب بأن لا يقايض المصالح السياسية والاقتصادية له مع نظام السيسي مقابل السكوت على القمع وتقييد حرية التعبير والصحافة في مصر".