روى والد
الطفل السوري، الذي غرق قبالة سواحل
تركيا، وأثارت صورته صدمة في العالم، أن ولديه "انزلقا من بين يديه" حين انقلب المركب الذي كان يقلهم إلى اليونان.
وفقد عبد الله شنو طفليه إيلان (3 أعوام)، وغالب (4 أعوام)، وزوجته ريحانة في الكارثة.
وقال عبدالله شنو متحدثا لوكالة دوغان للأنباء التركية الخميس: "كنت أمسك بيد زوجتي، لكن ولديّ انزلقا من بين يدي. كان الظلام حالكا، والجميع كانوا يصرخون" لحظة بدأ القارب يغرق.
وأضاف: "حاولوا التمسك بالقارب الصغير، ولكن الهواء كان يخرج منه".
وأضاف: "كنا 12 شخصا على متن قارب صيد (فايبر) طوله حوالي خمسة أمتار فقط، وبعد مسافة قصيرة بدأت الأمواج تعلو بشكل كبير، قفز المهرب التركي إلى البحر، ولاذ بالفرار، وتركنا نصارع الأمواج وحدنا، انقلب القارب، وتمسكت بولديّ وزوجتي، وحاولنا التشبث بالقارب المقلوب لمدة ساعة، كان أطفالي لا يزالون على قيد الحياة، توفي الأول جراء الموج العالي، اضطررت لتركه لأنقذ ابني الثاني، توفي ابني الثاني، وبدأ الزبد يخرج من فمه، تركته لأنقذ أمهم، فوجدت زوجتي قد توفيت أيضا، وبقيت بعدها ثلاث ساعات في الماء إلى أن وصل خفر السواحل التركي وأنقذني".
وجلس عبد الله، الذي بدا عليه الحزن الكبير، أمام المشرحة في بودروم الخميس، وهو يمعن النظر إلى هاتفه النقال بانتظار نقل جثامين عائلته في عربة تابعة للبلدية، بحسب ما روى مصور وكالة فرانس برس.
وكانت عائلة عبد الله من بين 12 مهاجرا
سوريا غرقوا ليل الثلاثاء الأربعاء، بعد انقلاب المركب الذي كان ينقلهم من بودروم نحو جزيرة كوس اليونانية.
وأثارت صورة جثة الطفل إيلان ممددا على بطنه على رمال شاطئ بودروم جنوب غرب تركيا لدى نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، ومن ثم على الصفحات الأولى للعديد من الصحف الأوروبية، صدمة حقيقية وموجة تأثر في العالم.
وفي صورة أخرى، ظهر عنصر من قوات الأمن التركية وهو يحمل جثة الطفل بين ذراعيه.
وكان عبد الله وعائلته يحاولون العبور مع ثلاثة سوريين آخرين من مدينة كوباني (عين العرب) السورية الكردية التي شهدت العام الماضي أشهرا من القتال بين المليشيات الكردية وتنظيم الدولة.
وذكرت صحيفة "اوتاوا سيتزن" الكندية أن عائلة عبد الله كانت تحاول الهجرة إلى كندا.
وبيّنت أن شقيقته، وتدعى "تيما"، وتعمل مصففة شعر في فانكوفر التي هاجرت إليها قبل 20 عاما، قدمت طلبا لإحضارهم كلاجئين إلى كندا، إلا أن السلطات الكندية رفضته في حزيران/ يونيو.
ونقلت الصحيفة عن تيما الكردي قولها: "لقد حاولت إحضارهم، وساعدني أصدقائي وجيراني في التحويلات المصرفية، لكننا لم نستطع، ولذلك ركبوا القارب".
وأوضح جهاز الهجرة الكندي أنه لا يملك أي أثر" لملف باسم عبد الله وأسرته. كما أوضح أنه أعاد في المقابل ملفا باسم شقيقه محمد الكردي (شنو بحسب الأسرة السورية) "لأنه كان منقوصا ولم يستوف الشروط النظامية في مجال الاعتراف بصفة اللاجئ".
ولاحقا، أكدت تيما شقيقة والد الطفلين المتوفّيْن، للتلفزيون الكندي: "لم أملأ بعد استمارة عبد الله" شقيقها.
وروى عبد الله كيف بدأت المياه تتسرب إلى القارب بعد أن بدأ رحلته في البحر في منتصف الليل، ما تسبب بانتشار الذعر بين اللاجئين.
وقال: "بدأت المياه تدخل القارب على بعد 500 متر من الشاطئ. ابتلت أقدامنا".
وحاول أن يمسك بطفليه وزوجته، بينما كان يمسك بالقارب الذي انقلب، إلا أنه سرعان ما سحبتهم المياه.
وقال الوالد: "كان الظلام مخيما، والجميع يصرخون؛ لذلك لم تتمكن زوجتي وولداي من سماع صوتي. حاولت أن أسبح إلى الساحل مستهديا بالأضواء، لكنني لم أتمكن من العثور على زوجتي وولدي حين وصلت إلى اليابسة".
وأضاف: "عندما لم أعثر عليهم في نقطة التجمع في بودروم، حيث نلتقي عادة، توجهت إلى المستشفى، وأبلغوني الأخبار السيئة".
وأكد أن عائلته كانت ترغب في التوجه إلى كندا، ولكنه يريد الآن العودة إلى كوباني لدفن عائلته.
وصرح مصدر في مستشفى في بودروم لوكالة فرانس برس بأنه سيتم نقل الجثث جوا إلى إسطنبول في وقت لاحق، وبعد ذلك إلى بلدة سوروتش التركية الحدودية، قبل أن تنقل إلى محطتها الأخيرة في كوباني.
وصرح مصطفى عبيدي، الصحافي في كوباني على الحدود التركية شمال سوريا، بأن عائلة عبد الله كانت تعيش في دمشق حتى 2012، إلا أنها أجبرت على الفرار بسبب الحرب عدة مرات.
وبعد تنقلها مرارا، قررت العائلة الانتقال إلى أوروبا عبر تركيا عندما دخل تنظيم الدولة بلدة كوباني مرة أخرى في حزيران/ يونيو واحتجز الرهائن ليومين.
وأضاف عبيدي أن العائلة مكثت في بودروم شهرا، وادخرت بعض المال، واقترضت البعض الآخر من الأقارب لدفع تكاليف الرحلة.
ونقلت وكالة دوغان عن عبد الله قوله إن العائلة دفعت المال للمهربين مرتين للتوجه إلى جزيرة كوس اليونانية.
وقال عبدالله: "في المحاولة الأولى قبض علينا حرس السواحل، وأفرج عنا لاحقا". وأضاف أنه في المرة التالية "لم يف المهربون بوعدهم، ولم يحضروا لنقلنا في قارب".
ونتيجة لذلك، قرر عبد الله وعائلته القيام بالرحلة المنكوبة بشكل مستقل، فقام مع سوريين آخرين من بلدة كوباني بـ"الحصول على قارب بطرقنا الخاصة، وحاولنا العبور إلى الجانب الآخر".
واعتقلت السلطات التركية أربعة أشخاص يشتبه بأنهم مهربون، وهم سوريون تتراوح أعمارهم من 30-41 عاما، للاشتباه بتورطهم في حادثين أوديا بحياة عائلة إيلان و11 شخصا آخرين.
وذكرت وكالة دوغان للأنباء أن المشتبه بهم متهمون بالتسبب "بوفاة أكثر من شخص" و"تهريب مهاجرين".
وكشف والد الطفل خلال مقابلة مع إذاعة "روزنة" السورية أنه كان يعمل بمهنة "الحلاقة" في العاصمة دمشق قبل بدء الثورة السورية.
وتابع: "اضطرت بعد الثورة للعمل في تركيا براتب يومي 50 ليرة تركية (17 دولار)، حتى لا أمد يدي إلى المارة".
وأكمل: "والدي وشقيقتي وفرا لي مبلغا ماليا، على أمل الذهاب إلى أوروبا للحصول على حياة أفضل لعائلتي ومنزل يؤوينا أو حتى (كامب) لا فرق، حاولت مرات عديدة على أمل أن نصل إلى اليونان، وفي كل المحاولات السابقة كنا نفشل، وقبل فترة وجيزة التقيت بمهربين، أحدهما تركي والآخر سوري، عرضوا عليّ رحلتهم بتكلفة أربعة آلاف يورو لي ولزوجتي، وكانا يريدان أن يأخذا مني ألفي يورو لقاء أطفالي!.. لكني قلت له إنني لا أملك المزيد".
وختم والد "أيلان" حديثه بالقول: "أوجه كلماتي إلى كل العالم، انظروا إلى حال السوريين وترأفوا بهم، ساعدوهم، وخففوا حملهم، خاصة وضع العامل السوري بتركيا الذي يأخذ ربع ما يتقاضاه المواطن التركي، أتمنى أن يصبح ابني الصغير رمزا للمعاناة التي يمر بها السوريون".