سياسة عربية

معهد واشنطن يقرأ تداعيات التدخل العسكري في سوريا

التدخل الروسي سيكون عامل تغيير محتمل لشروط اللعبة العسكرية في سوريا - أرشيفية
التدخل الروسي سيكون عامل تغيير محتمل لشروط اللعبة العسكرية في سوريا - أرشيفية
رأى معهد واشنطن أن "روسيا بدأت بتدخل عسكري ملحوظ ومباشر في سوريا، حيث تعمل على بناء قوة مشتركة للتدخل السريع لشن حملات جو- أرض في محافظات اللاذقية وطرطوس، متجاوزة بذلك دور الإمداد بالأسلحة وتقديم الاستشارة فقط".

وفي محاولة منه لقراءة التداعيات التي ستنتج عن التدخل الروسي العسكري في سوريا، كتب الضابط السابق لشؤون الاستخبارات العسكرية جيفري وايت، على موقع معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، حول دور روسيا العسكري، معتبرا أن الخطوة الروسية "ستكون عامل تغيير محتمل لشروط اللعبة العسكرية، الذي من المحتمل أن يوقف انهيار قوات الأسد، بل أن يقلب المعادلة لصالح النظام السوري".

واعتبر الكاتب أن الخطوة الروسية الجديدة "تتجاوز نطاق الدور الذي لطالما اضطلعت به روسيا على مستوى إمدادات الأسلحة والاستشارة"، منوها إلى أنه "إذا ما تم بناء هذه القوة العسكرية على طول خطوط المعركة المذكورة، فقد تتغير قواعد اللعبة في ساحة الحرب، كما أن هناك تداعيات كبيرة قد تترتب على ذلك القرار".

ولفت ضابط الاستخبارات إلى أن "خطوات روسيا بمثابة جهود استراتيجية مدروسة لدعم النظام السوري من خلال قوات عسكرية مباشرة، بناء على أن قوات بشار الأسد فشلت، وأن الدعم الذي يقدمه حزب الله وإيران غير كاف". 

وفسر "وايت" الانتشار العسكري الروسي في سوريا بالسيناريو الذي "اعتمدته روسيا للسيطرة على شبه جزيرة القرم عام 2014، ففي البداية، تتّخذ روسيا خطوات استباقية غامضة ومكتسية بتصريحات قيادية غير واضحة الأهداف، مقرونة ببناء تدريجي للقوات، ومستفيدة من الغطاء الذي تؤمنه لها النشاطات والمنشآت الروسية الموجودة سابقا في سوريا". 

وأشار الكاتب إلى أن "موسكو استعانت بسفن الإنزال البحرية، إلى جانب 15 طائرة نقل من طراز "أي إن- 124" /"الكندور" و "آي إل-62، إضافة إلى المركبات القتالية (ست دبابات من طراز "تي -90" وخمسة وثلاثين ناقلة جنود مدرعة)، وخمس عشرة قطعة مدفعية، وشاحنات عسكرية ومركبات رباعية الدفع، ووحدات المساكن الجاهزة (لحوالي 1500 شخص) ، ومركز متنقل لمراقبة الحركة الجوية".

وفي معرض التداعيات التي ستنتج عن التدخل الروسي العسكري، قال "وايت": "إذا اتخذت روسيا الخطوات المذكورة أعلاه، فقد تنتج تداعيات كبيرة عن تدخلها، الأمر الذي سيؤثر على الوضع العسكري في سوريا. وقد تتعاون القوات القتالية الروسية مع قوات النظام السوري، معززة بالتالي القوة النارية والدعم الجوي والفاعلية القتالية لصالح النظام. وإذا تضمنت المهمة الروسية توفير التدريبات والأدوار الاستشارية، فقد يساهم ذلك في تعزيز المهارات العسكرية للوحدات السورية. كما يمكن للقوات الروسية أن تقوم بمهام قتالية مستقلة ضد أهداف مهمة".

وواصل في ذكر التداعيات على الصعيد العسكري بقوله: "بإمكان القوات الروسية الكبيرة منح النظام السوري ميزة حاسمة في ميادين القتال التي تعمل فيها قواته، متيحة بالتالي للنظام السوري السيطرة على مراكز حيوية أو بسط نفوذه عليها واستنزاف موارد الثوّار البشرية والعسكرية استنزافا مضاعفا. وقد يساهم تواجد روسيا على أرض المعركة في رفع معنويات قوات النظام بصورة ملحوظة، ويبث الذعر في الوقت ذاته في نفوس الثوّار".

أما التداعيات على الصعيد الخارجي، خاصة على إسرائيل، فاعتبر ضابط الاستخبارات أن "التدخل الروسي قد يقوض إلى حد كبير من العمليات الجوية الإسرائيلية فوق سوريا ولبنان، وعلى وجه الخصوص، مع وجود طائرات حربية وأنظمة دفاع جوي روسية مأهولة، فقد تضطر إسرائيل إلى إعادة النظر في عمليات القصف الجوية على المناطق التي تنتشر فيها القوات الروسية، وقد تُمكِّن بالتالي إيران أو حتى موسكو من تزويد نظام الأسد وحزب الله بترسانة أكثر تطوّرا".

ويبقى الكاتب في تداعيات التدخل الروسي العسكري بسوريا، فعلى الصعيد الخارجي لتركيا، وجد أنه قد "يعزز التدخل العسكري الروسي المتزايد لصالح النظام السوري التحالف الأمريكي- التركي في سوريا بصورة أكثر فأكثر، فبالنسبة إلى أنقرة، تشكل موسكو عدوّا تاريخيا، فالأتراك العثمانيون شنّوا على الأقل 17 معركة ضد الروس لم يحققوا فيها أي فوز. وبالتالي، قد تضطر تركيا إلى الاصطفاف، بشكل وثيق، إلى جانب سياسة الولايات المتحدة في سوريا، بهدف تجنّب أي احتكاك عسكري ضد روسيا على أرض المعركة".

أما التداعيات على الولايات المتحدة، فقال: "إن الخطوة الروسية تشكل تحديا واضحا لواشنطن، حيث تستغل ما قد تصفه موسكو بالتردد الأمريكي إزاء الانخراط في سوريا. وربما يساهم موقف الإدارة الأمريكية الفاتر حتى الآن -الذي تمثل بالبيانات والتصريحات المثيرة للقلق، والمكالمات الهاتفية لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، والجهود المبذولة لمنع الحركة الجوية الروسية إلى سوريا- في تشجيع الروس على اتخاذ قرار التدخل، وهم ينوون متابعته على الأرجح، بالإضافة إلى ذلك، قد يعرقل وجود القوات القتالية الروسية العمليات الجوية للتحالف الدولي - الأمريكي".

وواصل "وايت" حول تداعيات التدخل الروسي العسكري في سوريا بقوله: "كذلك، من شأن العمليات العسكرية الروسية عرقلة الخطط الأمريكية الرامية إلى دعم العمليات البرية في سوريا".

وأنهى الضابط السابق لشؤون الاستخبارات العسكرية جيفري وايت، تقريره حول التدخل الروسي العسكري في سوريا بقوله: "إنّ نيّة موسكو الأساسية من التدخل في سوريا تكمن، على أغلب الظن، في دعم النظام السوري، وليس في محاربة تنظيم الدولة، فالتهديد الرئيسي الذي يواجه النظام غير مرتبط بمعاقل داعش في شرق سوريا ووسطها، بل بمجموعات الثوّار التي تشكل خطرا متزايدا في المناطق الغربية الحيوية لاستمرارية النظام، لا سيما شمال اللاذقية وإدلب وشمال حماة وجنوب دمشق".
التعليقات (3)
أحمد عيد
الثلاثاء، 27-10-2015 10:48 م
على الروس أن يأخذوا بعين الاعتبار، بأن المملكة العربية السعودية وفي حالة أن أعلنت الجهاد ضد الروس، فإنه يجب عليهم مواجهة مليار مسلم في أرض الشام، وكذلك في أرضها، هذا بالإضافة إلى أن المسلمين الروس يشكلون 20% من سكانها والذين يقدر عددهم ب28 مليون، مسلم.
الغريق
الجمعة، 18-09-2015 04:33 ص
التدخل لمواجهة المد الجهادي المتعاضم الذي سينفجر قريبا وسيكتسح الكل من امامه ، مع علم روسيا ان هذه المواجهه خاسرة لكن غباء بوتين والطغمة الحاكمة التي تشبه في ادارتها الحكم المافوي لاتتعلم من اخطاء الماضي
دياب
الجمعة، 18-09-2015 01:28 ص
بجزيرة القرم الروس الن حاضن شعبي بسوريا يتعامل مع ايران والعلويه ضد الثلاثه وعشرين مليون يعني يخسر مهما دفع بقوات لأن القضاء عالشعب السوري مستحيل وسوف تندم موسكو على هالموقف