هاجم القيادي البارز في "
جبهة النصرة" رضوان نموس الملقب بـ"أبو فراس السوري"، حركة
أحرار الشام الإسلامية ملمحا إلى تكفيرها عبر اتهامها بموالاة الدول "الكافرة"، ومحاولة إرضائها.
"أبو فراس السوري" المسؤول عن المعاهد التعليمية في "جبهة النصرة"، والناطق الرسمي السابق باسم التنظيم، اعتبر أن "أحرار الشام توهم المسلمين بضرورة مسايرة قوى الكفر العالمية تفاديا لضررها".
وسخر "السوري" من شعار "أحرار الشام" الشهير "مشروع أمة"، قائلا: "هؤلاء يخادعون الناس، ويقولون (مشروع أمة)، ثم يفسرون ذلك إذا اضطروا إلى مشروع
سوريا فقط ترابا وثوارا، وأخشى أن يأتي الوقت الذي تختصر فيه الأمة إلى مدينة كذا أو مذا".
وأضاف: "هذا التلاعب للوصول إلى تحسين أطروحات أهل الكفر والردة الذي يقوم به السمَّاعون ليقدموها عن طريقهم بشكل أطروحة إسلامية، فيحسنونها، ويقدمونها وكأنهم هم أصحابها، وفي الحقيقة ما هم إلا رسل للمرتدين، وفي أحسن الأحوال ببغاوات يرددون أطروحات المنافقين والمرتدين، ما يجعل هؤلاء السمَّاعين جزءا من الحرب على الإسلام"، في إشارة إلى "أحرار الشام".
وزاد "أبو فراس السوري" في هجومه العنيف على "أحرار الشام"، قائلا: "هؤلاء السمَّاعون يسمعون سحر الطواغيت وأهل الردة، فيأتون ليحرفوا الأدلة الشرعية، ويضعوها له، ثم يريدون قيادة القافلة نحو سوق الخنا، فالحذر الحذر من التساهل، والحذر الحذر من التنازل".
ورد "أبو فراس السوري" على مقالات لبيب النحاس مسؤول العلاقات الخارجية في "أحرار الشام" التي كتبها في صحف أمريكية وبريطانية، ودعا فيها الغرب لإعادة النظر في تصنيف "أحرار الشام" كحركة إرهابية.
حيث قال "السوري": "يذهب أقوام يلتمسون العز والتمكين من قوى الأرض الكافرة، فهل هؤلاء يصدقون الله حقيقة؟ ويؤمنون به حقيقة؟ ويقرؤون القرآن على أنه كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؟!".
وتابع: "تجارتهم مع المشركين بائرة، وصفقتهم مع المرتدين خاسرة، وخطاهم إلى الحق عاثرة حائرة خائرة".
وخوّن "أبو فراس السوري" قائد "جيش الإسلام" زهران علوش، قائلا: "ما هو الفرق بين جماعة السمًّاعين (يقصد أحرار الشام) والزنكي زهران علوش، مع العلم أن السمًّاعين مرتبطون بحلف مع علوش، ويسعون لحلف مع الزنكي وأمثالهم؟!! الكل يقبض من الخارج، والكل يلتزم بأجندة الخارج، وعندما يتحالف السمًّاعون مع أناس من هؤلاء، فهو يدل على أنه لا فروق بينهم".
كما لم يسلم عالما السعودية عبد العزيز بن باز ومحمد بن عثيمين من هجوم "أبو فراس السوري" الذي وصفهم بـ"علماء الطاغوت"، واضعا إياهما في بوتقة واحدة مع سيد طنطاوي، وعلي جمعة.
مقال "أبو فراس السوري" أثار ضجة واسعة بين الجهاديين، بدت خلاله الصدمة واضحة على الكثير من أنصار "جبهة النصرة"، لا سيما أن "السوري" ذاته هو من خرج في شهادة مصورة يتهم فيها تنظيم الدولة بـ"سفك الدماء المعصومة"، ويدعو لمحاربة فكرهم.
بدوره، قام "أبو عبد الله الشامي" عضو اللجنة الشرعية في "جبهة النصرة" بالرد على "أبو فراس السوري" عبر مقال نشره في حسابه عبر "تويتر".
وقال الشامي في مقاله: "لقد بينّا للإخوة الأحرار في كل جلسة ما عندنا تجاههم، وما نراه خطأ في مسيرتهم، بمعزل عن حجم ذلك الخطأ حسبما نرى، وبالمقابل بينوا لنا ما عندهم تجاهنا، وما يرونه فينا، ولكن كل هذا مكانه الجلسات الخاصة، دون تناوله في الإعلام، وسيأتي اليوم الذي يكتب فيه هذا للتاريخ".
وأضاف: "ولكن فرق بين أن نكتب لعبرة التاريخ، وأن نكتب كلاما يؤثر في الحاضر والواقع تأثيرا سلبيا، لأننا لا نتكلم عن تجربة مضت، بل عن تجربة لا تزال قائمة مستمرة".
وأوضح "الشامي" أن بعض الاختلافات بين "جبهة النصرة" و "أحرار الشام" منعتهم من التوحد في جماعة واحدة، مضيفا: "الخلاف الذي بيننا وبينهم لم يرق إلى المستوى الذي جاء في مقالة الشيخ أبي فراس، ولم يرق إلى مستوى الحديث عن المآلات، إذ إنه لا يُحكم على الشيء إلا بوقوعه لا بتوقعه".
مقال "الشامي" أثار حفيظة "أبو فراس السوري" الذي نشر مقالا جديدا قبل يومين بعنوان "مفلسون" هاجم فيه جميع من انتقده على مقاله الأول الذي ألمح فيه بشكل كبير إلى اعتقاده بـ"ردّة أحرار الشام عن الإسلام".
حيث زاد "السوري" في حدة لهجته ضد "أحرار الشام" قائلا: "عندما تٌذكر المساعدات من دول الكفر وأنظمة الردة، أو يُطلبون للاجتماع مع مندوبي أنظمة الردة والكفار، إذا هم يتهللون ويستبشرون، ويلبسون أحسن ثيابهم ويتعطرون، ويقصرون لحاهم، بل ربما يحلقونها، ويتنمرون، ويتدافعون نحو المعبر يتسابقون للقاء السادة كما يتصورون، والحقيقة غير المعلنة أنهم أخرجوا الله جل جلاله من معادلة الصراع مع الكفر، فكيف يأتي النصر".
وفاجأ "أبو فراس السوري" الجميع بزعمه أنه عرض مقالته الأولى على "أبو عبد الله الشامي" قبل شهرين، وكانت محل إعجابه، وفق قوله.
وأضاف: "قال أخونا أبو عبد الله الشامي (كل هذا مكانه الجلسات الخاصة، دون التناول في الإعلام)، صح نومك أيها الأخ الحبيب والمقدام الهمام الذي أحببته في الله".
وتابع: "هل سمعت بمقالات وتغريدات أبي عبد الملك الشرعي، وأبي يزن الشامي، وأبي أيمن الحموي، وأبي سارية الشامي، وهجومهم المستمر على الجبهة والسلفية الجهادية؟!، ومقابلة أبي جابر الشيخ مع تيسير علوني على قناة الجزيرة، وتهجمه على ارتباط الجبهة بالقاعدة؟!".
وبحسب "أبو فراس السوري" فإنه "في الوقت ذاته الذي تتبرأ فيه أحرار الشام من السلفية الجهادية نراهم مستعدون للتعاون مع دول الكفر وأنظمة الردة، وإن يكن سموها بغير اسمها فقالوا نصا: (فإننا نرحب باللقاء والتعاون مع الأطراف الإقليمية والدولية)، بل مستعدون للقتال إلى جانبها".
وأكمل: "نحن نريد أن نقاتل طوائف الزندقة، وعلى رأس هذه الطوائف النصيريون ومن تحالف معهم من الإسماعيلية وعُبَّاد الشيطان، أو يعلنوا توبتهم ودخولهم بالإسلام قبل القدرة عليهم، والأحرار يهدفون إلى حمايتهم وتحقيق الحرية والأمن لهم عبر مقولتهم: إنهم يهدفون (إلى تحقيق الحرية والعدل والأمن المجتمع السوري بنسيجه الاجتماعي المتنوع بكافة أطيافه العرقية والطائفية)، فهل الخلاف هنا مثل الجهر بآمين والإسرار بها؟".
وتابع: "نحن نريد دولة الإسلام التي تحكم بشريعة الله، وهم يريدون (دولة العدل والقانون والحرية)، فهل الخلاف هنا مثل الخلاف في تحريك الإصبع في الصلاة؟ وهم يريدون إعانة دول الردة في حروبها، كما أكد أبو جابر أمير الحركة".
واتهم "أبو فراس السوري" حركة "أحرار الشام" بأنهم "يريدون التوحد مع العملاء وأعداء الإسلام، كما قال أبو أيمن الحموي: {فهذه كلمات أوجهها إلى إخوتي وأحبتي في حركة أحرار الشام الإسلامية بمناسبة قرار الحركة وبيانها، الترحيب بوحدة صف جميع الكتائب والفصائل في سورية واجتماعها في مجلس لقيادة الثورة".
مقالا "أبو فراس السوري" ورده على "أبو عبد الله الشامي" اعتبره العديد من أنصار "جبهة النصرة" محاولة لإسقاط "الشامي" الذي يحظى بشعبية كبيرة بين أنصار التنظيم، ومحاولة لنزع الود بين "النصرة"، و "الأحرار".
"خالد أبو أنس"، أحد مؤسسي حركة "أحرار الشام" دعا "جبهة النصرة" إلى إسكات "أبو فراس السوري"، وتطهير التنظيم ممن يحمل فكره.
وأضاف في سلسلة تغريدات مساء السبت: "أحباءنا في النصرة، إنا لنعلم أن وجود الغلاة بينكم ليس جديدا، ولكنه صار يشكل تيارا يزداد، ولن ينتهي حتى يدمرنا جميعا، وحينها ولات ساعة الندم".
وتابع: "الأحبة في النصرة، حذرنا أكثر من مرة من الغلاة بينكم، ونحن نجزم أنهم معكم للفتنة، وليس محبة لكم، وما منعهم أن يكون مع داعش إلا الوقت أو أمور أخرى، وإن خشيتم من طردهم تناقص الأعداد، فسيعوضكم الله خيرا منهم، ولكم في الماضي عبرة".
وأكمل خالد أبو أنس تغريداته بالقول: "إخواننا في النصرة، وهل تأتي النار إلا من مستصغر الشرر، إن سكوتكم ومجاملتكم وتغزلكم بالغلاة على حساب إخوانكم هو أمر عظيم وشر مستطير، وللصبر حدود".
ووجه "أبو أنس" رسالة أخرى إلى "جبهة النصرة"، قال فيها: "إن هان عليكم إخوانكم وكبرتم عليهم لخاطر حفنة من الغلاة، فإنا نؤكد على محبتكم والخشية عليكم، ولن نألو جهدا في الحفاظ عليكم، فقد اختلطت دماؤنا وأشلاؤنا معا نصرة للشام وأهلها، فهل نضيع التضحيات ونحطم الآمال بنا وأعداؤنا بنا متربصون ولحالنا شامتون".
وفي نهاية حديثه، دعا "خالد أبو أنس" تنظيم "جبهة النصرة" إلى إصدار بيان يوضح معتقد "النصرة" في حركة أحرار الشام الإسلامية، كما دعا أيا من شرعيي "النصرة" المؤمنين بموقف "أبو فراس السوري" منهم إلى مناظرة علنية.
حسام سلامة "أبو بكر"، قائد لواء "جند السنة" التابع لحركة "أحرار الشام"، قال في رسالة إلى "جبهة النصرة": "أقول للإخوة في النصرة، قد رأيتم ما فعل الغلاة والمتدعشنون من كوارث عادت على الجهاد والمجاهدين، فابتروا السرطان قبل أن يستفحل ويستشري بالجسد، وحينها لا ينفع الدواء، ولا الكي أو البتر، بل سيموت الجسد".
وأضاف: "يقول صاحب هذه الصورة -وضع صورة أبو فراس السوري- أننا عاجزون عن الرد عليه بالحجة والبرهان والدليل، فأقول له وأنا أقل قومي وأتحداك بمناظرة مسجلة وعلى رؤوس الأشهاد".
وشارك القيادي المفصول من "جبهة النصرة"، وأحد مؤسسي التنظيم، صالح الحموي المعروف بـ"أس الصراع في الشام" بالرد على اتهامات "أبو فراس السوري" لـ"أحرار الشام".
وفاجأ الحموي متابعيه بقوله إن "60% من قادة وجنود جبهة النصرة يحملون فكر أبو فراس السوري".
وأضاف: "أحيي شجاعة أبي فراس؛ لأنه أعلن عن عقيدته، وكم غردت وقلت إن هناك من يستخدم التقية في الجماعات من غير داعش، فها هو أبو فراس يؤكد ما قلت، بأن 60% من قادة وجنود النصرة يحملون فكره".
وتابع: "يحرج أبو عبد الله الشامي إحراجا كبيرا بقوله إنه عرض عليه المقال، وللأسف أقولها كل شورى النصرة، التي أكد أبو فراس أنها صورية كما ذكرت في بيان الفصل، تعتقد بأحرار الشام كاعتقاد أبي فراس بها".
ووفقا للحموي، فإن "أمير جبهة النصرة أبو محمد الجولاني الذي يقف عاجزا عن كل شيء وعن شرعنة تكفير الأحرار، لا يزال يعمل بعقلية البراغماتية المتوحشة، التي تدور على الحفاظ على الجماعة وعناصرها، بغض النظر عن الوسيلة في ذلك، وهي جمع الغلاة وتنفيذ رغباتهم كاملة، المهم ألا ينشق أحد وتبقى الجماعة متماسكة إعلاميا".
وكشف الحموي أنه "عندما أطلق الجولاني حكما بالكفر على هيئة الأركان المشتركة، كان قد سبقه قبل إلقائه الكلمة لقاء مع مجموعة من المهاجرين على رأسهم الخارجي أبو ذر التونسي، وهو مع داعش الآن، وطلبوا حل البيعة؛ لعدم وضوح موقف الجبهة من هيئة الأركان والمجالس العسكرية، فوعدهم بتصريح بذلك، وفعلها، وجددوا البيعة له، وأذكر يومها قال لي أبو ذر التونسي بعد كلمة الجولاني وتكفيره الأركان: (هكذا تمام هذا ما نريده)".
بدوره، طالب المنظر الجهادي المصري هاني السباعي من زعيم تنظيم جبهة النصرة "أبو محمد الجولاني" بالتدخل في الجدل الذي أحدثه "أبو فراس السوري".
وغرد السباعي المعروف بتأييده لتنظيم
القاعدة: "متى يتدارك الشيخ الجولاني الأمر! قد يتسع الخرق! ويحدث المكروه! صمت غير مستحب حاليا! حذار لا تكونوا كالتي نقضت غزلها بيديها".
يشار إلى أن العديد من التهم التي ساقها "أبو فراس السوري" لحركة "أحرار الشام"، قامت حركة "طالبان" بفعل مثلها، وهو ما عدة ناشطون "تناقضا عجيبا عند أبو فراس الذي يعتبر عنصرا مبايعا للملا أختر منصور زعيم طالبان"، حيث إن تنظيم القاعدة بالكامل مبايع لحركة طالبان.
وكانت حركة طالبان شكرت عدة دول من بينها قطر، كما أوضحت أنها تسعى لإقامة علاقات جيدة مع إيران، ورحبت بالسعودية في حال إقدامها على مساعدة الشعب الأفغاني لإنهاء معاناته.
ويتنافى حديث "أبو فراس السوري" مع توجيهات أيمن الظواهري، وعطية الله الليبي، حيث دعا الأول لعدم التعرض للطوائف غير المسلمة ما لم تحارب المسلمين، بخلاف حديث "أبو فراس السوري".
فيما نصح منظر التيار الجهادي الراحل عطية الله الليبي في رسالته إلى زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن بعدم التفكير في إقامة دولة إسلامية في اليمن بعد الثورة ضد علي عبد الله صالح، مبررا ذلك بأن مجرد الدعوة لحكم إسلامي سيضر البلاد، وفق قوله.
وبالرغم من عدم وجود مسؤول بارز في "جبهة النصرة" أثنى على كلام "أبو فراس السوري"، إلا أن "عربي21" لاحظت وجود العديد من عناصر وأنصار التنظيم يؤيدون كلامه في "تويتر"، بينما أنكر عليه قسم كبير، ودعوه للتراجع عن اتهاماته التي وصلت إلى حد التكفير، وفقا لبعضهم.
وقال مراقبون إن "إظهار الخلافات بين جبهة النصرة وأحرار الشام في الوقت الحالي يخدم نظام الأسد وحزب الله اللبناني بالدرجة الأولى، حيث يشكل التنظيمان عماد جيش الفتح الذي أنهك النظام وإيران وحلفاءهما".
يشار إلى أن "أبو فراس السوري" (65) عاما أمضى عدة سنوات في الكلية الحربية، ووصل إلى رتبة "ملازم"، قبل أن يُسرح من الخدمة على إثر حادثة المدفعية الشهيرة عام 1979.
وكان "أبو فراس" من الشخصيات البارزة في جماعة "الطليعة المقاتلة" المنبثقة عن جماعة الإخوان المسلمين في سوريا عام 1980.
وبعد ذهابه إلى أفغانستان قبيل مجزرة حماة الشهيرة، أشرف "أبو فراس السوري" على معسكرات التدريب للمقاتلين العرب، ومن ثم قام بإقناع العديد من شيوخ القبائل، والجماعات الإسلامية بحمل السلاح والتعاون مع "المجاهدين العرب" بقيادة أسامة بن لادن.
"أبو فراس السوري" وبعد أن مكث 23 عاما في أفغانستان، انتقل عام 2003 إلى اليمن، حيث بقي بعيدا عن الأضواء؛ لغاية انطلاق الثورة السورية عام 2011، وقدومه للانضمام إلى "جبهة النصرة".