كتب علي بيرام أوغلو: عند قراءتكم لهذه السطور ستكون الأحزاب السياسية قد أعلنت لوائحها للانتخابات القادمة.. وهو ما يعني بداية
الانتخابات والانطلاقة الفعلية للحملة الانتخابية. فتركيا تنتظر وتبحث منذ حزيران/ يونيو عن تشكيل حكومة استقرار أو عن استقرار حكومي.
وما دامت انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر ستقام لعدم توفر ذلك، فإن المطلب الأساسي للناخب وأول ما يرقبه في هذه الانتخابات سيكون
الاستقرار بكل تأكيد.
فما الذي يجب فهمه عند ذكر الاستقرار؟ بل من وما الذي سيتم التركيز عليه عند ذكر الاستقرار؟
حكومة الاستقرار
سيكون مطلب الدوائر الاقتصادية والناخبين المحافظين الأساسي،حكومة تجلب الاستقرار، سواء من خلال تركيزهم على الأحداث الإرهابية الأخيرة أم على مستوى الاستمرارية ومواصلة الطريق. وإضافة إلى هذا، فإن السبب الرئيس الذي جعل الرئيس رجب طيب أردوغان وقادة حزب
العدالة والتنمية يفضّلون الانتخابات المبكّرة على الائتلاف هو توقعهم لإمكانية الحصول على الواحد والعشرين نائبا الذين يحتاجونهم في هذه الانتخابات الإجبارية.
وهو أمر تُظهِر استطلاعات الرأي الأخيرة حركة للنقاط فيه، إذ إن من المتوقع أن ترجع بعض الأصوات التي ذهبت إلى حزب الحركة القومية في الانتخابات السابقة إلى حزب العدالة والتنمية.
من المعلوم أن هناك قسما من المعارضة يرى الاستقرار في معناه الآخر، إذ إنهم يرون أنه الخلاص من حكومة الحزب الواحد. ويمكن أن تكون قناعة هؤلاء الذين يرون الخطر في السير السياسي لحزب العدالة والتنمية ويريدون للحزب والرئيس أردوغان أن يدفعا ثمن ذلك، قد قويت وزادت رسوخا بفعل الأحداث الأخيرة. ولن يكون غريبا إذا ما ربطنا بين الزيادة الأخيرة في أصوات حزب الشعب الجمهوري التي أظهرتها الاستطلاعات الأخيرة مع هذه الزيادة. والأمر الآخر الذي كان له تأثير في هذه الزيادة، هو ابتعاد حزب الشعب في مفاوضاته الأخيرة عن أسلوب التشنج والتصادم، وإظهار أن الائتلاف مع حزب العدالة والتنمية أمر ممكن وقابل للتطبيق.
القضية الكردية والبحث عن الاستقرار
لاشك أن للاستقرار علاقة وثيقة بالقضية الكردية. وأعتقد أن حزب العمال انطلاقا من العنف الذي بدأ به قبل الانتخابات سيحاول عدم المجازفة بجناحه السياسي، ويحاول الابتعاد عن موقفه الذي يمكن أن يؤدي إلى تعطيل العملية الديموقراطية، وهو ما سيدفعه لإعلان وقف إطلاق النار قبل الانتخابات. وموقف الأحزاب السياسية من هذه القضية وطريقة تناولهم لها سيكون له دور كبير ومحدد لزيادة أو نقصان أصواتهم في الانتخابات القادمة.
مع ذلك، لا أعتقد أن هذه الافتراضات والاحتمالات ستغيّر جذريا جدول الانتخابات الماضية.
مستقبل مجهول
إذا كنا مع التوقع السائد بأن حزب العدالة والتنمية سيكمل الواحد والعشرين نائبا الذين يحتاجهم لتشكيل الحكومة منفردا، فسيكون هناك تغير على مستوى نقطة أو نقطتين، وهو تغير كفيل بقلب حسابات مجلس النواب. وكما أن حزب العدالة والتنمية يمكن أن يعتلي سدة الحكم منفردا في هذه الانتخابات فإنه يمكن أن يواجه مصيرا أكثر تعقيدا ممّا واجهه في سابقتها.
وكنت أكملت مقالي "أين نحن" بهذه الكلمات:
مع حلول عام 2010، بدأت الرياح تعصف من الاتجاه المعاكس بكل ما للكلمة من معنى. بدأ هبوط حقيقي في كل شيء كل قطاع. والسؤال المطروح أمامنا هو: هل سيتواصل الهبوط؟ وكيف إذا كان الجواب "نعم"، في أي المراحل سيتوقف؟ أم إنه هبوط مستمر؟ وهل يمكن أن يتم إيقاف هذا الهبوط؟ وهل يمكن أن نحول مقدمة الطائرة إلى الأعلى؟ وأن يوجد بعض التوازن؟ كيف ومتى سيتم ذلك إذا كان الجواب نعم؟
سيكون الجدول الذي تضعه انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر أمامنا أكبر جواب على هذه الأسئلة.
(عن صحيفة "يني شفق" التركية- ترجمة خاصة لـ"عربي21")