قالت صحيفة الأخبار اللبنانية التابعة لحزب الله، إن مصادر خاصة كشفت لها عن محضر اجتماع سري جرى بين واشنطن وشيوخ
الأنبار السنة في
العراق خلال الأشهر الماضية لاعتماد مبدأ الأمن مقابل
الغاز بعيدا عن اطلاع الحكومة المركزية في بغداد.
وقالت الصحيفة نقلا عن مصادرها إن "هناك اتفاقات سرية جرت بين الطرفين، اعتمدت مبدأ الغاز مقابل الأمان، بهدف تأمين مدينة الرمادي مقابل استثمار حقول غاز عكاز، الأمر الذي يعيد إلى الأذهان اتفاقية تسعينيات القرن الماضي التي نصّت على النفط مقابل الغذاء".
وأشارت إلى أن محضر الاجتماع بين الطرفين اشتمل على "ضمان الأمريكيين عدم دخول الحشد الشعبي أو أي من فصائل المقاومة الإسلامية إلى أرض الأنبار والمشاركة في العمليات العسكرية، مقابل تسليح أبناء العشائر السنية وتوفير التغطية الجوية الكاملة لهم، مع استخدام الدرع الأمريكي لتأمين أولئك المقاتلين، إلى جانب القوات الأمنية النظامية فقط".
وتضمن الاتفاق، وفق المصدر، تأمين كافة حدود الأنبار، وخصوصا الغربية والشرقية منها، المتاخمة لكل من سوريا والموصل وبيجي، والتي ستؤمّن جويا، فضلاً عن إنشاء جدار فاصل مثل الجدار بين الحدود السعودية العراقية، وإفساح المجال أمام أبناء العشائر السنية للإمساك بالأوضاع على الأرض، بدلا من القوات العراقية، حتى استكمال تشكيل الحرس الوطني، الذي يشكل أبناء الأنبار النواة الأساسية له في المحور الغربي من البلاد.
ولفتت إلى أن الجانب الأمريكي منح ممثلي الأنبار ضمانات بأن يتم إعمار مدن المحافظة المدمرة بعد التحرير، ولا سيما الرمادي والفلوجة، وتعويض أهلها وإعادة المهجرين إليها، إضافة إلى استكمال البنى التحتية ورفد المحافظة بمشاريع استثمارية.
واتهمت الصحيفة شيوخ الأنبار بالتآمر لتقسيم العراق من خلال عزم أمريكا منح الأمريكيين لحكومة الأنبار صلاحيات أوسع، والحد من تأثير الحكومة المركزية على قراراتها، وذلك بعد أن تتمّ عملية التحوّل من الحكم المركزي إلى الحكم الفيدرالي اللامركزي، أو إمكانية إنشاء إقليم سني على غرار إقليم كردستان.
وأضافت أن كل ذلك مقابل تقديم الأنبار وممثليها بعض التنازلات لواشنطن، تتمثل في إنشاء الأمريكيين قاعدتين خاصتين بهم في عين الأسد (غربي الرمادي)، والحبانية (شرقي الرمادي)، وتكون هاتان القاعدتان ثابتتين حيث يتم إنزال عدد من الجنود والآليات، فضلاً عن الطائرات النفاثة والطوافات.
لكن الأمريكيين بحسب "الأخبار" لم يكتفوا بالقواعد العسكرية، فقد كانوا أكثر إصرارا على عرض آخر، وهو منح حقول غاز عكاز لإحدى الشركات الأمريكية، بواقع استثماري يصل إلى 51% للحكومة المحلية و49% للشركة المستثمرة.
وتعد حقول "عكاز" الغازيّة من أكبر الحقول المكتشفة في العراق، والممتدة على مساحات واسعة في عمق الصحراء، في الوقت الذي يمكن أن تعمل فيه بطاقة إنتاجية تقدّر بـ400 مليون قدم مكعب، لمدة 13 عاما.
وكان الخبير العراقي في الشؤون الأمنية والاستراتيجي أحمد الشريفي، حذر من "مؤامرة" تقودها الحكومة المحلية في محافظة الأنبار، مشيرا إلى أن طلبها باستدعاء قوات أمريكية أو أجنبية هو خرق واضح للسيادة، فيما تعالت دعوات إلى محاسبته وعزل المحافظ صهيب الراوي لـ"خرقه" الدستور وقانون مجالس المحافظات، محذرة من وجود محاولات أمريكية للعودة إلى العراق بطرق أخرى.
وحذر الشريفي من "وجود مؤامرة تقودها الحكومة المحلية في الأنبار بعد الاتصالات الأخيرة مع الأمريكيين وزيارة المحافظ صهيب الراوي إلى واشنطن بشكل غير معلن".
وكان ائتلاف دولة القانون دعا إلى محاسبة محافظ الأنبار صهيب الراوي، لعقد اتفاقيات دون علم الحكومة، مشيرا إلى أن أي اتفاق يوقع بين الحكومة المحلية والولايات المتحدة الأمريكية يعد تجاوزا على الصلاحيات.
وقال النائب عن الائتلاف صادق اللبان، إنه "ليس هناك حق لأي حكومة محلية، أو جهة تشريعية، بالاتفاق على القضايا المتعلقة بالسيادة والسياسة الخارجية"، مضيفا أن "تلك القضايا مناطة برئيس الوزراء حيدر العبادي ووزارة الخارجية بموجب الدستور العراقي"، مبينا أن "أي اتفاق خارج علم السلطة التنفيذية يعد خرقا للسيادة والدستور".
وشدد اللبان على "ضرورة محاسبة أي جهة تخرق الدستور من خلاف توقيع اتفاقيات تتجاوز السيادة والوطنية والدستور العراقي"، مبينا أن "عقد بعض الاتفاقيات دون علم الحكومة قد يكون خلاف مصلحة البلد ويضر بسيادة وأمن الدولة".
وكانت كتائب حزب الله العراقية، قد دعت مجلس محافظة الأنبار إلى عزل المحافظ صهيب الراوي لـ"خرقه" الدستور وقانون مجالس المحافظات، محذرة من وجود محاولات أمريكية للعودة إلى العراق من الشباك، وقال القيادي البارز في كتائب حزب الله أبو طالب السعيدي في تصريح إن "قوات الاحتلال الأمريكي تريد أن تعود إلى العراق من الشباك بعد أن أخرجتها فصائل المقاومة الإسلامية، لا سيما كتائب حزب الله، من الشباك"، لافتا إلى أن "هناك تصريحات واضحة للجمهوريين بإعادة احتلال العراق من جديد".
وأضاف السعيدي أن "الموقف المشؤوم لمحافظ الأنبار واستعانته بقوات الاحتلال الأمريكي يعدّ موقفا صارخا وتجاوزا على الدستور وقانون مجالس المحافظات"، داعيا مجلس محافظة الأنبار إلى "اتخاذ موقف من المحافظ بعزله وإقالته من منصبه".
وكانت كتائب حزب الله وحركة عصائب أهل الحق ومنظمة بدر، حذرت من خطورة القبول بتواجد أمريكي جديد على الأراضي العراقية، فيما أكدت أن حكومة الأنبار غير مخولة بالاتفاق مع طرف خارجي في قضايا تتعلق بالأمن القومي.