روى لاجئان سوريان لـ"
عربي21"؛ كيف تعرضا للضرب على يد الشرطة الفرنسية في مدينة
كاليه، إثر مشاركتهما في اعتصام لمنع طرد
المهاجرين من حديقة "جنكل" الّتي يُقيمان فيها مع مجموعة من المهاجرين السوريين والأفارقة في المدينة الفرنسية، في انتظار الفرصة للهجرة إلى الأراضي البريطانية.
وكان حميد حمدية وشقيقه موسى، قد بحثا في المدينة الفرنسية عن منزل مناسب في المدينة لاستئجاره ولكن دون جدوى، فما كان منهما سوى اللجوء إلى الحديقة في المدينة الفرنسية، ريثما تتهيأ لهما الفرص للهجرة إلى
بريطانيا.
واتهم حميد حمدية الشرطة الفرنسية بالاعتداء عليه وعلى شقيقه موسى بالضرب والركل، قبل أن تقوم باعتقال الأول وتودعه في أحد السجون المحلية، فيما نقل الثاني إلى مشفى قريب بعد إصابته في الرأس.
ويشير حميد إلى أن الاعتصام جاء على خلفية طلب الشرطة الفرنسية من المهاجرين إخلاء الحديقة، فقرر حميد مع شقيقه موسى، بالإضافة إلى 300 مهاجر آخر، القيام باعتصام، من أجل رفض الإخلاء. ومع بدء وصول الشرطة الفرنسية، بقي حميد وموسى وحيدين في المكان لتقوم الشرطة الفرنسية بالاعتداء عليهما بالضرب.
ويقول حميد لـ"
عربي21" إنه عندما اقتيد للاعتقال لم يكن بمفرده، بل بصحبة ثلاثة صحفيات فرنسيات، "انبرين للدفاع عني وعن شقيقي، في وجه الاعتداء من قبل الشرطة، فأخذن نصيبهن من الضرب، قبل أن يتم اقتيادهن إلى السجن، ليُصار إلى الإفراج عن الصحفيات بعد ساعات من اعتقالهن، ولأبقى حبيس السجن"، على تعبيره.
ويضيف: "نفذت الصحفيات الفرنسيات، برفقة عدد من المهاجرين السوريين، اعتصاما أمام السجن الفرنسي للمطالبة بالإفراج عني، وهو ما حصل بالفعل، حيث تم إطلاق سراحي بعد الاعتصام"، كما يقول حميد.
ووصل حميد إلى بريطانيا، بعد أيام من خروجه من سجن الولاية الفرنسية "كالي"، حيث يتحدث عن طريقة هجرته من كاليه، قائلا: "بعد خروجي من السجن، اتفقت مع مهرب كي يقوم بتهريبي وشقيقي إلى بريطانيا، عبر شاحنة من المرفأ، حيث اختبأت في صندوق حديدي في الشاحنة، مع 12 شخصا من بينهم شقيقي، ليتم اكتشاف أمر المهاجرين في الشاحنة، حيث تم القبض على عشرة منهم وإعادتهم إلى كاليه من بينهم شقيقي موسى، ولا يزال في
فرنسا حتى الآن".
ويسترجع حميد قصة هروبه مع شقيقه من مدينة الرقة التي يسيطر عليها تنظيم الدولة إلى تركيا، حيث وصلا إلى مدينة بودروم التركية، وركبا مع 60 شخصا في البلم (قارب) المطاطي، وهناك بدأت الرواية.
يتحدث عن رحلته بالبلم، وما واجه من صعوبات فيها قائلا: "لقد ركبنا البلم باتجاه اليونان، كاد البلم أن يغرق، بعد أن تم تسرب المياه إليه، أرسلت رسالة لشقيقي في بريطانيا، من أجل الاتصال بخفر السواحل اليونانية، وأخبرني أنه تم الاتصال بهم بالفعل واعدين إياه بالوصول بعد نصف ساعة".
ويقول إنه شعر بأن الغرق المصير القادم له ولرفاقه المهاجرين، ليتطوع 15 شابا في البلم، بالنزول منه إلى مياه البحر، كما تم إفراغه من كافة الحقائب والأمتعة الشخصية للمهاجرين، ليصل خفر السواحل اليوناني بالفعل في الوقت المناسب، وينقذ 62 شخصا على القارب الذي كان قد بدأ بالغرق.
لم تك تلك الأحداث هي الوحيدة في قصة لجوء حميد وشقيقه موسى إلى بريطانيا، بل تعرضا أيضا للاحتيال والسرقة من قبل مهربي البشر في الطريق من مقدونيا إلى ألمانيا، لمرتين.
وفي هذا السياق يقول حميد: "لقد تواصلنا نحن مجموعة من المهاجرين مع سائقي تكسي من أجل نقلنا من مقدونيا إلى هنغاريا، فاتفقنا معهم على مبلغ 300 يورو للمهاجر الواحد، لكن سائقي التكسي احتالوا علينا ولم يقوموا بإيصالنا إلى المكان المطلوب، ليتم بعدها استئجار سيارات أخرى لتقوم بإيصالنا مقابل مبلغ مالي؛ إلى أطراف العاصمة الهنغارية، ومن ثم استقلينا سيارة أخرى إلى بودابست.
ويضيف حميد: "قمنا بالاتفاق لاحقا أنا وعدد من المهاجرين مع سيارة تقلنا، من العاصمة الهنغارية إلى المانيا، مقابل 400 يورو على الشخص، ليحتال علينا السائق من جديد، حيث تم إيهامنا من قبل السائق بضرورة النزول عند محطة لتعبئة الوقود، كي لا يكتشف أمرنا، لنفاجأ بتعبئتها للوقود من المحطة واستكمال الرحلة، حيث عدنا أدراجنا إلى العاصمة الهنغارية".
تنفرج الأمور بقرار ألماني سمح للمهاجرين بركوب القطارات إلى النمسا، ومن ثم إلى ألمانيا، حيث كان حميد وشقيقه أول العابرين في تلك القطارات إلى ألمانيا، ولدى الوصول إلى ألمانيا، هرب حميد وشقيقه موسى من مركز اللاجئيين؛ لأن وجهتها ليست ألمانيا، كما يقول حميد، بل كانت بريطانيا، ليصلا إلى مدينة كاليه الفرنسية في رحلة استغرقت ما يزيد عن 36 يوما.