نشرت صحيفة لوموند الفرنسية تقريرا حول موقف المملكة العربية
السعودية من التدخل الروسي في
سوريا، خاصة وأن أغلب الهجمات الروسية تستهدف الفصائل التي تدعمها الرياض.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، إن وزير خارجية السعودي، عادل الجبير، عرض في أواخر أيلول/ سبتمبر في اجتماع الأمم المتحدة؛ الخيار العسكري للإطاحة ببشار الأسد، لكن بعد يوم واحد فقط من تصريحاته أطلق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين طائراته المقاتلة "سوخوي" لإنقاذ هذا الديكتاتور السوري.
وأشارت الصحيفة إلى أن أغلب الضربات الروسية استهدفت
الجيش السوري الحر، الجناح الأكثر اعتدالا في المعارضة، وجبهة النصرة، التي تمثل فرع تنظيم القاعدة بسوريا، وتنظيم أحرار الشام، أحد أقوى الجماعات الإسلامية المسلحة، وتمثل هذه الفصائل مجتمعة العمود الفقري لجيش الفتح.
وقالت الصحيفة إن الرياض زادت من تصميمها على الإطاحة بالأسد، خاصة بعد أن بدت على هذا النظام علامات الضعف والتراجع أمام مقاتلي المعارضة، وهي تهدف من خلال ذلك إلى كسر المحور الشيعي (طهران - دمشق - حزب الله)، وذلك بهدف مواجهة النفوذ الإيراني بالمنطقة.
وقالت الصحيفة إن التدخل الروسي قلب الموازين ووضع السعودية في مأزق، ونقلت عن جان مارك ركلي، المتختصص في شؤون دول الخليج، أن "السعودية أمامها خياران، إما زيادة دعمها لفصائل المعارضة، أو تركهم ينضمون لتنظيم الدولة وجبهة النصرة".
ونقلت الصحيفة عن جمال خاشقجي، الصحفي المقرب من العائلة الحاكمة بالمملكة، قوله: "بعد أن أرسلت إيران قواتها لسوريا، دخلنا في حرب حقيقية، ينبغي أن نزيد من دعمنا للمعارضة، لكن الوقوف ضد
روسيا ليس بالأمر السهل، فذلك يتطلب موافقة الولايات المتحدة الأمريكية، كما حصل من قبل مع أفغانستان، لكن المشكلة الآن تكمن في البيت الأبيض، حيث أن القرار لم يتخذ بعد".
واعتبرت الصحيفة أن قيادات السعودية لم تتفق على موقف واحد، بين من يدعو إلى مواصلة دعم المعارضة المسلحة، على غرار عادل الجبير، والأمير محمد بن نايف وزير الداخلية، في حين يدعو آخرون إلى التفاهم والحوار مع روسيا. ويدعم هذا التوجه محمد بن سلمان، نجل الملك ووزير الدفاع.
ونقلت الصحيفة عن تيودور كاراسيك، وهو محلل أمني يتخذ من دبي مقرا له، أن "الرئيس فلاديمير بوتين ومحمد بن سلمان قد انسجما مع بعضهما في أول لقاء لهما في سان بطرسبرغ في حزيران/ يونيو الماضي".
واعتبرت الصحيفة أن السعودية وجدت نفسها في وضع إستراتيجي صعب، بعد أن فشلت مع حلفائها في إنهاء الحرب في اليمن بنصر حاسم يكفي لإجبار خصومها على الخضوع، مع انخفاض سعر النفط الذي أثقل كاهل ميزانية المملكة، وهما أمران جعلا القيادة السعودية تستنجد بمبلغ 70 مليار دولار من صندوق الاستثمارات في الخارج لتغطية العجز في الميزانية.
وذكرت لوموند أن القضية السورية شهدت انسحاب عدد من حلفاء الرياض في المنطقة، فبعد انسحاب مصر التي أشادت بالضربات الجوية، فضل الأردن والإمارات التراجع أيضا عن دعمهما للسعودية. إذ إن كل طرف له حساباته المعقدة، فالقاهرة تشيد بالضربات الروسية لرغبتها في القيام بضربات مماثلة بليبيا، بحسب الصحيفة.
أما موقف الإمارات المعادي للإخوان المسلمين والمجموعات المسلحة المتشددة فلم يتغير، وبالنسبة الأردن فإنه يرفع شعار الحياد، نظرا لحدوده الممتدة مع سوريا، وخوفا من انتقال الصراع لأراضيه.
وأشارت الصحيفة إلى أن منطقة الخليج العربي أصبحت في مرمى الحركات الإرهابية، وخير دليل على ذلك الهجمات الأخيرة على السعودية والكويت.
ونقلت عن رجل أعمال فرنسي قريب من القيادات الخليجية قوله: "إن الكثير من العرب أصبحوا يراهنون على القوة الروسية لمواجهة الإرهاب، خاصة بعد فشل الولايات المتحدة في هذه المهمة".
وذكرت الصحيفة أن بعض العرب يعتقدون أن التدخل الروسي سيقلص من النفوذ الإيراني في المنطقة. ولكن بحسب بيتر هارلينغ، العضو في مجموعة الأزمات الدولية، "فإن روسيا أظهرت دعمها المباشر لبشار الأسد ولإيران في المنطقة، ما جعل صورة روسيا الوسيط في الأزمة تتلاشى أمام عيون كل من السعودية وقطر وتركيا".
وقالت الصحيفة إن شيوخا ودعاة إسلاميين سعوديين رفعوا راية الجهاد ضد روسيا في سوريا، وهو شبيه لما حصل إبان التدخل السوفييتي في أفغانستان في العام 1979.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول سعودي، رفض الإفصاح عن هويته، قوله على إحدى القنوات الإخبارية: "إن الدعم العسكري للمعارضة سيتضاعف"، ما ينذر بتواصل الحرب في سوريا.