توقع مراقبون ارتفاع نسبة الأصوات الباطلة في
الانتخابات البرلمانية الجارية بمصر حاليا، مرجعين السبب في ذلك إلى عدم إلمام الناخبين بآلية اختيار النواب، وفقا للنظام الانتخابي الجديد، ما بين نظام الفردي والقوائم، الذى أقره قانون مجلس النواب، فضلا عن تعمد البعض إبطال صوته بالفعل.
وكان
المصريون وضعوا أكثر من مليون بطاقة اقتراع باطلة، في صناديق الانتخاب، لدى المقارنة بين رئيس الانقلاب عبدالفتاح
السيسي، وحمدين صباحي، في الانتخابات الرئاسية التي جرت في أيار/ مايو عام 2014، وسجل عدد الأصوات الباطلة عددا أعلى من عدد الأصوات التي حصل عليها صباحي نفسه، الذي قدرت أصواته بأقل من ثمانمائة ألف صوت.
وحذرت حملة "راقب يا مصري"، وهي حملة أهلية، من أن حالة من الارتباك سادت بين الناخبين، خاصة في المناطق الشعبية، بسبب آلية اختيار النواب الجديدة، وتباين توزيع عدد المقاعد بين الدوائر المختلفة، وفقا للكثافة السكانية لكل دائرة، مما سيتسبب في حال من الالتباس للناخب البسيط، الذي وجد نفسه في مواجهة نظام جديد للانتخاب لم يعهده من قبل.
وقالت الحملة - في بيان أصدرته، وتلقت صحيفة "
عربي21" نسخة منه - إن الجهل الانتخابي والتخبط وغياب التوعية ستؤدي كلها إلى بطلان عدد من أصوات الناخبين، خاصة الذين لم يدركوا آليات التصويت وفقا للقوانين الجديدة، إذ إن هناك دوائر لها مقعد واحد، وأخرى لها مقعدان أو ثلاثة مقاعـد أو أربعة مقاعد، في بعض الدوائر ذات الكثافة السكانية المرتفعة.
وأوضحت الحملة أن هذه العوامل قد تكون سببا في إحداث نوع من التخبط، وبطلان عدد من الأصوات.
وقال المتحدث باسم الحملة، محمود البدوي، إن الحملة وأعضاءها في كل المحافظات تلقوا 2237 استفسارا عن طريق الهاتف وصفحات الحملة على مواقع التواصل الاجتماعي والبريد الإلكتروني، بالإضافة للجولات الميدانية واللقاءات التثقيفية التي نفذتها الجمعيات والمراكز الأعضاء بالحملة، خلال 16 يوما، قبل يومي الانتخابات مباشرة.
وأوضح أن أغلب الناخبين طرحوا سؤال: "من ننتخب؟"، في ظل غياب التواصل بينهم وبين المرشحين، وعدم طرح برنامج انتخابي حقيقي، وعدم التعريف بكل مرشح، بينما تساءل آخرون عن عدد المقاعد المطلوب اختيارها بكل دائرة، وآلية انتحاب القوائم الانتخابية.
وكان مركز "بصيرة" لاستطلاعات الرأي العام أجرى استطلاعا يوم 12 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري كشف أن ثلث المصريين فقط على علم بموعد الانتخابات، وأن 40% ممن شملهم الاستطلاع لا يعرفون أسماء المرشحين بدوائرهم، فضلا عن أن 84% من المستطلعين لم يحددوا لأي قائمة سيصوتون.
ومن جهته، حذر رئيس نادى القضاة، المستشار عبد الله فتحي، في تصريحات صحفية الأحد، من بطلان بعض الأصوات بسبب عدم معرفة الناخبين بالمرشحين، وعدد المقاعد الفردية الممثلة لهم، لأن هناك دوائر بها مقعد واحد، وأخرى بها مقعدان، وأخرى بها ثلاثة مقاعد، بينما لا بد أن يكون التصويت لعدد المقاعد في كل دائرة، بحسب عددها، لا أكثر، ولا أقل.
وحذر مستشار رئيس الوزراء لشؤون الانتخابات، اللواء رفعت قمصان، خلال مداخلة مع برنامج "الحياة اليوم"، الأحد، من بطلان الأصوات قائلا: "هناك غرامات لبطلان الأصوات، أما عن كتابة عبارات كـ"تحيا مصر" أو غيرها، فرئيس اللجنة وحده من يقرر بطلان الصوت في هذه الحالة"، وفق قوله.
إلى ذلك، شهدت مناطق عدة بمحافظات مصر، وفقا لتقارير صحفية، الأحد، تصويت الناخبين لمرشحين فقط في الدائرة، بالرغم من أن الدائرة مخصص لها 4 مقاعد ليبطلوا بذلك أصواتهم.
وقال أحد الناخبين بمنطقة إمبابة بمحافظة الجيزة إنه لم يبلغه أحد بضرورة اختيار 4 مرشحين وليس 2 فقط، مشيرا إلى أن أهالي إمبابة لم تتم توعيتهم بضرورة انتخاب 4 مرشحين، ما يعد إبطالا لأصواتهم جميعا.
وكانت قوى سياسية طالبت بقيام اللجنة العليا للانتخابات بالتنسيق مع وسائل الإعلام المختلفة بتوعية الناخبين، وتعريفهم بمرشحيهم، وكيفية التصويت، مشيرين إلى أنه لا يزال كثيرون على غير دراية بتلك المسائل، ما قد يتسبب في بطلان أصوات انتخابية كثيرة.
وحذر خبراء من أن قانون الانتخابات البرلمانية الجديد، وما يحتويه من اختلاف عن سابقيه، من حيث طريقة الانتخاب، وعدد المقاعد في كل دائرة، ونظام القائمة المغلقة، يمثل عقبة بالنسبة للناخبين، يمكن أن تدفع إلى بطلان الكثير من الأصوات.
ويقضي قانون الانتخاب بأنه على الناخب في الدوائر المخصصة للقوائم، أن يبدي رأيه باختيار إحدى القوائم بأكملها، دون إجراء أي تعديل فيها، وتبطل الأصوات التي تنتخب أكثر من قائمة أو مرشحين من أكثر من قائمة أو تكون معلقة على شرط، أو إذا اثبت الناخب رأيه على بطاقة غير التي سلمها إليه رئيس اللجنة أو وقع عليها أو وضع أية إشارة أو علامة تدل عليه.