نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا، حول ما رواه مقاتلون فرنسيون كانوا في صفوف
تنظيم الدولة، وتحدثت عن مخاوف المخابرات الفرنسية من نوايا هؤلاء العائدين.
وقال التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إن التنظيم خسر 9 آلاف مقاتل منذ بداية ضربات التحالف الدولي، ما أجبره على اعتماد خطط جديدة لتجنب الغارات الجوية، وعلى الاقتصار على عمليات نوعية، من أجل وقف نزيف الخسائر البشرية.
وذكر التقرير أنه بمجرد وصول المتطوعين إلى الحدود السورية التركية، يكون مهربون تابعون لتنظيم الدولة في استقبالهم، لتهريبهم إلى مناطق سيطرة التنظيم، مضيفا أن هذه التجارة رائجة في
سوريا، وأنها تؤمن للمجموعات المقاتلة ما تحتاجه من مقاتلين.
وجاء في التقرير أن عددا من المهربين يطلبون من الوافدين اختيار التنظيم الذي ينوون التوجه إليه، سواء جبهة النصرة أو تنظيم الدولة، في حين يقوم مهربون آخرون بنقل المقاتلين دون استشارتهم، حيث حدث أن وجد بعض المقاتلين الفرنسيين أنفسهم في صفوف فصائل تقاتل ضد تنظيم الدولة الذي جاؤوا للالتحاق به.
ووصفت الصحيفة ظروف التدريب في معسكرات تنظيم الدولة، قائلة إن "اليوم المثالي للتدريب في تلك المعسكرات يشمل الاستيقاظ عند الساعة الخامسة والنصف لأداء صلاة الصبح، والقيام بتمارين رياضية، مثل الجري وتمارين الضغط وتمارين الحواجز، بالإضافة إلى تدريبات عسكرية مثل القنص باستعمال الكلاشنكوف، وإطلاق القذائف الصاروخية والقنابل اليدوية، والتدريبات النفسية، مثل مقاومة البرد والجوع، إلى جانب دروس في العلوم الشرعية ومناوبات الحراسة الليلية".
وذكرت الصحيفة أن المقاتلين يوزعون ضمن كتائب حسب لغتهم، وهو ما أدى بالناطقين باللغة الفرنسية، أي الفرنسيين والبلجيكيين، إلى الانغلاق على أنفسهم في مجموعات ضيقة، وجعلهم يحملون ثقافتهم الفرانكفونية معهم إلى سوريا.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا النظام لا يطبق على كل الفرنسيين، إذ يتقلد العديد منهم مسؤوليات مهمة مثل قادة كتائب وأعضاء في الشرطة الشرعية أو الإمامة، بينما ينخرط آخرون في القتال وفي التمريض وفي مهام بسيطة، كالطبخ وحفر القبور.
وذكرت الصحيفة أن التنظيم يوفر لمقاتليه المأوى والدخل الشهري حسب مهمة كل شخص، ومنحة بـ100 دولار لكل فرد من أفراد العائلة.
وجاء في التقرير أن المقاتلين الفرنسيين لا يتحدثون عن مهامهم القتالية إلا نادرا، ويقتصرون غالبا على الحديث عن الدوريات الروتينية التي يخرجون فيها، متغاضين عن مشاركة بعضهم في عمليات مداهمة لقرى شيعية وكردية، وفي ارتكاب جرائم إبادة جماعية في هذه القرى، بالإضافة إلى تنفيذ زملائهم عمليات انتحارية.
وأكدت الصحيفة أن عددا من الفرنسيين شاركوا في اضطهاد السوريين، خاصة في الرقة واعزاز (قبل طرد التنظيم منها)، إذ نفذ التنظيم عمليات ذبح في الساحات العامة باسم "تطبيق الشريعة". وشارك بعض الفرنسيين بأنفسهم في عمليات قطع الرؤوس، بينما كان آخرون شهودا على الإعدامات، والرجم بالحجارة، وقطع الأطراف، وعمليات الجلد، وبعض هذه العمليات موثقة في الساحة العامة في اعزاز (ريف حلب الشمالي)، التي تشهد مرتين أو ثلاثة كل أسبوع قطع أطراف المتهمين بلعب القمار.
وذكر التقرير أن التنظيم يقوم بجلد باعة القنب والتبغ، أما تجار الهيروين، والمثليين، والمتمردون، والسحرة والزناة، فيتم إعدامهم على الملأ، وتبقى جثثهم معروضة لعدة أيام وتكتب عليها التهم التي أعدموا بسببها.
وقالت الصحيفة إن بعض المقاتلين الفرنسيين تمكنوا من العودة إلى
فرنسا في بداية الأزمة السورية، بعد موافقة التنظيم على ذلك، حيث صدم أغلبهم بحقيقة الوضع، خاصة بعد نشوب الحرب بين تنظيم الدولة وجبهة النصرة، حيث اعتبرت هذه المواجهات العامل الأساسي في تنامي موجات عودة المقالتين إلى الدول التي أتوا منها، إلى جانب عوامل أخرى مثل الامتعاض من عدم تركيز التنظيم على محاربة نظام بشار الأسد، أو لأسباب خاصة مثل العلاج، أو التواجد إلى جانب نسائهم لاقتراب موعد الولادة.
وقال التقرير إن المخابرات الفرنسية قلقة جدا حيال عودة المقاتلين من سوريا بإذن وموافقة تنظيم الدولة، وأنها تنظر إلى سوريا على أنها أصبحت مصنعا ضخما للإرهاب، موجها لضرب فرنسا وأوروبا على المدى القريب.
وختمت الصحيفة بالإشارة إلى أن التحدي الذي يواجه عملية محاكمة العائدين، يكمن في صعوبة التمييز بين الذين تراجعوا عن الانخراط في منظومة تنظيم الدولة بعد أن صدموا ببشاعة الوضع في سوريا، وبين الذين أرسلهم التنظيم في مهام قتالية داخل أوروبا.