تثير خطة الرئيس الأمريكي، باراك
أوباما، لتسليح مقاتلي المعارضة السورية مباشرة، مخاوف
الكونغرس ومسؤولين استخباراتيين بشأن ما إذا كانت تقدم ضمانات كافية للحيلولة دون سقوط الأسلحة في أياد غير مرغوب فيها.
ويحل النهج الجديد محل خطة فاشلة، دربت وزارة الدفاع الأمريكية بمقتضاها معارضين خارج
سوريا وأرسلتهم إلى المعارك، بعد عملية تدقيق مرهقة لضمان عدم ارتباطهم بالجماعات التي تعتبرها "متطرفة".
وقال متحدث عسكري الجمعة الماضي إن 180 معارضا فقط تلقوا تدريبات، 145 منهم لا يزالون نشطين، وإن نحو 95 داخل سوريا.
وانطلقت الخطة المعدلة لقتال
تنظيم الدولة في شمال سوريا يوم 11 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، عندما بدأت طائرات شحن تابعة لسلاح الجو الأمريكي من طراز "سي-17"، ما قال البنتاغون، إنه إسقاط ناجح لذخائر مدافع رشاشة وقنابل وقذائف صاروخية للمقاتلين السوريين العرب.
وينبع القلق من أن البرنامج الجديد "سيخضع قادة مقاتلي المعارضة للتدقيق فقط، وليس المقاتلين الأفراد"، علاوة على مخاطر عدم الدقة في إسقاط الذخائر والأسلحة في مناطق تسيطر عليها جماعات مسلحة متداخلة بعضها مع بعض.
وقال مسؤولون في وكالات عدة مرتبطة بالسياسات والعمليات الخاصة في سوريا، وأيضا مصادر في الكونغرس، إن ثقتهم ضعيفة في كفاءة إجراءات البنتاغون في التحقق من ولاءات المعارضين السوريين المستقبلين للأسلحة الأمريكية، في حين قال مسؤولون إن الوكالات الأمريكية تعجز في الغالب عن جمع معلومات كافية للتحقق من هويات وولاءات المعارضين السوريين.
وقال مصدر إنه "خلال جلسة مغلقة بالكونغرس عن التغيير في البرنامج الذي يتكلف 580 مليون دولار لم يقدم مسؤولون بالحكومة الأمريكية إجابات مفصلة وكافية عن كيفية إجراء عمليات تدقيق فعالة".
وأضاف المصدر، الذي اشترط عدم الكشف عن هويته، أن إجراءات التدقيق بها "عيوب" على ما يبدو.
ولم يجب متحدثون باسم لجان المخابرات والقوات المسلحة في الكونغرس على طلبات للتعليق.
وقال النائب الديمقراطي آدم شيف، العضو في لجنة المخابرات في مجلس النواب، الذي يدعم الخطة، إنها تتميز بالتركيز على الجماعات المتمرسة على القتال.
وقال شيف: "لكني أعتقد بأن التاريخ الطويل لهذه الحرب يبين أنه بمقدورك فقط أن تثق في أن أي مواد دعم تقدمها ستبقى في الأيادي الصحيحة"، مضيفا أن "على المرء أن يتوقع أن تذهب بعض الأسلحة إلى مجموعات لا نرغب في تسليحها".
ويرقى التغيير في الخطة إلى حد التحول إلى اتجاه آخر بالنسبة لأوباما الذي شكك في السنوات الماضية في جدوى إرسال المزيد من الأسلحة للحرب الأهلية السورية، في حين قال مساعدو أوباما إنه بناء على البرنامج المعدل للبنتاغون فإن قادة الوحدات السورية المستقبلة للأسلحة سيخضعون لتدقيق شديد، مشيرين إلى أن مسؤولي الجيش الأمريكي على اتصال بقادة عسكريين على الأرض.
ويقول البنتاغون إنه قادر على الاتصال المباشر بالجماعات المسلحة ومراقبة كيفية استخدام الأسلحة.
وقال المتحدث باسم القيادة المركزية الأمريكية، الكولونيل باتريك رايدر، إن "الجماعات التي تتولى السيطرة على المعدات المقدمة ستكون مؤهلة للحصول على معدات أكثر وربما أفضل ،بينما ستفقد الجماعات التي تعجز عن السيطرة عليها دعمنا، ولا يمكن القضاء على المخاطر نهائيا".
من جانبه، قال الكولونيل ستيف وارين، وهو متحدث باسم التحالف الذي يشن غارات جوية على تنظيم الدولة، في تصريح من بغداد الثلاثاء، إن الأسلحة والمعدات أسقطت إلى قادة التحالف العربي السوري، الذي يضم مجموعة من 10 إلى 12 جماعة قوامه الإجمالي نحو 5000 مقاتل.
وتلقّى قادة الجماعات المسلحة المنضوية تحت لواء التحالف العربي السوري تدريبات أمريكية في الخارج، استمرت نحو أسبوع، شملت التدريب على الحرب البرية، واستخدام معدات الاتصال.
وتأتي الأسلحة من مخزونات كبيرة مخصصة للبرنامج الأصلي للتدريب والتجهيز الذي خصصت له 580 مليون دولار ومخزنة في المنطقة، ويجري حاليا تحوليها مباشرة لميدان المعارك.
وكان البنتاغون أبلغ الكونغرس في تقرير نشره في حزيران/ يونيو الماضي أنه أنفق 136 مليون دولار على أسلحة وذخائر ومعدات، حتى ذلك التاريخ، في حين أوضح البنتاغون أنه خصص للأسلحة والمعدات 367 مليونا أو 74 في المئة من الإجمالي البالغ 580 مليون دولار.
وليست "الجماعات المتشددة" هي وحدها التي يخشى منتقدو الخطة أن ينتهي المطاف بالأسلحة التي تقدمها الولايات المتحدة في أيديها.
بدورها، أبدت تركيا استياءها بشأن الخطة الجديدة، واستدعت السفير الأمريكي الأسبوع الماضي؛ للتعبير عن القلق من أن الأسلحة التي تسقطها الطائرات الأمريكية تساعد المقاتلين
الأكراد في سوريا.
وتعارض تركيا التي تقطنها أقلية كردية كبيرة العدد تمكين المقاتلين الأكراد، رغم أنهم أظهروا أنهم أكفأ قوة متحالفة مع الولايات المتحدة في قتال تنظيم الدولة في سوريا.
وكان المتحدث باسم البنتاغون، بيتر كوك، قال في إفادة صحفية الخميس الماضي إن القوات الكردية أخذت بعض الأسلحة من عملية إسقاط أسلحة أمريكية الأحد الماضي، لكنه سارع لتصحيح بيانه وقال إن مقاتلين عربا سوريين هم فقط من التقطوا الأسلحة.
وينسق المقاتلون العرب ووحدات حماية الشعب الكردية عملياتهم على الأرض.
وكانت الوحدات الكردية قالت في 12 من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري إنها انضمت الى المقاتلين العرب، وإن تحالفهم ينتظر إمدادات أسلحة من الولايات المتحدة لشن هجوم على تنظيم الدولة في الرقة، العاصمة الفعلية للتنظيم.