يبدو أن تعليق تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في مناطق
الزبداني بريف دمشق، وكفريا والفوعة في ريف إدلب، هو إحدى النتائج الأولية للتدخل العسكري الروسي المباشر في
سوريا مطلع الشهر الجاري على الصعيد الميداني، ويرجح أن يؤدي هذا التدخل إلى الإطاحة بالاتفاق بشكل كامل في مرحلة لاحقة.
ورغم دخول مساعدات غذائية ودوائية منذ أيام قليلة إلى المناطق المشمولة بالاتفاق عبر الأمم المتحدة، إلا أن التصعيد العسكري الروسي الحاصل في ريف إدلب وحماة وحمص، أدى إلى وقف تنفيذ بنود الاتّفاق، خاصة فيما يتعلق بخروج المقاتلين الآمن من الزبداني ومن كفريا والفوعة؛ لأنّ جميع الطرق حاليا غير آمنة، بسبب المعارك المفتوحة في الأماكن المشار إليها، وذلك حسب شبكة أحرار الزبداني الإعلامية.
وكان مكتب المبعوث الدولي إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، قد أعلن في وقت سابق أن "الأمم المتحدة اضطرت لتعليق العمليات الإنسانية المزمعة في سوريا في إطار اتفاق وقف إطلاق النار بسبب زيادة الأنشطة العسكرية"، دون الإشارة بشكل صريح للقصف الروسي.
وبحسب شبكة أحرار الزبداني الإعلامية، فإن الوضع في الزبداني ومضايا المجاورة غاية في الصعوبة. فرغم استمرار وقف إطلاق النار، إلا أن باقي بنود
الهدنة لم تنفذ بعد، خاصة فيما يتعلق بفك
الحصار عن المنطقة، وإخراج الجرحى والمقاتلين وعائلاتهم من المدينة، لمن يرغب في ذلك.
وتضيف الشبكة أنه في الأثناء تقوم قوات النظام وحزب الله الشيعي اللبناني وعناصر "اللجان الشعبية" بالانتقام من أهالي الزبداني "والتشفي من صمودهم" بشكل ممنهج، عبر قطع الأشجار الموجودة في سهل الزبداني، وردم الآبار، إضافة إلى تفجير الأبنية الموجودة في السهل بشكل متقطع، وذلك لضمان عدم عودة الأهالي لأراضيهم.
ومن المفترض أن تسري بنود اتفاق وقف إطلاق النار على بلدة مضايا المحاذية للزبداني، التي تؤوي نحو 20 ألف شخص بين مقيم ونازح.
وكانت حركة أحرار الشام المنخرطة ضمن جيش الفتح توصلت لاتفاق وقف إطلاق في 24 أيلول/ سبتمبر الماضي في كل من الزبداني ومحيطها (مضايا وبقين) بريف دمشق، وكفريا والفوعة الشيعيتين في محافظة إدلب، يستمر لمدة ستة أشهر، يمكن أن تمدد في حال التزام الطرفين بالبنود المتفق عليها.
ويرجح العديد من المراقبين والصحفيين انهيار اتفاق الهدنة التي لم يتم إلى الآن تنفيذ بندها الأول المتعلق بفك الحصار عن منطقة الزبداني، رغم مرور شهر على توقيع الاتفاق، وما يعزز هذا التوجه قيام دبابات نظام بشار الأسد المتمركزة على الجبال المطلة على مضايا باستهداف البلدة بعدد من القذائف، وإيقاع إصابات في صفوف المدنيين، وذلك بعد دخول المساعدات الأممية وتوزيعها بساعات قليلة.
وفي الجانب الآخر من الاتفاق، أي في محافظة إدلب، أوضح ناشطون ميدانيون أن الطائرات الروسية بدورها قامت باختراق أهم بنود الهدنة، عبر تحليقها المستمر وقصفها للمناطق الداخلة في إطار وقف إطلاق النار، ومع ذلك لم يرشح من جيش الفتح أو حركة أحرار الشام أي بيان رسمي يبين موقفهما من استمرار الاتفاق أو إلغائه بعد الاختراق الروسي.
ويرى ناشطون أنّه ليس من الضروري أن تعلن الأطراف المتهادنة موقفا صريحا ورسميا من الاتفاق، فقبل التدخل الروسي كانت هناك مؤشرات كثيرة توحي بانهيار الاتفاق، وقد أتى التدخل ليزيد من فرص تحقق هذه المؤشرات، وقد يفرض أيضا استراتيجية جديدة مختلفة على كامل الساحة السورية في المرحلة القادمة.