عملية الإنزال الأمريكية المشتركة مع قوات البشمركة في مدينة الحويجة العراقية (جنوب غرب كركوك) لتحرير مجموعة من الرهائن كانت محتجزة في سجن تابع لتنظيم الدولة فاجأت الجميع ولم تكن متوقعة.
والسؤال المطروح ما الذي يدفع الأمريكان للإقدام على عمل هذه الخطورة قد يؤدي في حال فشله إلى إحراج الإدارة الأمريكية داخليا وخارجيا وهي التي أخذت على عاتقها عدم الزج بقواتها في عمليات قتالية على الأرض ودلك ضمن السياسة الأمريكية المعلنة.
هل كان الهدف الحقيقي فعلا هو المخاطرة من أجل إنقاد الرهائن أم ثمة رسائل أخرى أرادت توجيهها من خلال هده العملية.
هل كان الدافع إنسانيا؛ وهو إنقاد مجموعة من الرهائن؟ كيف هذا والشعب السوري يقتل مند خمس سنوات والعدوان الروسي يطال بقذائفه المدنيين، ولم يحرك هذا الضمير الأمريكي للتحرك نحو إيجاد حل يقي المدنيين وحشية الأسد وحلفائه؟
في الحقيقة إن ما جرى في الحويجة غير بعيد عن الصراع الدائر في كردستان العراق فالمراقب للأحداث يرى في الفترة الأخيرة حالة من التوتر وبوادر أزمة بين الأحزاب الكردية المختلفة، وخصوصا المتواجدة في السليمانية معقل حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال الطالباني، وحركة التغيير القوة الصاعدة في الإقليم برئاسة نوشيروان مصطفى من جهة مع الطرف الآخر في عاصمة الإقليم أربيل معقل الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود البرزاني والذي يرأس الإقليم. وانتهت فترته الئاسية الثانية والساعي إلى فترة رئاسية ثالثة مدعوما بقوى دولية وإقليمية على رأسها أمريكا وتركيا.
إن ما يجري من صراع وتوتر في كردستان العراق خصوصا في السليمانية وأطرافها غير بعيد عن لعبة الصراع الكبيرة الدائرة في المنطقة والأصابع
الإيرانية حاضرة وغير بعيدة عن المشهد الدائر في كردستان.
من المعروف العلاقة التاريخية الوطيدة التي تربط حزب الاتحاد الوطني الكردستاني وزعيمه الطالباني بإيران مند فترة طويلة وكل مطلع يعلم الدور الذي لعبه هو وحزبه في الحرب العراقية الإيرانية والخدمات التي قدمها لإيران.
إن موقع السليمانية المحاذي للحدود الإيرانية يشجع الإيرانيين على لعب دور أكبر والتغلغل ومد النفود واستثمار حالة الاضطراب الحاصلة في الإقليم التي شجعت إيران على استغلال الوضع الراهن والاستثمار فيه لتصبح ورقة مهمة يمكن اللعب بها والمساومة عليها. هذا بالطبع مرتبط بالصراع الدائر في سوريا حاليا والتفاهمات التي حصلت بين النظام السوري وحزب الاتحاد الديمقراطي (الكردي) بزعامة صالح مسلم نجح من خلالها النظام بفك الارتباط بين أجندة الثورة السورية والأجندة الكردية الحالمة بدولة كردية تمتد من القامشلي إلى عفرين على طول الحدود مع
تركيا.
وهذا يشكل ورقة ضغط على اللاعب الإقليمي التركي خصوصا بعد التطورات الأخيرة في المشهد السياسي التركي والذي تمثل بصعود حزب الشعوب الديمقراطية (الكردي) على واجهة المسرح السياسي المعقد قي تركيا.
إن إيران تراهن على نسج شبكة من العلاقات مع القوى الكردية ذات المرجعية الفكرية الواحدة في سوريا والعراق والتي هي قريبة جدا من حزب العمال الكردستاني للضغط والتأثير على الدور التركي خصوصا حيال الأزمة السورية وموقف تركيا الداعم للثورة السورية والمتمسك بضرورة رحيل الأسد لإنجاز أي تسوية سياسية للأزمة السورية.
إن تمدد النفوذ الإيراني في الحالة الكردية سوريا وعراقيا بات هدفا إستراتيجيا لإيران من الممكن أن يمثل لها حائط صد في حال انتصار الثورة السورية والذي بدوره سيصب ويزيد في قوة اللاعب التركي إقليميا.
عود على بدء إن الهدف غير المعلن والحقيقي لهذه العملية الأمريكية هي رسالة لإيران (لن نسمح لكم باللعب في إقليم كردستان فهذا الملعب لنا وحدنا فقط ولحلفاء إيران، الحل عندنا وليس عند غيرنا).