انقسم متابعو الشأن التركي، والعالم العربي على وجه الخصوص، بين فرح ومغتاظ بعد انتهاء التصويت في
الانتخابات التشريعية التركية، حتى قبل أن تصدر النتائج الرسمية للانتخابات التي أظهرت تصدر حزب العدالة والتنمية.
وفي معسكر الفرحين بالانتخابات التي أعيدت بعد تعذر تشكيل حكومة ائتلافية، بسبب إصرار خصوم الحزب على عدم مشاركته، اصطفت المعارضة السورية إلى جانب المعارضة
المصرية وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وعلى مستوى الدول يمكننا ضم السعودية وقطر إلى المعسكر الفرح.
أما في المعسكر الآخر، فاصطفت الإمارات العربية إلى جانب مصر إلى جانب النظام السوري ومؤيديه، وإسرائيل، وحزب الله اللبناني.
المعارضة السورية
كانت أبرز التهاني بفوز "العدالة والتنمية" من نصيب الفصائل المقاتلة حيث أصدر عدد من الفصائل بيانا هنأ فيه الحزب والشعب التركي بالفوز في الانتخابات التشريعية.
وفي رسالة مشتركة وقع عليها فصائل "حركة أحرار الشام الإسلامية- وفيلق الرحمن- والجبهة الشامية- وجيش المجاهدين– وكتائب الصفوة– والفرقة الوسطى– والفرقة 13– وجبهة الشام– والفرقة 101 مشاة– ولواء السلطان مراد– وجيش النصر– ولواء صقور الجبل- وتجمُّع فاستقم كما أُمرت.. وفصائل أخرى" تقدمت بالتهنئة بالفوز الذي قالت إنه "يأتي في مرحلة حساسة تعيشها المنطقة في مواجهة "قوى الإجرام والشر".
وهنأ جيش الإسلام على لسان المتحدث الرسمي باسمه النقيب "إسلام علوش"، الشعب التركي بفوز حزب العدالة والتنمية.
وأثنى على الازدهار الذي تعيشه
تركيا في ظل حكم الحزب، داعيا له "بالاستمرار في نصرة المظلومين، وأن يكون ركنًا متينًا في استقرار المنطقة".
أما رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة في سوريا فهنأ عبر تغريدة له على "تويتر" حزب العدالة والتنمية "في الوقت الذي تستمر فيه محاولات نشر الفوضى في المنطقة".
أما الإعلامي السوري فيصل القاسم فكتب على صفحته على"تويتر" مهنئا وشامتا في الوقت نفسه:
حركة حماس
فلسطينيا، هنأت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في بيان لها "عاصمة الخلافة الإسلامية، ورائدة الدفاع عن القيم الأخلاقية والسياسية".
وقالت الحركة في بيان لها: سألت الحركة الله "أن يوفقهم لأن تظل قضية القدس قضيتهم الأولى وأن يعملوا كعادتهم على نصرة الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية حتى الحرية والتحرير للأرض والمقدسات في فلسطين".
خالد مشعل
وهنأ رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل، الرئيس التركي رجب طيب
أردوغان، ورئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، بنجاح الانتخابات البرلمانية التركية المبكرة.
وقالت الحركة، في تصريح صحفي، إن "مشعل هاتف مساء الأحد، رئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان، ورئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، في اتصالين منفصلين، وقدم لهما التهنئة بالعرس الديمقراطي الكبير في تركيا".
وأعرب مشعل خلال اتصاليه، عن تمنياته لتركيا بالمزيد من التقدم والأمن والاستقرار بما يحقق الخير للشعب التركي ولقضايا الأمة وفي مقدمتها قضية فلسطين.
المعارضة المصرية
تصدر ترحيب معارضين مصريين في الداخل والخارج، ردود الأفعال المصرية حول النتائج الأولية غير الرسمية للانتخابات البرلمانية التركية، التي تمكن فيها حزب العدالة والتنمية من الفوز بنسبة كبيرة اقتربت من 50%.
وفيما لم تعلق السلطات المصرية على النتائج الأولية للانتخابات التركية، فقد اعتبر معارضون مصريون أن "فوز العدالة والتنمية هو انتصار للتجربة الديمقراطية بتركيا ولإرادة الشعب التركي".
وقال البرلماني المصري السابق والمعارض البارز حاتم عزام، صباح الاثنين، إن "التجربة الديمقراطية التركية ملهمة لشعوب كثيرة بالمنطقة تتطلع إليها وإلى سيادة القانون".
وأشار "عزام" إلى أن "تركيا عانت عقودا كثيرا جراء الانقلابات العسكرية حتى تخلصت منها لتبدأ طريق التقدم والرخاء".
وتمنى عزام "كل التوفيق للشعب التركي ولحزب العدالة والتنمية"، مبديا تقديره لـ"الموقف التركي الرسمي الأخلاقي والديمقراطي المشرف من رفضه للانقلابات العسكرية على الديمقراطية المدنية".
وقال الناشط المصري المعارض عبد الرحمن يوسف، في تدوينة عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "نبارك للشعب التركي الشقيق تجربته الديمقراطية العظيمة وندعو الله أن يحفظ تركيا من شر الانقلابات العسكرية ومن مؤامرات الداخل والخارج".
وأفاد رئيس تجمع برلماني مصري في الخارج وعضو شورى جماعة الإخوان المسلمين، جمال حشمت، مهنئا تركيا: "تهانينا لتركيا بنجاح عرسها الديمقراطي الحقيقي الذي سبق به أعتى الديمقراطيات، أما عسكر مصر فقد احتلوا اللجان الانتخابية وخربوا مصر تحت وابل من الأغاني".
وكتب رئيس حزب مصر القوية المعارض، عبد المنعم أبو الفتوح، في تغريدة عبر حسابه على "تويتر": "نتائج الانتخابات التركية انتصار كبير للإرادة الشعبية ولكل الشعوب الحرة وللربيع العربي وهزيمة كبرى للمال السياسي والمؤامرات الدولية والإقليمية".
ووجّه حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، التهنئة للشعب التركي قائلا: "يهنئ حزب الحرية والعدالة المصري الشعب التركي الشقيق على إتمامه المبهر للانتخابات البرلمانية وعلى نسبة المشاركة الكبيرة التي بلغت أكثر من 87% ليضرب المثل الواضح كيف تكون الحياة الحزبية والسياسية أكثر حيوية في ظل شعوب حرة لا تخضع لحكم عسكري ولا قمعي، وتتمتع بالديمقراطية الحقيقية بمشاركة معظم أفراد الشعب".
وذكر "المجلس الثوري" المصري المعارض في الخارج، أنه يتوجه بأسمى آيات التهاني للشعب التركي الشقيق على نجاحه في تدعيم أسس الديمقراطية في تركيا من خلال تلك النسبة العالية من المشاركة في الانتخابات التشريعية والتي تجاوزت أعلى المعدلات في البلدان الديمقراطية العريقة".
وأشاد إيهاب شيحة، رئيس حزب الأصالة، بكل القوى السياسية لتقديمها تركيا على أي خلاف سياسي "لتتوافق الأحزاب حتى في شعاراتها ويكون الهدف هو صالح تركيا أولا في شعارات كل الأحزاب، فهم يدركون تمامًا حجم المخاطر التي تحيط بهم"، بحسب تعبيره.
وتجاهلت الصحافة المصرية نتائج الانتخابات التركية، مفضلة ملء صفحاتها الأولى بخطاب رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي الذي ألقاه أمس. وهو عكس موقف الصحافة ذاتها عقب انتخابات السابع من حزيران/ يونيو الماضي، حين احتفت بتراجع حزب العدالة والتنمية وعدم قدرته على تشكيل حكومة منفردا، وقد ركزت هجومها حينها على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
السعودية وقطر
ورغم عدم صدور بيان رسمي من المملكة العربية السعودية وقطر، فإنهما تنضمان إلى قائمة الفرحين بنتائج الانتخابات التركية.. حيث إن تركيا تقف إلى جانب السعودية في موقف موحد مما يجري في سوريا وأهم النقاط المشتركة التي تجمعهما هي المطالبة برحيل الأسد كحل للأزمة في سوريا.
أما قطر فكانت إلى جانب تركيا في دعم ثورات الربيع العربي، واحتضنت كما تركيا بعض المعارضين المصريين بعد الانقلاب على الرئيس المنتخب محمد مرسي.
الإمارات
على الجانب الآخر، كانت الإمارات أبرز المتشائمين من نتائج الانتخابات التركية التي نجح فيها حزب العدالة والتنمية الذي تنظر إليه الإمارات على أنه ذراع للإخوان المسلمين ومشروع من مشاريع الإسلام السياسي الذي تهاجمه ليل نهار.
وكالعادة، فقد جاء الهجوم على لسان نائب رئيس الشرطة والأمن العام بدبي الفريق ضاحي خلفان الذي اعتبر أردوغان أبرز عوامل الإخلال بالأمن القومي العربي.
أما المغرد المحسوب على أجهزة الأمن الإماراتية، حمد المزروعي، فقال إن الانتخابات مزورة، وإنه لن تقوم لتركيا قائمة بوجود الأكراد.
ومن إيران كتب مدير مركز الدراسات الاستراتيجية والعلاقات الدولية بطهران، أمير موسوي، على صفحته على "فيسبوك" عن انتهاكات كبيرة شابت العملية الانتخابية.
إسرائيل
أما في إسرائيل فالتزمت الحكومة الإسرائيلية الصمت، إزاء نتائج الانتخابات التركية، التي أسفرت عن فوز كبير لحزب العدالة والتنمية الحاكم.
لكن النتائج، حظيت باهتمام واسع في وسائل الإعلام الإسرائيلية، التي أجمعت على وصف النتيجة بأنها "انتصار كبير" للحزب، وللرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
ولا تزال العلاقات بين تركيا وإسرائيل متوترة، منذ حادث سفينة مرمرة، الذي استشهد فيه 10 مواطنين أتراك على يد الجيش الإسرائيلي، قبالة سواحل قطاع غزة، منتصف عام 2010.
وقالت صحيفة "هآرتس"، واسعة الانتشار، تحت عنوان "انتصار كبير يحققه أردوغان في تركيا": "في حال صحت النتائج الأولية حول الانتخابات في تركيا، يكون حزب العدالة والتنمية قد زاد من قوته بما يوازي 10% مقارنة مع الانتخابات السابقة".
أما صحيفة "يديعوت أحرنوت"، اليمينية، فقد اختارت عنوان من كلمتين: "أَخَافَ وانتصر"، مع صورة للرئيس التركي أردوغان.
وأضافت الصحيفة، شارحة مقصدها من العنوان السابق: "دراما في تركيا: أردوغان حذر من احتمال اندلاع حرب أهلية في حال زادت قوة الأكراد، فسارعت أعداد كبيرة من المواطنين الأتراك إلى صناديق الاقتراع، النتيجة: نصر محقق".
وأضافت: "مع ذلك فإنه لم يحصل على النتيجة التي تضمن له تغيير دستور تركيا".
ووضعت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية على صفحتها الأولى، عنوانا بارزا يقول: "إنجاز لأردوغان: أغلبية في البرلمان التركي"، مع صورة لأتراك يحتفلون برفع صور الرئيس التركي أردوغان، ورئيس الوزراء أحمد داود أوغلو.
وأضافت: "فاز حزب الرئيس التركي بالأغلبية في مقاعد البرلمان، ولكن بما لا يكفي لتغيير النظام".
وبدورها فإن صحيفة "إسرائيل اليوم"، المقربة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اكتفت على صفحتها الأولى بالإشارة إلى نتائج الانتخابات مع نشر التفاصيل في الصفحات الداخلية.
وقالت الصحيفة: "تمكّن حزب العدالة والتنمية من استعادة قوته في البرلمان دون الحاجة لشركاء ائتلافيين، ولكن أردوغان لم يتمكن من تحقيق الأغلبية المطلوبة لتعديل الدستور، وأن يصبح سلطانا".
واستعرضت الصحيفة المعطيات الصادرة حول نتائج الانتخابات، لافتة إلى ضرورة الانتظار لرؤية كيفية تأثير نتائج الانتخابات على سياسات الرئيس التركي.
وقالت: "هل سيستأنف مسيرة السلام مع الأكراد؟ هل سيغير سياسته تجاه تنظيم داعش في سوريا والعراق؟ وكيف سيؤثر هذا الفوز على الهجرة الكبيرة للسوريين إلى أوروبا بما أن غالبية المهاجرين يأتون من مخيمات لاجئين موجودة على الأرض التركية؟".
وتوترت العلاقات بين تركيا وإسرائيل، منذ شن إسرائيل للحرب الأولى على قطاع غزة، نهاية عام 2008.
وتأزمت العلاقات بشكل أعمق، عقب إقدام قوات تابعة لسلاح البحرية الإسرائيلية، على قتل 10 متضامنين أتراك، كانوا على متن سفينة "مافي مرمرة" المتوجهة إلى قطاع غزة، لكسر الحصار المفروض عليه من قبل إسرائيل، منتصف عام 2010.
وتشترط تركيا لاستئناف العلاقات مع إسرائيل، تقديم تعويضات لضحايا سفينة مرمرة، ورفع الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة.
أما في مصر؛ فالكل بانتظار ما ستقدمه برامج "التوك شو" وإعلاميي نظام الانقلاب، والتي ستغلب عليها السخرية من النتيجة، لكن مببرات السخرية ستكون هي المفاجأة.