نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا لإيرين كاننغهام، قالت فيه إن شبه جزيرة
سيناء، التي اشتهرت بالرحلات الصحراوية والغوص في المياه النقية، اكتسبت في السنوات الأخيرة سمعة العنف والتطرف.
وتقول الكاتبة: "بعض المناطق الجرداء، التي كانت تجذب السياح لرحلات السفاري في الصحراء، هي عبارة عن مناطق تعيش حالة انعدام للقانون، مليئة بالمجموعات المتطرفة المرتبطة بتنظيم
القاعدة وتنظيم الدولة. وقامت الحكومة
المصرية بنشر قواتها ودباباتها وطائراتها المقاتلة في شمال شبه الجزيرة المضطرب لمحاربة التمرد، ولكنها فشلت إلى الآن في القضاء على الفوضى".
ويشير التقرير إلى حادث
الطائرة الروسية، الذي وقع يوم السبت، حيث سقطت في منطقة خالية في سيناء، وأعلنت جماعة منتمية لتنظيم الدولة، وهي "ولاية سيناء"، بأنها وراء سقوط الطائرة. وقتل في الحادث 224 شخصا كانوا على متن الطائرة. ولكن مسؤولي الأمن والطيران يقولون إنه لا دليل على أن عملا إرهابيا كان وراء سقوط الطائرة.
وتعلق كاننغهام بالقول: "لا يمتلك
الإرهابيون في سيناء الأسلحة المتطورة التي يمكنها الوصول إلى طائرات على ارتفاع عال، بحسب المحللين العسكريين. ولكن حصول المتطرفين على أسلحة أكثر خطورة، وتنامي الهجمات المعقدة للمتمردين، زادا المخاوف من إمكانياتهم للوصول إلى أهداف مهمة".
وتضيف الكاتبة أن "التمرد في السنوات القريبة تحول من زمرة من الجهاديين المنتجين محليا والمتمركزين في شمال سيناء إلى فرع خطير لتنظيم الدولة قادر على القيام بهجمات في عمق الدولة، بما في ذلك القاهرة. كما أن المتطرفين الذين يتضمنون مقاتلين أجانب صمدوا في وجه سلسلة من العمليات العسكرية في شمال سيناء. بالإضافة إلى أنهم أقاموا حواجز عسكرية خاصة بهم، ويقومون بزرع العبوات على أطراف الشوارع، ويستعرضون أسلحتهم الجديدة".
وتذكر الصحيفة أن المتطرفين قاموا بآلاف الهجمات الصغيرة على قوات الأمن منذ انقلاب الجيش على الرئيس الإسلامي المنتخب محمد مرسي عام 2013. مشيرة إلى أنه بحسب إحصائيات مستقلة للأعمال المسلحة، فإنه يعتقد بأن
تنظيم الدولة وتنظيم القاعدة يقفان خلف سلسلة من تفجيرات السيارات المفخخة في القاهرة الصيف الماضي. وفي هجوم كان مقلقا بالذات، حيث يقول المحللون إنه يحتاج إلى مستوى عال من التخطيط، قتلت سيارة مفخخة المدعي العام المصري هشام بركات.
وتلفت كاننغهام إلى أنه "في فيديو حديث تم تحميله على منتديات الجهاديين قام تنظيم (ولاية سيناء) ببث لقطات لمقاتليه وهم يتدربون ومعهم على الأقل نظام مضاد للطائرات يطلق من الكتف، وهو سلاح يقول المسؤولون الإسرائيليون إنه من المحتمل أن يكون نظام (SA-18 Igla)، الذي يمكنه إصابة طائرة على ارتفاع أقصاه 11 ألف قدم. وفي كانون الثاني/ يناير 2014، بثت المجموعة، التي بايعت فيما بعد تنظيم الدولة، مقطع فيديو يظهر أحد مقاتليها يسقط طائرة هليوكبتر تابعة للجيش المصري من صاروخ أطلقه عن كتفه فأصاب الطائرة التي سقطت إلى الأرض في كرة من اللهب".
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأنه لطالما حذرت الإدارة الفيدرالية للطيران المدني في الولايات المتحدة الطائرات الأمريكية من الطيران فوق سيناء بسبب المخاطر من المتطرفين، بحسب ما قاله جيمس ريكورد، وهو طيار طيران تجاري وأستاذ طيران في جامعة داولنغ كوليج في نيويورك. وأضاف أن التحذير الأخير من الإدارة "نصح الطائرات بالتحليق على ارتفاع 26 ألف قدم على الأقل فوق سيناء؛ للبقاء خارج مدى الأسلحة المضادة للطائرات".
وتنوه الصحيفة إلى أن تنظيم "ولاية سيناء" قد نشر صورا درامية لما يبدو أنه قذيفة أو صاروخ يضرب ويدمر فرقاطة بحرية مصرية قبالة سواحل شمال سيناء، وهو هجوم اعترف به الجيش لاحقا.
وتورد الكاتبة نقلا عن مجلة "جينز" العسكرية قولها إن المقاتلين المتطرفين قد يكونون استخدموا نظام صواريخ الكورنيت المضاد للدروع لضرب الفرقاطة. وقال محلل المجلة جيريمي بني إن صاروخ الكورنيت تستخدمه الجماعات الفلسطينية "المتطرفة" في قطاع غزة، ولم تكن تمت رؤيته بأيدي المتطرفين في سيناء.
ويجد التقرير أن ارتفاع عدد الهجمات المعقدة، التي تستخدم فيها أسلحة متقدمة، أوجد مخاوف من الخطر الجهادي على الطائرات المدنية في مصر. سواء كان من النيران الأرضية، أو محاولة زرع متفجرات على طائرات تجارية.
وتشير الصحيفة إلى أن المتطرفين استخدموا شمال سيناء لسنوات طويلة ممرا لتهريب الأسلحة وغير ذلك من الأنشطة الإجرامية، وذلك للحصول على الدعم ولبناء صفوفهم. مستدركة بأن جنوب سيناء، الذي يمتلك شواطئ طويلة على البحر الأحمر، الذي يعد ذا أهمية عالية للسياحة في مصر، هدف رئيسي للمتطرفين، بحسب ما يقول الخبراء.
وتوضح كاننغهام أنه في هذا الجنوب قضى السياح الروس إجازاتهم قبل أن يسافروا على متن الطائرة المنكوبة التي كانت متوجهة إلى سان بطرسبيرغ.
وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى أن أستاذ القانون الدولي وخبير الأمن في جامعة كورنيل جنز ديفيد أوهلين، يقول: "ركز تنظيم الدولة حتى الآن على بسط نفوذه على أراض جديدة، بدلا من أن يتصرف كونه تنظيما إرهابيا تقليديا.. وإن كان تنظيم الدولة فعلا هو من أسقط الطائرة، فإن هذا سيشكل تطورا جديدا وخطيرا، فهو يعني أن التنظيم خلط أكثر مناحي الدولة دموية مع الإرهاب بشكل خطير".