أشار تقرير لوكالة أنباء "أسوشيتد برس" إلى نظريات
المؤامرة التي يتداولها
المصريون حول تحطم
الطائرة الروسية. وقال إنهم يتحدثون بغضب عن نظريات مؤامرة ضد بلادهم.
ويلفت التقرير إلى أن الإعلام المصري رد بغضب على حديث بريطانيا والولايات المتحدة المتزايد عن قنبلة زرعت في الطائرة الروسية، التي تحطمت في الجو يوم 31 تشرين الأول/ أكتوبر، وقتل الركاب الذين كانوا على متنها كلهم، وكان عددهم 224 شخصا. وحاول الإعلام المصري تقديم رسالة للرأي العام أن بلادهم تواجه مؤامرة خارجية تعمل على تخويف الناس من السياح، وتدمير الاقتصاد المصري.
وتقول الوكالة إن فكرة "المؤامرة" قام بنشرها صناع الرأي وكتاب الأعمدة في الإعلام المكتوب وعلى مواقع الإنترنت وفي البرامج الحوارية التلفزيونية. وفي بعض الأحيان هاجموا الغرب، وقالوا مرات أخرى وبشكل صريح إن الغرب قام بتقييد حركة الطيران لمصر، لأهداف لا علاقة لها بأمن مواطنيها، ولكن من أجل تقويض البلد، ومنع الرئيس المصري عبد الفتاح
السيسي من بناء قوة مصر، وجعلها بلدا منيعا.
وينقل التقرير، الذي نشرته مجلة "تايم" الأمريكية، ما كتبته صحيفة "الجمهورية": "سيتحدى الشعب المؤامرة، ولن تخضع مصر للضغوط". وقالت صحيفة "الوطن": "تقف مصر أمام إرهاب الغرب". ويعلق كاتب التقرير قائلا إن "الخطابة تعكس في جزء منها تردد الإعلام في نشر نقد جدي أو الإشارة إلى مظاهر قصور لحكومة السيسي".
وتوضح الوكالة أنه منذ انقلاب الجيش على حكومة الرئيس المنتخب محمد مرسي في تموز/ يوليو 2013، قدم الإعلام الحكومي والمستقل السيسي على أنه المخلص لمصر. وواصل الإعلام بعد انتخابه عام 2014 الحديث عنه بكونه الرجل الذي سيحقق الاستقرار للبلاد.
وينقل التقرير عن المحللة في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية هبة الله طه قولها: "حالة الإنكار بالنيابة عن الدولة الرافضة الاعتراف بوجود أزمة، والحديث عن وجود طرف ثالث أمر عادي".
وتضيف طه أن نظريات المؤامرة تنتشر في المنطقة لعدة أسباب، منها ضعف التعليم والشك بالآخرين، وغياب الشفافية من جهة الحكومة، والقيود المفروضة على حرية التعبير، والحقيقة التاريخية عن دور القوى في الداخل والخارج، التي عادة ما تعمل من وراء الستار للتأثير على مجرى الأحداث. مشيرة إلى أن خطاب المؤامرة يأتي بالتأثر، فالمواطن العادي لا يقوم باختراع النظريات، ولكنه يتبنى ما يقوله إعلام الدولة.
وتلفت الوكالة إلى أنه وسط الأزمات عادة ما يتحدث الإعلام المصري عن "اليد الأجنبية". ففي أثناء الثورة التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك عام 2011، تحدث إعلام الدولة في حينه عن الأجانب الذين يغذون الاحتجاجات. وفي العامين الماضيين اتهم الإعلام المصري الولايات المتحدة بدعم الإخوان المسلمين، التي صنفت منظمة إرهابية، واتهمت واشنطن بمحاولة فرضها على مصر. وذلك ردا على الإطاحة بحكومة مرسي وما تبع ذلك من عمليات قمع وملاحقة للإسلاميين.
ويذكر التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، أن الإعلام اشتكى من عدم مساعدة الغرب للحكومة في حربها ضد الإرهاب، بما في ذلك
تنظيم الدولة وفرعه في محافظة سيناء. وهو الفرع الذي زعم أنه أسقط الطائرة التابعة لشركة "ميترو جيت" الروسية.
وترى طه أن الرد على تحطم الطائرة بعد إقلاعها من مطار شرم الشيخ متجذر بالخوف من تأثر صناعة السياحة المصرية، التي كانت تعيش قبل الحادث حالة من الانتعاش التدريجي.
وتنوه الوكالة إلى أن السلطات المصرية قد أعلنت أنها ستنظر في السيناريوهات كلها، وطالبت المصريين بالتوقف عن التكهنات حتى يتم الانتهاء من التحقيقات، التي قال السيسي إنها قد تأخذ شهورا. فيما انتقدت السلطات ما رأته تعجلا من الولايات المتحدة وبريطانيا للإعلان عن إمكانية تعرض الطائرة لحادث إرهابي، بعد حصولهما على معلومات أمنية تشير إلى هذا الاتجاه.
ويفيد التقرير بأن الإعلام المصري تعامل مع تعليق الطيران من روسيا وبريطانيا ودول أخرى، بأنه ظالم وشرير. وقال المذيع التلفزيوني المعروف ورئيس تحرير صحيفة "المقال" إبراهيم عيسى إنه حتى لو كان السبب قنبلة "فلم يكن الأمر يستدعي عقوبات على قاعدة واسعة وتشهيرا بمصر". وهوجم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بشدة.
وتشير الوكالة إلى أن الإعلام المصري تعامل مع تعليق بريطانيا الطيران من وإلى شرم الشيخ على أنه إهانة للرئيس السيسي؛ لأنه حدث في اللحظة التي وصل فيها الرئيس المصري إلى بريطانيا لإجراء محادثات مع كاميرون.
ويكشف التقرير عن أن معلقين ذهبوا أبعد من هذا عندما أشاروا إلى نوع من التعاون المشترك بين بريطانيا وتنظيم الدولة. وكتب المعلق في صحيفة "الوطن" حازم منعم أن الغرب "خائف" من مصر. وقال: "لماذا تصدر بريطانيا هذا التصريح الذي تزامن مع بدء زيارة السيسي، وكأنهم، (البريطانيين)، يعرفون الحقيقة من مصدرها"، وقارن الإعلان البريطاني بدراما تلفزيونية يقوم فيها الشرير بارتكاب الجريمة ثم يتهم الجانب الآخر بارتكابها. وكتبت لميس جابر في الصحيفة ذاتها أن الإنجليز "كانوا فرحين جدا" بإعلان تنظيم الدولة مسؤوليته عن الحادث، وأضافت: "وطالما ظل الإنجليز وتنظيم الدولة على تفاهم سياسي وتناغم أيديولوجي واستراتيجي، فإن المعلومة صحيحة".
وتبين الوكالة أنه عندما قرر الرئيس فلاديمير بوتين وقف الطيران الروسي، تساءل المعلقون عن السبب، وربطوه بنظرية المؤامرة، مع أن بوتين يعد من أهم داعمي السيسي. وجاء في عنوان "المصري اليوم": "حتى أنت يا بوتين"، فيما أشار آخرون إلى أن روسيا خضعت للتلاعب البريطاني. وفي صحيفة "الأهرام" كتب طه عبدالعليم قائلا إن التصريحات البريطانية والأمريكية هي جزء من محاولات الضغط على مصر، و"تهدف لتقوية الإخوان، وإهانة مصر، وتحريض الرأي العام الروسي ضد الحملة في سوريا". بل وقال أحد الممثلين المصريين المعروفين في حوار تلفزيوني إن رئيس الوزراء الذي قال عنه "جون براون" خالطا بين جون ميجر وغوردون براون هو من "الإخوان المسلمين".
وتختم "أسوشيتد برس" تقريرها بالإشارة إلى أن صحفا مثل "الإهرام"، اتهمت الحكومة البريطانية بإجبار مواطنيها على مغادرة مصر. ونشرت "الأهرام" صورة لسيدة بريطانية في حالة جدال مع السفير البريطاني في مصر جون غاسون، وفيها قالت المرأة: "نريد متابعة رحلتنا ولا نريد المغادرة". وفي الحقيقة يظهر شريط الفيديو، الذي انتشر على الإنترنت، أن السائحة كارلا دبلن تقول للسفير: "نريد العودة للوطن"، حيث كانت غاضبة من الترتيبات المشوشة في المطار.