قالت صحيفة "ديلي تلغراف" إن الجهاديين في
سيناء كانوا حتى قبل عامين شبه مجموعة تضم مهربين سابقين وشبانا متشددين وبعض المتطوعين الذين أرسلهم فرع تنظيم القاعدة في اليمن إلى شمال سيناء، ولم يتجاوز عددهم المئات.
ويقول مراسل الصحيفة ريتشارد سبنسر، إن التنظيم لديه قائدان جذابان، وهما أبو أسامة
المصري، الذي يعد المرشد الروحي لـ"ولاية سيناء"، وهو الرجل الذي ظهر اسمه في شريط فيديو على الإنترنت وأعلن فيه مسؤوليته عن تفجير
الطائرة التابعة لشركة "ميترو جيت" الروسية.. ويعتقد أنه تلقى تعليمه في جامعة الأزهر، وأنه في الـ 42 من عمره، ولا يعرف عنه أكثر من هذه المعلومات، ولا حتى اسمه الحقيقي.
ويشير التقرير إلى أن الشخصية الثانية، يعرف عنها الكثير، فهو شادي المنيعي، الذي يعرف بالأمير العسكري، وعمره 26 عاما. ولا يعرف ما إذا كان شارك في التخطيط أو التنفيذ في تفجير الطائرة الروسية. ولكنه وصل إلى مراكز قيادية في التنظيم، على الرغم من حداثة سنه، وتحول من مثير للمشكلات في قريته الواقعة شرقي العريش في منطقة شمال سيناء، وقد نجا من أكثر من محاولة لاغتياله. وينتمي لأشهر القبائل في شمال شرق سيناء، التي يشارك أفرادها في معظم مناحي الحياة في المنطقة. وقتل بعض من أبناء عمومته؛ لاتهامهم بالتعاون مع الحكومة. وهناك من يعمل في التهريب، وآخرون انضموا إلى الجهاديين.
وتبين الصحيفة أن شادي بدأ حياته في الطريق الذي سلكه الكثير من أبناء القبيلة إلى التشدد، عبر السجن. فقد عمل في بداية حياته مهربا، وكان ناجحا، حيث كان ينقل السلاح عبر الأنفاق من سيناء إلى غزة. وعندما بدأت الحكومة المصرية بالتشديد على الحدود، ألقي القبض عليه وسجن لمدة عامين، وأصبح متشددا وهو في السجن.
وينقل الكاتب عن شقيقه هيثم قوله في زيارة لبلدتهم المهدية في نهاية عام 2013، أن الحكومة قامت بتهميش الشباب، مثل ما حدث مع شقيقه، وفشلت في توفير فرص العمل، وبعد ذلك أغلقت الأنفاق التي كانت مصدر رزق للكثير من العاملين في التهريب. ويضيف هيثم أن "الإحباط هو ما قاده إلى هذه الأيديولوجية"، مشيرا إلى أن شادي "لم يكن أبدا متدينا". ولا يشارك هيثم فكر شقيقه، الأمر الذي ظهر من خلال تدخينه "الحشيشة" أثناء المقابلة.
ويكشف التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، عن أن الجيش المصري هاجم بعد المقابلة البيت الذي يسكن فيه هيثم مع زوجة شقيقه وولده، ودمروه مع عدد من البيوت في القرية.
وتذكر الصحيفة أن سمعة شادي بدأت بالظهور عندما عمل مع تنظيم أنصار بيت المقدس، وقام باختطاف عدد من المهندسين الصينيين في بداية عام 2012. وشوهد شادي معهم، كما يقول هيثم، حيث قدم مطالب الجماعة من خلف لثام.
ويوضح سبنسر أنه بعد ذلك أصبح "الأمير" جادا في انتمائه، وشارك في هجوم أدى إلى مقتل 16 جنديا في آب/ أغسطس، رغم أن التنظيم لم يعلن مسؤوليته عنه. وهرب عدد من المشاركين في الهجوم عبر الحدود إلى إسرائيل، حيث قتلوا في مواجهات مع الجيش الإسرائيلي.
ويفيد التقرير بأن التمرد في سيناء ازداد شدة بعد الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي، رغم السياسة المتشددة التي اتخذها في التعامل مع الجهاديين في المنطقة. لافتا إلى أنه تم تشريد الآلاف من سكان المنطقة من بيوتهم، خاصة من يعيش منهم قرب الحدود مع إسرائيل وغزة. وقتل مئات من قوات الأمن والجيش في مواجهات أو تفجيرات أو إطلاق نار.
وتذكر الصحيفة أن تنظيم أنصار بيت المقدس أعلن قبل عام عن ولائه لتنظيم الدولة في العراق والشام.
ويلفت الكاتب إلى أن هناك احتمالا لعدم انتقال المنيعي للطرف الذي قدم الولاء لزعيم
تنظيم الدولة أبي بكر البغدادي، وأنه بقي على ولائه لتنظيم القاعدة. مستدركا بأن الدعم لأنصار بيت المقدس زاد من تنظيم القاعدة في اليمن ومن سوريا وليبيا أيضا. مشيرا إلى أنه ربما كان هناك تداخل في عمل التنظيمين، خاصة أن تنظيم أنصار بيت المقدس يعمل على مفترق طرق بين شمال أفريقيا والجزيرة العربية وبلاد الشام.
ويورد التقرير أن هناك احتمالات لاستفادة مقاتلي أنصار بيت المقدس من خبرات صانع المتفجرات المعروف في اليمن إبراهيم العسيري، حيث حاول زرع قنابل في طائرات أمريكية، وأرسل مفجرا خبأ في سرواله قنبلة زرعها على طائرة أمريكية كانت متجهة لمطار ديترويت عام 2009.
وتختم "ديلي تلغراف" تقريرها بالإشارة إلى أن الخبير في الجماعات الجهادية في مركز الدفاع عن الديمقراطيات دافيد غارنستاين روس يقول إنه ينتظر التفاصيل ليعرف التطور الذي حققه أنصار بيت المقدس، "فقد حصلوا على شيء لم يكن لديهم".