عبر عدد من المهتمين والمراقبين الأردنيين عن تخوفاتهم من القرار الصادر عن اجتماع فيينا الأخير، المتعلق بالأزمة السورية، القاضي بتكليف الأردن بتنسيق جهود إعداد
قائمة بالتنظيمات "الإرهابية" في سوريا.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أعلن الأحد الماضي أن "المشاركين في اجتماع فيينا الأخير، اتفقوا على أن يقوم الأردن بتنسيق جهود إعداد قائمة بالجماعات الإرهابية في سوريا"، موضحا على هامش قمة العشرين في إقليم تركيا أنه "سيتم تنسيق العمل على استكمال قائمة الجماعات الإرهابية، وسيتولى الأردن مهمة التنسيق".
في ذلك، رأى المحلل السياسي محمد أبو رمان عبر تصريحات محلية، أن "عملية التكليف فخ للأردن؛ لأن ذلك سينتج عنه مزيد من الأعداء والأعباء على أمن واستقرار البلاد"، فيما اعتقد الكاتب فهد الخيطان بمقال كتبه في صحيفة الغد اليومية، أن "المهمة إشكالية بامتياز، ودونها عقبات كبيرة، قد تنتهي إلى خلاف بين مختلف الأطراف الدولية والإقليمية حول التصنيفات المقترحة".
بينما فضل المحلل السياسي راكان السعايدة، عبر تصريحات صحفية محلية، أن يكون الأردن ضمن لجنة دولية مشتركة، حتى لا يتحمل المسؤولية وحده، ولكي يقلل المخاطر السياسية والأمنية نتيجة التصنيف والفرز".
بالرغم من التخوفات الأردنية، إلا أن مدير مركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الأردنية، الدكتور موسى شتيوي، يقلل من هذه التخوفات، في الوقت الذي لا ينفي إمكانية وقوعها.
وقال شتيوي لـ"عربي21" معلقا على هذا التكليف الدولي للأردن: "صحيح أن هذا القرار الدولي الذي حدد الأردن للقيام بهذه المهمة سيستفز هذه التنظيمات، ويستعديها تجاه المملكة، ولكن الأردن في المقابل مستعد وحذر، وقد أخذ كل الاحتياطات الأمنية للحيلولة دون تمكين هذه التنظيمات من القيام بأي أعمال إرهابية متوقعة".
بيد أن شتيوي يعتقد أن اختيار الأردن لإعداد القائمة، يعكس "ثقة المجتمع الدولي بأجهزته ومعلوماته الأمنية والاستخبارية الكبيرة، إضافة إلى معرفته العميقة بخريطة الجماعات المسلحة في سوريا".
وفيما إن كان من الأفضل عدم الإعلان عن دور الأردن في هذه المهمة، وجعله سريا، لتفادي أي تبعات أو تداعيات سلبية على الأمن الداخلي، أشار شتوي إلى أن "المهمة معلوماتية تصنيفية، لا تستدعي السرية والكتمان، فدور الأردن سيقتصر على تحديد معايير لتصنيف هذه التنظيمات ليس أكثر".
أما المدة المتوقعة التي من الممكن أن ينهي فيها الأردن إعداد القائمة، توقع مدير مركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الأردنية، الدكتور موسى شتيوي أن تكون "هذه المدة قصيرة، لأن عامل الوقت بهذه القضية ضاغط، خاصة في ظل الإسراع الدولي لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية".
وكان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني أكد في خطاب العرش خلال افتتاح الدورة العادية لمجلس الأمة أن "العصابات الإرهابية باتت تهدد العديد من دول المنطقة والعالم"، مؤكدا أن "مواجهة التطرف مسؤولية إقليمية ودولية مشتركة"، مشددا على أن "الأردن سيواصل التصدي لمحاولات تشويه الدين الحنيف".
في حين سيكون الأردن أمام مهمة تعجيزية، من خلال هذا الدور الإقليمي والعالمي الجديد، الذي يضاف إلى أدواره المركبة الحساسة، فإنه سيصعب ترجمة القرار بخطوات ملموسة على الأرض، استنادا للقائمة المزمع إعدادها، وذلك نظرا للتباين الكبير في مواقف القوى الدولية والإقليمية حيال جماعات المعارضة التي تتخذ حتى الآن موقفا سلبيا من قرارات اجتماع فيينا، وترفض بشكل مطلق المقترحات الروسية للمرحلة الانتقالية.
ولاستطلاع وجهة نظر وموقف الجماعات المسلحة من القائمة، تحدثت "عربي21" مع القيادي في التيار السلفي الجهادي، محمد الشلبي المشهور بـ"أبو سياف"، الذي أبدى استياءه من قبول الأردن بهذه المهمة الذي اعتبرها "استعداء واستفزازا" من قبل الحكومة الأردنية للتنظيمات المسلحة.
وقال "أبو سياف" الذي يعتبر مقربا من تنظيمي "الدولة" و"النصرة"، في حديث خاص لـ"عربي21": "إن موافقة الأردن على إعداد هذه القائمة، ستدخله في معركة مع التنظيمات المسلحة هو في غنى عنها، خاصة بعد خطاب أبي محمد العدناني الأخير، الذي انتشر في فيديو عمليات باريس الأخيرة، حيث دعا من خلاله أنصار
تنظيم الدولة إلى الانتقام وتوجيه ضربات موجعة للدول التي تشارك في التحالف الدولي ضد التنظيم".
ولم يستبعد "أبو سياف" قيام تنظيم الدولة بـ"ضرب دول مشاركة في التحالف الدولي، من بينها الأردن، كما فعل مع الطائرة الروسية في مصر، كما في العاصمة الفرنسية باريس، وذلك بناء على دعوة العدناني الأخيرة "، مستدركا بقوله: "لكن أتوقع أن الضربات الجوية الأخيرة على مواقع التنظيم، خاصة من قبل الطائرات الروسية، قد عملت فيما يبدو على تأجيل هذه العمليات، لما لها من تأثير على القيادة وخططها".
ووافق "أبو سياف" الذي أمضى حوالي 10 سنوات في السجون الأردنية، على "احتمالية تغيير استراتيجية تنظيم الدولة لخططه العسكرية، وذلك جراء الهزائم التي مني بها مؤخرا في سوريا والعراق، حيث من الممكن أن يبدأ في تنفيذ عمليات تفجيرية في البلدان التي يصنفها ضمن أعدائه، وذلك للضغط عليها من أجل التراجع عن مهاجمته في سوريا والعراق".
إلى ذلك، ووفقا لمراقبين، تبرز تحديات وصعوبات أمام الأردن في تنسيق جهود إعداد قائمة بالتنظيمات "الإرهابية" في سوريا، منها صعوبة التوفيق بين وجهات النظر العالمية والإقليمية المختلفة، إلى طبيعة وتصنيف الأطراف المحاربة في سوريا، فحسب المعلن، هناك توافق على محاربة تنظيم الدولة، ولكن في الوقت ذاته، هناك خلاف كبير فيما يخص المنظمات الأخرى، إذ من المعلوم أن هناك دولا وقوى تدعم تنظيمات وتزودها بالمال والعتاد، وبالطبع، فإن هذه الدول وهذه القوى لا ترغب بإدراج الأطراف الممثلة لمصالحها ضمن قائمة الإرهاب الأردنية.
في النهاية، وطبقا لآراء وتحليلات للمراقبين والمهتمين، فإنه سيتعين على الأردن في البداية، وضع معايير لتصنيف المنظمات "الإرهابية"، تستند إلى قرارات سابقة لمجلس الأمن الدولي، وتعريف الأمم المتحدة للمنظمات "الإرهابية"، ممكن أن يكون منها، الاستناد إلى خطاب فصائل المعارضة السورية، لتحديد اتجاهات كل فصيل، ما إذا كانت تصب في نهج
المنظمات الإرهابية، كما ينبغي الأخذ بالحسبان موقف هذه المنظمات من الحل السياسي في سورية، ومدى استعدادها لدعم الجهود الدولية في هذا الخصوص، واستعدادها للانخراط في مفاوضات الحل النهائي وفق شروط ومرجعيات "جنيف" وبيان فيينا الأخير.