طرح باحثون غربيون أربعة من الأسئلة المهمة حول سياق الحرب على
تنظيم الدولة، في حين أجاب الباحثون أنفسهم على الأسئلة التي طرحوها، عبر تقرير نشر على الموقع الإلكتروني لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط.
لماذا تقف تركيا خارج الحرب ضد تنظيم "الدولة الإسلامية"، وكيف تستطيع واشنطن إقناعها أن تكون أكثر فائدة؟
فقد طرح الباحث جيمس جفري عبر التقرير، سؤالا كان نصه "لماذا تقف تركيا خارج الحرب ضد تنظيم "الدولة الإسلامية"، وكيف تستطيع واشنطن إقناعها أن تكون أكثر فائدة؟".
وأجاب الباحث على تساؤله بقوله: "تتردد تركيا في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية لثلاثة أسباب على الأقل، أوّلا، بينما ترى أن تنظيم "داعش" يشكل تهديدا، إلا أنها أكثر اهتماما باثنين من الأولويات الأخرى وهما: التصدّي للقومية الكردية من النوع الذي يدافع عنه "حزب العمال الكردستاني" ونظيره السوري "حزب الاتحاد الديمقراطي"، وخلع نظام بشار الأسد".
أما السبب الثاني الذي تتردد تركيا من أجله في محاربة تنظيم الدولة، وفق ما ذكر جفري، فهو أنها تفعل ذلك "لمحاربة الأسد"، في حين رأى الباحث أن السبب الثالث هو "محاولة أنقرة استخدام احتمال اتّخاذ إجراءات أكثر حدّة ضد تنظيم "داعش" كنفوذ لكسب رضوخ واشنطن لفكرة منطقة الحظر الجوّي التركية في شمال
سوريا، وللضغط على "حزب الاتحاد الديمقراطي"؛ ليكون أكثر جرأة ضد الأسد، وأقل توسّعا في المناطق العربية قرب الحدود مع تركيا.
ورأى الباحث أنه "ليس هناك أي ضغط يمكن أن يغيّر من موقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حول هذا الموضوع، وإذا أرادت الولايات المتحدة وحلفاؤها أن تكون تركيا أكثر نشاطا، يجب عليها، على الأقل، استيعاب مطالب أنقرة بشكل جزئي. ويعني ذلك اتخاذ الحيطة بشكل أكبر فيما يتعلق بتمكين "حزب الاتحاد الديمقراطي" واعتماد موقف أكثر صرامة تجاه الأسد، ومن المرجح أن يشمل ذلك فرض منطقة حظر جوّي".
هل يريد تنظيم "داعش" حقّا إنشاء "دولة إسلامية"، وهل سيدع الغرب وشأنه إذا تركه الغرب وشأنه؟
أما السؤال الثاني، الذي طرحه الباحث ماثيو ليفيت في التقرير، فقد كان نصه "هل يريد تنظيم "داعش" حقّا إنشاء "دولة إسلامية"، وهل سيدع الغرب وشأنه إذا تركه الغرب وشأنه؟".
وتصدى الباحث بنفسه للإجابة عن تساؤله، حيث قال: "خلافا للمؤامرات السابقة المستوحاة من تنظيم "الدولة الإسلامية"، "تمّ الإعداد لهجمات باريس، والتخطيط لها في مكان آخر، وبتدخل خارجي، وهذا بحدّ ذاته تغيّر تكتيكي كبير بالنسبة إلى تنظيم "داعش" لا يمكن تفسيره كردّة فعل على المكاسب التي حقّقها التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في سوريا والعراق".
ولفت الباحث في إجابته إلى أن هذه العمليات جاءت بعد أن "عانى تنظيم "داعش" من نكساته الأخيرة".
وأفاد الباحث بأن "تنظيم "داعش" يصف أهدافه بـ"البقاء والتوسع"، إلا أن هذا ليس كل ما يسعى إلى تحقيقه، فأيديولوجيته تنبؤية متعلقة بنهاية العالم بشكل صريح، حيث تسعى إلى استدراج "الرومان" (أي الغرب الكافر) إلى معركة مفاجئة ستنذر بـ"يوم الدين".
وواصل الباحث الشرح في إجابته حول هذا الموضوع بقوله "إنّ النبوءات حول معركة نهاية العالم في قرية دابق السورية تتخلل بيانات تنظيم "الدولة الإسلامية" وآدابه، كما أنّ مجلّة الجماعة الصادرة باللغة الإنكليزية أُطلق عليها اسم "دابق"، ويفسّر محرّروها قائلين: "ستلعب المنطقة دورا تاريخيا في المعارك المؤدّية إلى فتوحات القسطنطينية ثمّ روما".
وأنهى البحث إجابته قائلا: "إنّ النبوءات التي يلتزم بها تنظيم "الدولة الإسلامية" لا تتطلّب غزو الشرق الأوسط فحسب، بل العالم بأكمله، لقد أشعل تنظيم "الدولة الإسلامية" نار التنبؤ بنهاية العالم، بإذكائه نيران أيديولوجية خطرة تضرب كل الحدود عرض الحائط".
ماذا سيحصل إذا شدّدت أوروبا الإجراءات على اللاجئين السوريين؟
وبالنظر إلى السؤال الثالث، نجد أن نصه كان "ماذا سيحصل إذا شدّدت أوروبا الإجراءات على اللاجئين السوريين؟"، وقد طرحه الباحث فابريس بالونش.
وبدأ الباحث إجابته بالقول: "منذ هجمات باريس، قرّر العديد من البلدان وقف استقبال اللاجئين السوريين أو السماح بدخول المسيحيين فقط، الذين من غير المرجّح أن يكونوا من أفراد تنظيم "الدولة الإسلامية"، ويُعدّ هذا الإجراء بشكل جزئي حجة لتجنّب تحمّل هذه الدول حصّتها من المسؤولية عن المأساة السورية".
ونوه الباحث إلى أنه "إذا ثبت القرار، وأصبح سياسة عامّة في أوروبا، فإن ذلك قد يولّد مشاعر يأس بين العديد من اللاجئين، ما قد يسبّب موجة عارمة من التطرّف، لا سيّما بين أولئك الذين حاربوا نظام الأسد".
وأشار الباحث بالونش إلى أن "المساعدات الإنسانية للاجئين آخذة في التراجع، وغالبا ما يُعدّ التوجّه إلى أوروبا الأمل الوحيد، وسيعتبر العديد من اللاجئين السوريين الإغلاق التامّ للحدود الأوروبية خيانة جديدة من قبل الغرب.
واستشهد الباحث بأقوال اللاجئين الذين قابلهم؛ إذ كان آخر حديثهم في المقابلات الصحفية في العام 2014 "لقد غدرتم بنا، وتنظيم "الدولة الإسلامية" هو وحده الذي يستطيع مساعدتنا على استعادة كرامتنا".
ما مدى فعالية روسيا في محاربة تنظيم "الدولة الإسلامية"؟
أما آخر الأسئلة الأربعة التي طرحتها الباحثة آنا بورشفسكايا، فقد كان نصه "ما مدى فعالية روسيا في محاربة تنظيم "الدولة الإسلامية"؟"، حيث جاء في إجابة الباحثة أن "العديد من التقارير يشير إلى أنّ الغالبية الكبرى من الضربات الجوّية الروسية لم توجّه ضدّ أهداف تنظيم "داعش".
ورأت بورشفسكايا أن "تدخّل موسكو في سوريا أدى إلى تفاقم تدفّق اللاجئين الهاربين من الأسد، وشجّع تنظيم "الدولة الإسلامية" من خلال إزالة أعدائه (بمن فيهم أولئك الذين يدعمهم الغرب)، وأثبط حلفاء الولايات المتحدة الإقليميين في غياب ردّة فعل غربية متماسكة".
وقالت في معرض إجابتها: "إنّ الدعم المتواصل الذي قدمه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للأسد منذ عام 2011 ساهم أيضا في نمو تنظيم "الدولة الإسلامية"، وذلك استنادا لتقرير مفصّل صدر في تمّوز/ يوليو نشرته الصحفية إيلينا ميلاشينا في "نوفايا غازيتا"، إحدى الصحف القليلة المستقلة المتبقية في روسيا.
وأنهت الباحثة بورشفسكايا إجابتها قائلة: "من مصلحة روسيا محاربة تنظيم "داعش" بالفعل، لا سيّما في غياب الاستقرار في شمال القوقاز، إلا أنّ الشاغل الأساسي لبوتين هو البقاء في السلطة وتقسيم الغرب، فهو يستخدم الأحداث المأساوية التي وقعت في باريس فرصة لدفع الغرب إلى القبول بأجندته"، معتبرة أن هذا الأمر يعدّ روسيا برئاسة بوتين "حليفا ضعيفا في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية".