بلغت أعمال تخريب المساجد والتهديدات ضد
المسلمين، مستويات غير مسبوقة في الولايات المتحدة بعد هجمات
باريس، يغذيها تشدد اليمين الأمريكي وسط حملة الانتخابات الرئاسية الجارية، على ما يؤكد ناشطون.
وأكد إبراهيم هوبر المتحدث باسم مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية، أكبر جمعية مسلمة للحريات المدنية، أن هذا حدث "في فترة قصيرة جدا، وهذا ما يجعله غير مسبوق".
فمنذ 13 تشرين الثاني/ نوفمبر، سجل المجلس وقوع عشرات الحوادث المعادية للإسلام، منها إطلاق نار على مسجد ميريدن في كونيتيكت، وتخريب في مركز إسلامي في بفلوغرفيل في ولاية تكساس حيث لطخ الباب بالبراز ورسوم غرافيتي صورت برج إيفل رمزا لاعتداءات باريس على جدار مركز إسلامي في أوماها في ولاية نبراسكا.
في تكساس وحدها سجلت حوالي ستة تعديات، حيث تم تحطيم الأضواء الخارجية والباب الزجاجي لمسجد لابوك. وفي كوربوس كريستي تلقى المركز الإسلامي تهديدا دعا رواده إلى اعتناق المسيحية "قبل فوات الأوان".
وفي إيرفينغ، تجمع متظاهرون أمام مركز إسلامي تنديدا بـ"أسلمة أمربكا". وأقدم رجل بملابس عسكرية يحمل حقيبة ظهر كبيرة وعلما أمريكيا على دخول مسجد في سان أنتونيو وقام بشتم المصلين.
وحملت هذه الحادثة مدرسة تابعة للمسجد على تعليق الدروس ومراجعة إجراءاتها الأمنية.
وأكد المجلس تعرض منزل زوجين مسلمين لإطلاق نار في أورلاندو في فلوريدا، والقول لمحجبة إنها "إرهابية" في سنسيناتي في أوهايو، فيما قام راكب سيارة أجرة بضرب وتهديد السائق الإثيوبي المسيحي لاعتقاده أنه مسلم، في شارلوت في نورث كارولاينا.
شيوع الكراهية
وقال هوبر: "سبق أن شهدنا ارتفاعا كبيرا في عدد جرائم الكراهية ضد المسلمين، لكنه تم على فترات طويلة، ولم يكن بهذه الكثافة". وإنه بعد
اعتداءات 11 أيلول/ سبتمبر وشيوع الكراهية وقع "الكثير من تلك التعديات، لكن في المقابل فإنه برز دعم كبير لمجموعة المسلمين.. أما اليوم فلا نرى ذلك بشكل واسع".
وبعد ستة أيام على الاعتداءات التي نفذها تنظيم القاعدة، زار الرئيس آنذاك جورج بوش، مسجدا حيث رفض التعرض للمسلمين الأمريكيين والعرب ودعا إلى احترام الإسلام.
وقال هوبر لوكالة فرانس برس، مستذكرا زيارة بوش إن "الرئيس (الحالي باراك) أوباما لم يزر أي مسجد أمريكي".
ويقول ناشطون إن الخطاب المعادي للإسلام الذي ازداد حدة بعد الاعتداء على صحيفة شارلي إيبدو الهزلية في باريس في كانون الثاني/ يناير، يتغذى بالخطاب اليميني المتشدد للجمهوريين في حملة الانتخابات الرئاسية الجارية.
وقال هوبر لفرانس برس: "أعتقد أننا نشهد إشاعة الكراهية للإسلام.. وهذا ما يعطي حسا زائفا بالشرعية لمن قد ينفذ جريمة كراهية".
واتهم السياسيين بالإحجام عن الرد و"الامتناع عن مواجهة وصد هذا التزايد في كره المسلمين".
وفي هذا السياق، أعلن الملياردير دونالد ترامب الذي يتصدر السباق الجمهوري إلى الرئاسة مؤخرا في تجمع انتخابي، أن العرب في مدينة جيرزي احتفلوا عند سقوط برجي مركز التجارة العالمي في 11 أيلول/ سبتمبر، مؤكدا أن "آلاف وآلاف الأشخاص أطلقوا هتافات الفرح فيما كان ذاك المبنى يتهاوى".
وأثارت هذه الأقوال رد فعل غاضب في مدينة جيرزي، ولدى خصومه في الانتخابات ومدققي الوقائع.
لكن ترامب أصر على موقفه، وأثار مزيدا من الاستياء عند دعوته إلى تسجيل جميع المسلمين في قاعدة بيانات حكومية.
المسلمون قلقون
أعلن نصف حكام البلاد أن اللاجئين السوريين غير مرغوب فيهم، والأسبوع الفائت صوت مجلس النواب على تعليق وصول اللاجئين السوريين والعراقيين حتى إنشاء آلية أكثر صرامة للتدقيق في هوياتهم.
وشبه جراح الأعصاب بن كارسون ثاني المتنافسين للفوز بالترشيح الجمهوري، اللاجئين السوريين بالكلاب المسعورة.
وقال مدير مركز جمايكا الإسلامي في كوينز في نيويورك، الإمام شمسي علي، أن اعتداءات باريس كان لها "عواقب سلبية جدا" على المسلمين ولا سيما وسط الحملة الانتخابية.
وصرح لفرانس برس، بأن "المسلمين قلقون"، مشيرا إلى أن القلق امتد عبر الحدود إلى مسلمي كندا.
وفيما لم تسجل حوادث، فقد أفاد بأنه طلب من الشرطة تشديد الحماية حول المركز الإسلامي معربا عن "ارتياح كامل" لاستجابة الشرطة.
ويقدر عدد مسلمي أمريكا بسبعة إلى عشرة ملايين شخص.
وقال علي: "هذا النوع من الخطاب ليس أمريكيا.. هذا البلد يحترم
حقوق الجميع بالعيش وممارسة معتقداتهم. هذا البلد يحتضن المهاجرين". وأكد ختاما "أن ولاءنا لهذا البلد لا يقل عن أحد".