قال رئيس هيئة العلماء السوريين في
لبنان، عبد الرحمن العكاري، إن "استهداف مكتب هيئة علماء القلمون في
عرسال، هو لزعزعة الأمن والاستقرار والمستفيد هو النظام السوري ومن يواليه من
حزب الله".
واستبعد عبد الرحمن العكاري، في لقاء خاص مع "
عربي21"، أن "يكون هناك أي ارتباط بين استهداف هيئة علماء القلمون في عرسال وتفجيرات
الضاحية الجنوبية وأي تفجير سوف ينعكس ذلك سلبا على اللاجئين السوريين".
وسجل العكاري أن "حزب الله هو المتصرف الوحيد ويملك القرار في لبنان من الناحية السياسية"، مقرا أن الهيئة لم "تجد أي مضايقات من حزب الله حتى الآن، وقد يكون سبب ذلك البعد عن بيروت وعن بعلبك".
واعتبر أن الهيئة شاملة جامعة لكل حملة الإجازات الجامعية من شتى المجالات ليخدم كل واحد منهم اللاجئين السوريين ضمن اختصاصه.
وشدد على أن السوريين في لبنان يتعرضون لحصار إغاثي وإنساني وطبي مطبق عليهم وحملة أخرجونا من لبنان جاءت لهذه الأسباب.
"
عربي 21" أجرت لقاء مع الشيخ "عبد الرحمن العكاري" حول أوضاع اللاجئين السوريين في لبنان، وكان الحوار التالي:
1- بداية من هي هيئة العلماء السوريين؟ وما أهدافها ولماذا اخترتم لبنان مقرا لها؟
سبب وجودنا في لبنان نظرا لنزوحنا وتواجد السوريين هنا، وفي ظل عدم وجود أي جهة تمثلهم وتتكلم باسمهم هو ما دفع الكثير من حملة الشهادات الجامعية وليس الشرعية، فكثير من يظن أن هيئة العلماء مختصة بالمشايخ ورجال الدين، والحقيقة أن أي إنسان هو عالم ضمن اختصاصه، فهيئة العلماء السوريين في لبنان هي هيئة شاملة جامعة لكل حملة الإجازات الجامعية من شتى المجالات ليخدم كل واحد منهم اللاجئين السوريين ضمن اختصاصه، وفي مجال عمله، وتسعى لأن تكون صلة وصل ما بين الشعب السوري، وبين الجهات المعنية الموجودة في لبنان.
2- ماهي الأعمال التي تقوم بها الهيئة: الشرعية والقانونية؟
بداية لدينا في هيئة العلماء السوريين لجنة اسمها "لجنة إصلاح ذات البين"، ومهمتها هي دائما الإصلاح وإيجاد الحلول المناسبة لأية عوائق تتعرض اللاجئين السوريين من جهة والأخوة اللبنانيين من جهة أخرى.
كما أن الهيئة معنية بتوثيق الأحوال الشخصية لدى السوريين، فالكثير من السوريين الذين خرجوا من سوريا منذ أربع أو خمس سنوات يحتاجون اليوم إلى وثيقة ولادة، أو وفاة، أو زواج، أو طلاق، وكل ما يتعلق بملف الأحوال الشخصية، فنقوم نحن بمنحها للتخفيف عنهم أعباء ودفع رسوم لمحكمة شرعية، وهذه الأعباء منعت الكثير من السوريين سابقا من التسجيل لتوفير المال، وهذا ما سبب فوضى عارمة في صفوف اللاجئين السوريين في لبنان، فتشعبت الولادات والوفيات وأصبح الزواج والطلاق أمرا سهلا عند أي شيخ، أو أي شخص يكتب عقد عرفي ثم بعد شهر أو شهرين تطلق الفتاة ثم يضيع حقها، وهناك الكثير من السلبيات لهذا الأمر، فنحن ضبطنا هذا الأمر بالذات، حيث لا يجوز لأي شخص سوري يريد الزواج أو الطلاق أن يذهب لأي شخص كان ليجري له العقد، فإما أن يذهب إلى المحكمة الشرعية اللبنانية الرسمية حصرا، أو ليتقدم إلى الهيئة ويثبت عقده مجانا وبدون مقابل.
أيضا هنالك ملفات أخرى نتابعها؛ وهي تعنى بنقل مطالب السوريين إلى المعنيين من المسؤولين اللبنانيين سواء كانوا أمنيين أو سياسيين أو رجال دين.
3--ماهي المصادر المالية لتغطية مصاريف مكتب الهيئة؟
نحن مركزنا يقع في عكار في الشمال اللبناني بسبب ضعف الإمكانيات وعدم وجود أي دعم للهيئة فلم نستطع فتح أي مكاتب في أماكن متعددة، فنحن نعتمد في تأمين أجرة المكتب والمطبوعات والمستلزمات الورقية عبر اشتراك شهري من الأعضاء، أو عبر التواصل مع أحد فاعلي الخير فيدفع لنا أجرة المكتب.
4- كيف يتم التعامل معكم من قبل الحكومة اللبنانية، وهل تعرضتم لمضايقات من حزب الله أو غيره سابقا؟
لم نجد أي مضايقات من حزب الله حتى الآن، وقد يكون سبب ذلك البعد عن بيروت وعن بعلبك وعن أماكن سيطرة حزب الله، ثم إنه يوجد تعاون كبير بين الهيئة والجهات الأمنية المعنية، وبعض الشخصيات السياسية والأمنية المؤيدة للثورة السورية حصرا، هذا ما يسهل التعامل معنا ويتعاملون معنا بشكل إنساني جدا، فنحن اليوم أكثر ما نواجه من مشاكل هو موضوع تجديد البطاقات والإقامات للسوريين، والأمن العام وضع شروط تعجيزية كبيرة جدا ستكون عائق أمام تجديد هذه البطاقات، ولذلك نحاول التواصل معهم للتخفيف من هذه الشروط.
5- ما معلوماتك حول التفجير الذي استهدف مؤخرا مقر هيئة علماء القلمون في عرسال؟
إن استهداف مكتب هيئة علماء القلمون في عرسال، إنما هو لزعزعة الأمن والاستقرار في عرسال، بعد ما كان الأمن موجودا في عرسال لأكثر من سنة، ولم يحدث أي إطلاق نار أو أي مداهمات لللاجئين السوريين، ثم بعد ذلك أعقبه مباشرة استهداف واعتداء على الجيش اللبناني عبر عبوة ناسفة ضربت إحدى سياراته، فنحن عندما نربط الأمرين ببعضهما البعض، نرى أن المستفيد من هذا الاعتداء على السوريين في عرسال، وعلى دورية الجيش اللبناني، هو النظام السوري ومن يواليه من حزب الله.
6-هل تتفق مع من ربط بينه وبين التفجيرات الأخيرة في منطقة الضاحية ببيروت؟
استبعد جدا، أن يكون هناك أي ارتباط بين ما حدث في عرسال، وما حدث من تفجيرات الضاحية، فأنا منذ أيام قرأت بيانا لقوى الأمن الداخلي ووزارة الداخلية يتحدثون عن تفجير الضاحية، بأنه كان معد له سابقا ومنذ أكثر من سنة، يرتب له حسب ما ورد بالصحف التابعة للحكومة اللبنانية.
7-كيف تنظرون لتفجيرات الضاحية؟ وما هو موقفكم منها؟ وهل برأيكم سينعكس ذلك سلباً على السوريين في لبنان؟
موقفنا واضح كموقف أي عاقل واضح، ولكن كثرة الضغوط على السوريين وأي عمليات عسكرية تستهدف المؤسسات العسكرية اللبنانية، وأي نقاط أمنية سوف ينعكس ذلك سلبا على اللاجئين السوريين وسيكون السوريون عرضة للاعتقال والمداهمة في أي لحظة.
8- بالنسبة للتطورات الأخيرة في أوساط اللاجئين السوريين، وحملة "أخرجونا من لبنان" هل لكم دور بهذه الحملة وما رأيكم بها؟
يتواصل معي شخصيا عدد من النشطاء السوريين موجودون في لبنان، واقترحوا علي شخصيا إطلاق هذه الحملة فطبعا أنا أيدتها مباشرة وتكلمت مع أعضاء الهيئة، وكان التأييد كامل وهذا الموضوع طرحناه منذ أكثر من سنة كهيئة علماء سوريين، على عدة جهات أمنية في لبنان، أن أخرجونا من لبنان ولكن طلبنا أن يكون الخروج إلى الشمال السوري حصرا من خلال تركيا عبورا وليس مكانا للإقامة لمن يريد من السوريين.
فتم التنسيق ما بين بعضنا البعض وشكلنا غرفة واحدة وهي غرفة تنسيق للإعلامين والتواصل وتم التصويت من خلالنا على اختيار لجنة مقررة لحملة "أخرجونا من لبنان"، وكان عددهم حوالي العشرين ناشط وجمعنا جميعا في غرفة واحدة وتم التنسيق بعد ذلك، ولكن كان العمل لا يتعدى سقف الإعلام فقط ولا يوجد أي شيء عملي على الأرض، ولم يكن هناك أي لقاءات مع مسؤولين لبنانين فأغلبهم يرفض هذه الفكرة من جذورها.
يعني أن تخرج من لبنان إلى الشمال السوري عبورا بتركيا، فهذا يحتاج لموافقة ثلاث جهات تركيا والحكومة اللبنانية والمعارضة السورية، إن اعتبروها وربما قد يحتاج الأمر إلى موافقة النظام السوري نفسه أو موافقة عملاءه في لبنان، حزب الله، ونحن نعلم أن حزب الله هو المتصرف الوحيد ويملك القرار في لبنان من الناحية السياسية.
9- كيف تقيمون وضع اللاجئين السوريين في لبنان، وطريقة التعامل معهم سواء من قبل الحكومة أو الجيش اللبناني، وما هو دوركم في المعالجة وكيف ترون الحل؟
السوريون ضاقوا ذرعا بعد استهداف هيئة علماء القلمون، ثم من بعدها استهداف عربة الجيش اللبناني وإطلاق الجيش اللبناني بشكل عشوائي رصاصاته على مخيمات اللاجئين، مما أدى لاستشهاد ثلاث نسوة إحداهن عروس لم يمض على زواجها أكثر من 10 أيام فهنا ضاق السوريون ذرعا.
الأمر الآخر هو الحصار الإغاثي والإنساني والطبي المطبق عليهم، فلا يصلهم أي مساعدات إغاثية ولا طبية ولا حتى مادية، منذ أيام توفيت امرأة عمرها 35 عاما في أحد المراكز الطبية في عرسال لعدم وجود ما يلزم من مواد طبية، فالوضع مزر جدا و90 من السوريين أرهقتهم الديون والتكاليف ولا يوجد عمل لأي سوري وحتى إن وجد فهو بثمن بخس رخيص جدا، ربما قد يسد رمقه فقط، وقد لا يستطيع دفع أجرة منزله، فالجمعيات الخيرية في لبنان تضاءل عملها بشكل كبير جدا ولم يعد هناك أي مساعدات إغاثية أو إنسانية.
ناهيك عن الضغوطات الأمنية في ملاحقة السوريين وإقرار بعض القوانين من الأمن العام اللبناني في سبيل تجديد إقامات السوريين وإلقاء القبض على من لا يملك إقامة، إضافة إلى حاجة عائلات الشهداء والمعتقلين والمفقودين ممن ليس لديهم معيل في لبنان إضافة للجرحى الذين أصيبوا في معارك سوريا سواء كانوا مدنيين أو عسكريين وممن فقدوا أطرافهم فهؤلاء لا يستطيعون العمل، وهم يحتاجون لرعاية طبية ولا يجدونها في لبنان فقد ضاق الخناق على اللاجئين السوريين.
11- ما هو رأيكم بالهيئات الشرعية والمحاكم ودور القضاء التي أنشأت في مناطق سيطرة المعارضة، وإلى أي حد تتفقون أو تختلفون معهم بطريقة إدارتها وبالقرارات الصادرة عنها؟
المحاكم الشرعية والمحاكم القضائية التي أنشأت لاحقا في عدة مناطق سورية هي لابد منها وضرورية حتى لا تحدث فوضى بين الناس ولا بد لهم من مرجع يحتكمون إليه ومن أناس عقال يحتكمون إليهم لحل مشاكلهم، ونحن نسمع كثيرا عن الإخوة القائمين على مثل هذه الأمور داخل سوريا، ولهم إنجازات وكان لهم الدور الكبير في الحد من كثير من المشاكل والتجاوزات التي كانت تحدث باسم الثورة سواء دينية أو سياسية أو أخلاقية، ثم إن آلية عملها آلية ممتازة تعتمد الكفاءات والدورات المتتالية حتى يكون كقاضي شرعي، وتكون له سيطرة وله كلمة على الموجودين على الأرض فيكونون تحت رعاية ومتابعة علمية شرعية دقيقة ويتم تخريجهم، وثم بعد ذلك يوضع الشخص المناسب في المكان المناسب وليس اختيار القضاة عشوائيا، فنحن نؤيد أن تكون هناك نقاط ودور شرعية أكثر للمحاكم الشرعية في سوريا.
12-ما هو موقفكم من الحل السياسي في سوريا؟
الحل السياسي بوجود بشار وزمرته هو حل مرفوض قطعا، وإن كان ولابد فهو خروج بشار من سوريا ومع فك وحل جميع الأجهزة الأمنية، فأي قبول لأي حل سياسي بوجود بشار، أو أي واحد من عصابته في الحكومة المقبلة هو خيانة لسوريا بالدرجة الأولى وخيانة لدماء وأعراض السوريين في سوريا.