نفى اللواء "مجدي عبد الغفار" وزير الداخلية
المصري، وجود تعذيب ممنهج في أقسام الشرطة أو حالات اختفاء قسري، مؤكدا أن جهاز الشرطة في مصر يتمتع بسمعة طيبة.
وطالب الوزير، في موتمر صحفي عقده الإثنين، بعدم التسرع في الحكم على الضباط المتهمين بالتورط في وقائع تعذيب، رافضا اتخاذ إجراء سريع ضدهم دون انتهاء التحقيقات حتى لا يتعرضوا للظلم، على حد قوله.
وقلل عبد الغفار من أهمية هذه الوقائع قائلا إن ضابط الشرطة هو إنسان قد يخطئ أحيانا، مؤكدا أنه لا توجد مؤسسة في مصر تحاسب أبناءها كما تفعل
وزارة الداخلية.
ورأى الوزير أن هناك مبالغة وتضخيم للأحداث لإسقاط جهاز الشرطة عبر إيهام الناس أن تجاوزات الداخلية تتم بشكل ممنهج، مشددا على أن هذه "التجاوزات" تعد على أصابع اليد الواحدة.
واستنكر تركيز وسائل الإعلام المحلية على حوادث
التعذيب داخل أماكن الاحتجاز، مطالبا المصريين بعدم نسيان حجم التضحيات التي يبذلها رجال الشرطة لتحقيق الأمن لهم.
ونفى عبد الغفار وجود أي حالات اختفاء قسري لعشرات النشطاء والمعارضين، ضاربا المثل بالشابين اللذين نفذا الهجوم على فندق القضاة بالعريش واللذان تركا منزليهما منذ عدة أشهر لينضما للعناصر الإرهابية ولم يختفيا قسريا كما تردد.
مساعد الوزير يناقض رئيسه
لكن مساعد وزير الداخلية للإعلام اللواء أبو بكر عبد الكريم أصدر تصريحات تناقض ما قاله الوزير، حيث أكد وجود تجاوزات من قبل رجال الشرطة تصل إلى حد الجرائم لكنها مرفوضة شكلا وموضوعا، موضحا أن هذه التجاوزات تحدث بسبب التفاوت في مستوى ثقافة أفراد الشرطة.
وأشار عبد الكريم من خلال تصريحاته التلفزيونية أن الداخلية لن تحمي أي شخص يخرق القانون أو يرتكب أعمال تعكر صفو العلاقة بين الشرطة والشعب، مؤكدا أن هذه التصرفات الفردية الخاطئة تضر بسمعة الشرطة.
وحذر المجلس القومي لحقوق الإنسان، في بيان الإثنين، تلقت "
عربي21" نسخة منه، من خطورة تزايد حالات قتل المواطنين داخل أقسام الشرطة، مؤكدا أن وفاة المواطنين في أماكن الاحتجاز يمثل انتهاكا جسيما لحق الإنسان في الحياة.
ووعد جورج إسحاق، عضو المجلس، وهو جهة حكومية، باتخاذ إجراءات حاسمة لمواجهة تزايد حالات التعذيب في أقسام الشرطة والحبس الاحتياطي والاختفاء القسري.
ضحايا جدد
وقبل أن ينهي الوزير مؤتمره، كانت وسائل الإعلام المحلية قد نشرت تفاصيل مقتل أحد المحتجزين داخل قسم شرطة "عين شمس" بالقاهرة، بعد اعتقاله بثلاثة أيام وتلفيق تهمة حيازة سلاح بغير ترخيص له، ليضاف إلى القائمة الطويلة من أسماء ضحايا التعذيب على يد الشرطة المصرية في العديد من المحافظات.
وتقدم أهالي أربعة مواطنين بمحافظة سوهاج، ببلاغ للنائب العام للمطالبة بالكشف عن مكان احتجاز أبنائهم الذين تم إلقاء القبض عليهم منذ أسبوعين دون أن توجه لهم أية تهم أو يعرضوا على النيابة للتحقيق معهم.
وفي هذا السياق، وصف عبد المنعم أبو الفتوح، رئيس حزب مصر القوية، عبر "تويتر"، الاختفاء القسرى الذي تقوم به أجهزة الأمن بأنه "عمل عصابات مسلحة"، وليس "سلوك رجال دولة يخضعون لدستور وقانون يحمى أمن المواطنين وحريتهم".
ونشرت الناشطة سناء سيف، التي تم الإفراج عنها أخيرا في قضية "مسيرة الاتحادية" بعفو رئاسي، على "فيسبوك" تفاصيل انتهاكات وحالات تعذيب رأتها بنفسها داخل قسم مصر الجديدة إبان اعتقالها فيه، من بينها تعذيب شخص معاق ذهنيا لإجباره على الاعتراف بجريمة لم يرتكبها.
ستدفعون ثمنا باهظا
وأثارت تصريحات وزير الداخلية انتقادات واسعة ليس فقط بين أوساط معارضي النظام، بل أيضا من جانب مؤيدي الانقلاب أنفسهم.
وامتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بآلاف التعليقات الرافضة لتصريحات عبد الغفار، حيث قال أحد مؤيدي السيسي "25 يناير كان سببها الأساسي هو ظلم الشرطة، والله إنتو شكلكو هاتغرقونا تاني".
وقال آخر للوزير "كلامك مستفز، الناس مولعة من الشرطة وإنت طالع تقول الكلام ده، من حق الظباط يعملوا أكثر من كدة طالما بتدافع عنهم"، ورد عليه ثالث بقوله "العيب مش عليه، العيب على اللي سايبه لحد ما يخربها هو ورجالته".
من جانبه، طالب الناشط الحقوقي نجاد البرعي، في مقال له الإثنين بصحيفة "الشروق"، النظام بمحاسبة الضباط مرتكبي وقائع التعذيب، محذرا من أنه إذا لم يحاكم كل ما قام بالتعذيب فإن النظام بأكمله سيدفع ثمنا باهظا لا يمكنه تحمله.
إلى ذلك، أطلقت المنظمة العربية لحقوق الإنسان نداء إلى الجهات المعنية بإنقاذ أرواح عشرات المعتقلين الذين تتدهور حالاتهم الصحية بشكل كبير داخل أماكن الاحتجاز.
وأكدت المنظمة أنها وثقت 50 حالة تعاني من أمراض خطيرة، وأصبحت مهددة بالموت بسبب الإهمال الطبي داخل
السجون، ويستحقون الإفراج الصحي عنهم فورا وفقا لقانون تنظيم السجون المصري.