تتصاعد حرب البيانات والتصريحات التي تطلقها
روسيا ضد
تركيا، وفيما تصدر موسكو قرارا في إطار العقوبات التي فرضها الكرملين قبل أيام بعد سقوط الطائرة الروسية، فإن أنقرة سرعان ما ترد على لسان مسؤوليها، نافية تأثر تركيا بأي عقوبات مفترضة.
وقالت صحيفة "خبر ترك" التركية الأربعاء، إن إيران خفضت مستوى تدفق الغاز الطبيعي إلى تركيا وأرجعت ذلك إلى الزيادة في الاستهلاك المحلي بسبب الظروف المناخية القاسية في فصل الشتاء.
وقالت الصحيفة إن تدفق الغاز اليومي البالغ نحو 28 إلى 30 مليون متر مكعب، انخفض لنحو 14 إلى 15 مليون متر مكعب.
ليأتي الرد سريعا من أنقرة، حيث أعلن مسؤول في قطاع الطاقة بتركيا، أن شركة خطوط الأنابيب التركية "بوتاش" خفضت استهلاك الغاز بنسبة 50 بالمئة من طاقتها لبعض محطات الكهرباء، في إجراء احترازي لتعزيز المخزونات قبيل صعود الطلب المتوقع في فصل الشتاء.
وأضاف المسؤول أن تدفق الغاز من إيران إلى تركيا انخفض مؤقتا أمس الثلاثاء، لأسباب تقنية، مشيرا إلى أنه لا توجد مشكلة حاليا في تدفق الغاز لتركيا.
وكان رئيس الوزراء الروسي، ديمتري ميدفيديف، قد قرر قبل أيام فرض إجراءات اقتصادية تتخذها بلاده ضدّ تركيا، عقب إسقاط الأخيرة، الأسبوع الماضي، مقاتلة روسية انتهكت مجالها الجوي.
وأعلنت الحكومة الروسية بداية الشهر الجاري، أنها ستوقف استيراد اللحم الأبيض وعدد من أصناف الخضار والفواكه من تركيا، اعتبارا من الأول من كانون الثاني/ يناير المقبل.
وتضمن نص القرار، تعليق التمويل المالي للمشاريع المشتركة بين تركيا وروسيا، وكذلك تعليق اتفاقية الرحلات غير المبرمجة بين البلدين.
لكن سرعان ما جاء الرد الضمني التركي على لسان نائب رئيس الوزراء، محمد شيمشك، الذي توقع أن ينمو اقتصاد بلاده بنسبة 4% في عام 2016، وربما أكثر من ذلك على حد قوله، وهو ما جاء كرد على الإجراءات والعقوبات الاقتصادية التي فرضتها موسكو على أنقرة.
وتطرق إلى الإصلاحات التي تعتزم الحكومة إجراءها، قائلا إن "هناك احتمال أن يعلن رئيس الوزراء، أحمد داود أوغلو، خلال الأسبوع الجاري، خارطة الطريق حول تلك الإصلاحات".
وفي إطار الحملة التي تقودها روسيا ضد تركيا، أعلن أليكسي ميللر رئيس شركة الطاقة الروسية "غازبروم"، توقف المباحثات مع أنقرة حول مشروع "السيل التركي" لنقل الغاز، معللا ذلك بـ"عدم تلقي روسيا أي طلب من تركيا بشأن مواصلة المباحثات".
وأضاف أنه "في حال أرادت أنقرة استمرار مباحثات مشروع السيل التركي فإن بإمكانها مراجعة روسيا بهذا الخصوص، وإذا ما أوقفت "غازبروم" نقل الغاز إلى تركيا، فإن ذلك يقوض سمعة الشركة في تركيا، لذا فإننا نأمل ألا يحصل أمر كهذا".
لكن رئيس مجلس العمل التركي-الروسي التابع لمجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية، تونجاي أوزيلهان، قال إن تركيا ستجد لها أسواقًا جديدة، وستتمكن من خلق فرص جديدة في قطاع الطاقة.
وأوضح أن مجموعة الأناضول لديها استثمارات بمليارات الدولارات في روسيا، مضيفًا أن "لدينا نحو خمسة آلاف عامل، والعديد من المصانع والعلامات التجارية المهمة فيها، ونحن من أهم المستثمرين في روسيا، وندفع لها ضرائب كبيرة".
ولفت أوزيلهان، أن "حل الأزمة بين تركيا وروسيا ينبغي أن يتم بالحوار وبالطرق الدبلوماسية، لأن البلدين مرتبطان ببعضهما البعض، إلى درجة أننا نشتري كل طاقتنا من روسيا، ونصدّر لها الكثير".
وبدأت العديد من القطاعات في تركيا، بالبحث عن أسواق بديلة، لتعويض الخسائر المحتمل حدوثها نتيجة إعلان موسكو عن جملة عقوبات اقتصادية ستفرضها بحق تركيا، إثر حادثة إسقاط مقاتلتها التي انتهكت الأجواء التركية في 24 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، ومن المحتمل أن تكون دول أوروبا والشرق الأقصى، وأفريقيا وأمريكا الجنوبية، أسواقا جديدة لتركيا.
وقال رئيس مجلس إدارة العلاقات الاقتصادية الخارجية في تركيا، عمر جهاد فاردان، إنّ "الإجراءات الاقتصادية التي ستتخذها روسيا ضدّ تركيا، ستعود بالضرر على كلا الطرفين".
وأوضح فاردان، أنّ الصادرات التركية إلى روسيا تراجعت بنسبة وصلت إلى حدود 40 بالمئة خلال العام الجاري، وذلك نتيجة للمشاكل الاقتصادية التي تعاني منها الأسواق الداخلية في روسيا.
وفي قطاع السياحة، قال الوزير، ماهر أونال، إن "الحكومة تدرس اتخاذ تدابير هيكلية، للحيلولة دون تأثير الأزمة التي تشهدها بلاده مع روسيا على القطاع السياحي"، لافتا إلى أن "حجم السياحة السنوية في تركيا، يبلغ 35 مليار دولار".
وطمأن الوزير العاملين في مجال السياحة في تركيا، بأن "الحكومة لن تسمح بتضرر القطاع السياحي، وذلك في معرض تعليقه على إعلان موسكو عن جملة عقوبات اقتصادية ستفرضها بحق تركيا، إثر حادثة إسقاط مقاتلتها التي انتهكت الأجواء التركية في 24 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي".
وأوضح أن المرحلة الحالية تشهد حربا نفسية، للتأثير على القطاع السياحي، وهي محاولة لتغيير وجهة السائح الذي سيأتي إلى تركيا، داعيا السياح إلى عدم التأثر بتلك الدعاية السوداء.