نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا للكاتب دانا ميلبانك، يقول فيه إن "الشيء الإيجابي الذي قام به دونالد
ترامب للجمهوريين، هو أنه جعل غيره من المرشحين يبدو أقل حماقة".. مشيرا إلى أن ترامب قال يوم الأحد إن منافسه من حزبة السيناتور تيد
كروز يعاني "شيئا من الجنون".
ويعلق الكاتب: "هناك مصداقية واضحة في هذا التصريح. فكروز هو الذي تسبب في إغلاق المؤسسات الحكومية عام 2013، بعد أن تحدث في مجلس الشيوخ لمدة 21 ساعة و19 دقيقه لمنع التصويت على قانون التمويل الحكومي. وهو من قال إن رئيس مجلس الشيوخ الجمهوري كذاب، واستطاع بأسلوبه الكاميكازي أن يكسب بعض زملائه الليبراليين والمحافظين سواء".
ويضيف ميلبانك أنه"إذا قورن كروز بمن يوجه إليه هذه التهمة، فإن كروز يعد مثالا لرجل الدولة. فعندما يتحدث المرشح الأول للحزب الجمهوري عن منع المسلمين من دخول أمريكا، وتسجيل الموجود داخل البلاد، ويثير التعصب ضد المسلمين والسود وذوي الأصول الإسبانية، فإن أي مرشح آخر يبدو معتدلا جدا".
ويتابع الكاتب: "قد يكون ترامب يسوق الحزب الجمهوري إلى فراغ ديمغرافي ومستقبل دون نساء، ولا ملونين ولا شباب ولا متعلمين، ولكنه أعاد تعريف التطرف. ففي هذه البيئة فقط يمكن لكروز، الذي ليس بأكثر اعتدالا من ترامب إلا بعدة خطوات، أن يصبح المرشح المجمع عليه".
ويوضح ميلبانك قائلا: "لو نظرنا إلى فرانك
غافني، وهو متطرف يميني يقول بأن هناك مؤامرة للإخوان المسلمين في إدارة
أوباما، ويحذر من (الشريعة الزاحفة) مغازلا العنصريين من البيض المتطرفين. وابتعد عنه المحافظون المحترمون منذ سنوات، ولكن ترامب أعاده إلى الصورة ثانية".
ويشير الكاتب إلى أن "ترامب وكروز ظهرا في اجتماع حاشد نظمه غافني في شهر أيلول/ سبتمبر، وعندما أعلن الأسبوع الماضي أنه سيمنع دخول المسلمين إلى أمريكا، استعان ترامب بنتائج استطلاع من مركز غافني للسياسات الأمنية، يظهر أن 25% من المسلمين في أمريكا يعتقدون أن (العنف ضد الأمريكيين في أمريكا مبرر، كونه جزءا من الجهاد العالمي)، كما أن 51% من المسلمين الأمريكيين يعتقدون بأنه (من حقهم اختيار تحكيم الشريعة)".
ويستدرك التقرير بأن "الاستطلاع المزعوم ليس سوى مسح لآراء اشخاص مسجلين، وليس هناك اختيار علمي عشوائي لعينات المستطلعين، ولا قيمة علمية له. ولكن بعد أن تبنى ترامب غافني بهذا الشكل المفضوح، لم يكن هناك انتقاد يوم الاثنين عندما استضاف غافني ندوة في لاس فيغاس قبل مناظرة الحزب الجمهوري يوم الثلاثاء، وشارك أربعة مرشحين من الحزب الجمهوري وهم: بن غارسون وكارلي فيورينا وريك سانتروم وكروز. وقال كروز: (إن فرانك رجل وطني، ويحب هذه البلد، ورؤيته لخطر إرهاب الإسلام المتطرف واضحة)".
وتذكر الصحيفة أن غافني استضاف في أيلول/ سبتمبر جارد تيلر، وهو قومي أبيض معروف، وقال غافني لتيلر، بحسب مركز "سوذيرن بوفرتي لو" إنه يقدر ما يقوم به تيلر "من عمل رائع" في مجلته وموقعه العنصري (أميريكان ريناسانس).
ويلفت ميلبانك إلى أن تيلر يصف السود بأنهم "منحرفون ومرضى". كما إنه يدعو البيض إلى إحياء "تفضيلهم الغريزي لأناسهم ولثقافتهم"، وكتب أنه "عندما يترك السود لتدابيرهم الخاصة بهم، فإن الحضارة الغربية، بل وأي حضارة، تختفي". وقال تيلر لمجلة "نيويوركر" إن الدعم لترامب يأتي من "أناس مثله أكثر مما يحب ترامب أن يعترف".
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأنه بعد اللغط الذي تسبب به تيلر، قال غافني إنه لم يكن على علم بآراء تيلر، وحذف المقابلة معه عن الموقع. مشيرا إلى أن غافني اتهم مساعدة كلينتون هما عابدين بأنها على علاقة "شخصية عميقة" مع الإخوان المسلمين، وقال إنها دعت إلى سن قوانين ضد التجديف. كما أنه منع من الحديث خلال المؤتمر السنوي للمحافظين "كونسيرفيتف بوليتيكال أكشن"، بعد أن قال إن المجموعة مخترقة من الإخوان المسلمين. وكان من أوائل المشاركين في حركة بيرثر، التي تقول بأن لديها "أدلة بأن أوباما ولد في كينيا، ولذلك لا يحق له الترشح للرئاسة"، كما أن مجلس مكافحة التشهير شجبه لترويجه فكرة "التهديد باحتلال إسلامي".
وتورد الصحيفة أن تشالز غاتي من جامعة جون هوبكنز، مدرسة الدراسات الدولية المتقدمة، يشير إلى أنه وعلى مر السنين قام مشاهير المحافظين، مثل إليوت كوهين وبولا دبريانسكي وريتشارد بيرل ودوغ فيث وريتشارد ويليامسون وجين كيركباتريك، بالابتعاد بصمت عن غافني.
وينوه الكاتب إلى أن غافني استضاف يوم الاثنين كروز، الذي أصبح المرشح رقم 2 للحزب الجمهوري، ووصف كروز الرئيس أوباما بأنه "يبحث عن أعذار للإسلام"، وقال إن "فرانك غافني هوجم مرات عديدة؛ لأن لديه الشجاعة بأن يقف ويسمي (الإرهاب الإسلامي الراديكالي) على أنه العدو الذي يشن جهادا ضدنا".
وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالقول إنه "في الظروف العادية فإن تبني كروز أو غيره من المرشحين للرئاسة شخصية تحمل أيديولجية نشاز مثل غافني، يعد أمرا فاحشا، ولكن شكرا لترامب الذي جعل هذه الأوقات ليست أوقاتا عادية".