أصدر عدد من البرلمانيين
الإخوان مبادرة بذل فيها جهد كبير، لا يمكن التقليل منه، أو إهماله، فيما يعانيه الصف الإخواني الآن من أزمة طاحنة، باتت تهدد مؤسساته المنتخبة، وتهدد قيمه التنظيمية، والدعوية على حد سواء.
تشكلت اللجنة من البرلمانيين الإخوان، وعملت ما يمكن تسميته بلجنة (تقصي الحقائق)، وطافت على كل الأطراف، ودونت كل ما توصلت إليه من معلومات وحقائق، بما يمكن أن نسميه قاعدة بيانات، لأول مرة مكتوبة عن أزمة من أزمات الإخوان المسلمين، التي كانت من قبل في كل أزماتها تعتمد على ذاكرة الناس، ثم بعد فترة يخرج من يكتب من وجهة نظره، ويثار الجدل حول ما يكتبه الجميع.
لقد قامت اللجنة التي شكلها البرلمانيون بوضع ثوابت لمبادرتهم، تتمثل في التالي: أ- الإسراع برأب الصدع ضرورة قصوى للثورة والحركة. ب- الحسم وعدم التردد هو واجب الوقت. ج- التعجيل بتشكيل هيئات شورية لكل المستويات الإدارية. د- الانتهاء من اعتماد رؤية استراتيجية تتسق مع الثورة وتتماشى مع الصف. هـ- المؤسسية والشفافية والمحاسبة. و- تمثيل مناسب للشباب والمرأة في كل المستويات.
ووضعت ضوابط وقواعد، تعبر عن الجسم الكبير لجماعة الإخوان المسلمين، وعن طموحات جميع شباب الجماعة، ومعظم صفوفها، اللهم إلا حفنة قليلة ممن تنتفع ببقاء الحال كما هو عليه، تتمثل الضوابط والقواعد فيما يلي: أ- التغيير هو الشعار الحقيقي للمرحلة والانتخابات هي الوسيلة المثلى لذلك. ب- يستبعد من الانتخابات القادمة كل من أمضى في موقعه دورة انتخابية. ج- سرعة إجراء انتخابات جميع فروع الرابطة التي تجاوز مسؤولوها 4 سنوات. د- الوقف الفوري من جميع الأطراف لكل أشكال التراشق الإعلامي، أو التشهير التنظيمي، أو استخدام الأدوات التنظيمية أو المادية لتغليب رأي على آخر. هـ- يجب تمثيل الخارج في الانتخابات القادمة (الشورى والإرشاد)؛ فالخارج والداخل وحدة واحدة لا تتجزأ.
و- تعديل اللوائح وتحديد المهام والفصل بين الاختصاصات، وفك الاشتباك بين الجهات، واعتماد معايير العدالة والنزاهة.
ويتم تنفيذ كل ما مضى عبر إجراءين مهمين، وهما: أ- إجراء انتخابات شاملة (مجلس شورى جديد - مكتب إرشاد جديد - مجلس رابطة جديد - مكتب خارج جديد). ب- جمع أصحاب الرأي والخبرة والاختصاص وشركاء الثورة (ووضع جميع الرؤى الاستراتيجية التي تم التوصل إليها بين أيديهم، مع ما يطرحونه) للوصول لرؤية استراتيجية واضحة المعالم، يلتزم بها الجميع بعد اعتمادها من مجلس الشورى العام خلال شهرين من تاريخ انتخابه.
هذا مجمل المبادرة، ولا يخفى على أحد الجهد المبذول فيها، كما أنهم عملوا على عدم شغل أنفسهم بالحكم على أي الطرفين صواب، وأيهم خطأ، رغم وضوح ذلك لهم عبر ما قاموا به، أي الفريقين أكثر أخطاء، فقد أخطأ الجميع بما لا يخفى على منصف، ولكنهم اهتموا بالحل، ولم يهتموا بالإدانة لأحد.
العجيب أن هذه المبادرة عرضت على اللجنة الإدارية في
مصر، التي تقوم على إدارة شؤون الجماعة في مصر، منذ ما يقرب من أربعين يوما، والأعجب أنه لم يتم الرد عليها حتى الآن، بل ما تم هو القرارات والإعلانات التي شقت صف الإخوان أكثر، وهو ما يعني أن هناك من يريد أن يمضي في خط الانقلاب على مؤسسات الجماعة المنتخبة، وهدمها وكأنها لم تكن شيئا مذكورا.
لقد وضعت هذه المبادرة التي قام بها أربعة وأربعون نائبا من نواب جماعة الإخوان، يدها على أصل الداء في أزمة الجماعة، وشخصته جيدا، واجتهدت في وضع العلاج، ويظل السؤال المهم الآن: هل ستضع هذه المبادرة الجيمع أمام مسؤولياته، وتكشف القناع عن كل من لا يريد بالجماعة خيرا، بل يريد الاحتفاظ بمغانم شخصية. والسؤال الأهم: هل سيكون للقواعد هنا دور في إنهاء هذه الأزمة؟!
[email protected]