دعا عضو المكتب السياسي لحركة "شباب 6 إبريل"،
محمد كمال، إلى إيجاد وخلق مشروع ثوري متكامل سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وأن يكون مبنيا على الأهداف العامة لثورة يناير، مؤكدا أن الثورة عمل تراكمي جامع مانع، وليست فقط في التحرك الجماهيري الاحتجاجي في الشارع.
وشدد، في حوار مع
"عربي 21"، على أن "بناء هذا المشروع الثوري هو الكفيل بإسقاط ذلك العبث الدائر في
مصر، وإسقاط كل المظالم المترتبة عليه"، مشيرا إلى أن هذا ما دعت إليه الحركة في مبادرتها التي أطلقتها في عام 2014 ووجهتها إلى الشعب إيمانا منها بدورها في الدفاع عن مصالح المصريين.
ورأى "كمال" أن حملة الاعتقالات الأخيرة التي طالت بعض قيادات الحركة، وثيقة الصلة بذكرى ثورة يناير، لأن النظام الحالي تنتابه دوما "موجات رعب منها وممن يمثلونها"، مضيفا بأن هذا يدل على رعبهم من شباب 6 إبريل، لأنهم "لا يتلونون ولا يهادنون".
وفيما يلي نص الحوار:
* كيف ترون اعتقال القياديين بالحركة محمد نبيل وأيمن عبد المجيد؟ وهل له علاقة بـ 25 يناير المقبل؟
- بالطبع حملة الاختطاف لها وثيق الصلة بذكرى ثورة يناير، لأن النظام الحالي تنتابه دوما موجات رعب منها وممن يمثلونها، لأنها ذكرى يوم أن انتصر الشعب على القمع والفساد، وعلت أصوات الحق والحرية والعدالة والكرامة، وكلها مبادئ تتناقض مع القتل والسجن والفساد والديكتاتورية التي يمثلها النظام.
فقام (النظام) باختطاف اثنين من قيادات 6 إبريل، بالإضافة لسجنه مؤسس الحركة أحمد ماهر، ومنسقها الحالي عمرو علي، ورامي سيد عضو المكتب السياسي، والحكم على شخصي بالمؤبد، لحضورنا عزاء صديقنا الذي قتلوه بدم بارد، وهذا يدل على رعبهم من شباب 6 إبريل، لأنهم لا يتلونون ولا يهادنون.
* هل أثرت مثل هذه الضربات الأمنية العنيفة في الحركة أم لا؟
- الضربات الأمنية المتلاحقة لقيادات الحركة تستهدف شل حركتها وإسكاتها، وبالطبع يكون لها تأثير، لكن تستمر المسيرة دون توقف.
* أصدرتم أخيرا بيانا يدعو لاصطفاف حول مطالب ثورة يناير، ولأول مرة نجد توقيعات من شخصيات تنتمي لحركتي 6 إبريل والاشتراكيين الثوريين مع شخصيات ذات توجه إسلامي.. فهل كان توقيعكم بشكل شخصي أم إنه يعبر رسميا عن الحركة؟
- الموقعون على البيان بشخوصهم، بعيدا عن الكيانات التي يمثلونها، فلم يوقع عليه أي كيان سياسي، وإنما جاء هذا الزخم من تنوع خلفيات الموقعين على البيان.
* لماذا لم يتحدث بيانكم عن "مكتسبات" ثورة يناير؟
- غير صحيح، فقد تحدث البيان عن مكتسبات ثورة يناير التي قفز عليها كل من تولى حكم البلاد، خاصة أن الدعوات المتتالية المطالبة بالتوحد تهدف في الأساس إلى تحقيق مكتسبات ومطالب الشعب العادلة.
* ما هي أبرز الإشكاليات التي تحول دون الاصطفاف؟
- الثورة عمل تراكمي جامع مانع، إذ إن الثورة ليست فقط في التحرك الجماهيري الاحتجاجي، فلابد قبل العمل الاحتجاجي من إيجاد وخلق مشروع ثوري متكامل، ونعتقد أن من أسباب التفاف النظام على الثورة، بعد تفريق الشركاء، هو عدم وجود مشروع ثوري متكامل سياسيا واقتصاديا واجتماعيا مبني على الأهداف العامة لثورة يناير.
ولذلك، لابد من اتخاذ إجراءات تتحد في مشروع ثوري متكامل، وإعادة بناء مؤسسات الدولة بما يجعل ولاءها للشعب فقط، وأن يكون هدفنا الأسمى هو الوصول إلى الدولة العادلة الديمقراطية الحديثة، ونعمل على تحقيق ذلك بكل الوسائل المشروعة.
* وكيف تنجح دعوات الاصطفاف الثوري في ظل الخلافات الكثيرة؟
لابد من العمل على عدة محاور بالتتابع منها:
- تحديد الأهداف العامة للحراك الثوري، ومنها العيش والحرية والكرامة والعدالة، والذي يمكن تلخيصه في بناء دولة ديمقراطية مدنية عادلة حديثة.
- العمل على تحديد والتوافق على الآليات الممكنة لتحقيق تلك الأهداف الجامعة، بحيث يتكاثف الجميع على تحقيق ما يخصه ويبرع فيه، وهنا يتحول الاختلاف من نقمة إلى نعمة.
- التوافق على مبادئ أساسية لشكل الدولة.
- أخذ العبر والدروس من أخطاء الماضي وعدم التوقف عندها.
* ما موقفكم من جماعة الإخوان المسلمين ومطالبها خاصة عودة الرئيس مرسي؟
- جماعة الإخوان المسلمين فصيل من المصريين له رؤية سياسية ما، وقد شاركوا في ثورة يناير. أما الحديث عن "الشرعية"، فهم يتحدثون عن الشرعية الدستورية القانونية، ولكننا نتحدث عن الشرعية التأسيسية الأخلاقية التي مرجعيتها ثورة يناير، ولابد للجميع من العودة إلى حدود الحادي عشر من شباط/ فبراير 2011، وهو يوم الإطاحة بالرئيس المخلوع "مبارك".
* هل نجاح دعوات الاصطفاف في حد ذاته سيكون كفيلا بإسقاط الانقلاب؟
- بناء المشروع الثوري الذي يلتف حوله المصريون هو الكفيل بإسقاط ذلك العبث الدائر في مصر، وإسقاط كل المظالم المترتبة عليه، فلن تتحقق مطالب الثورة إلا باتحاد الكل كما اتحدوا داخل السجون، ومن أخطأ يعاقب، ونتوافق على أهداف ومطالب ثورة يناير، وهذا ما دعت إليه الحركة في مبادرتها التي أطلقتها في 2014 ووجهتها إلى الشعب إيمانا منها بدورها في الدفاع عن مصالح المصريين.
* هل ترون أن هناك أي جهات إقليمية أو دولية تدعو وتدعم فكرة الاصطفاف أم لا؟
- مصر جزء من العالم العربي والشرق الأوسط، ولا يمكن أن تعيش بمعزل عنهما، وما يحدث في مصر يؤثر سلبا أو إيجابا على المنطقة، وبالتالي كما كانت هناك أنظمة عربية أعانت على الدمار الذي حل بالثورة المصرية، هناك قوى أخرى ترى أنه لا استقرار في المنطقة دون دور ريادي لمصر، ولن يتحقق هذا إلا بترتيب البيت من الداخل على أسس الحياة الكريمة والعدالة والكرامة، ثم تنطلق مصر لتقود المنطقة إلى الاستقرار والرخاء.
* كيف ترون التعاطي مع مبادرتكم لحل الأزمة؟
- المبادرة ليست وليدة اللحظة، ولكن تم إطلاقها في كانون الثاني/ يناير 2014، وتتمثل في: ميثاق للمشاركة المجتمعية، وعدالة تشمل الجميع، وترسيم العلاقات بين المؤسسات في المجتمع، وميثاق شرف إعلامي، وحكومة إنقاذ اقتصادي قومي للبلاد.
ولكي لا تكون تلك المبادئ والأطر أفكارا عامة، فإن المبادرة تشمل أيضا مسودات للمواثيق والقوانين السابقة تصلح كبداية للعمل الحقيقي من أجل المستقبل.
ونعتقد واثقين أن بنود تلك المبادرة تمثل الإطار الجامع لثورة يناير، ولكن لأننا في بئر من الانقسام والتخوين، فكل الأطراف تريد من المبادرة أن تنحاز لمطالبها فقط، وبالتالي لا تتوافق معهم فيهاجمونها، ولكننا واثقون في النهاية أن الجميع سيجلس على مائدة الحوار، ولكن بعد أن نكون خسرنا الكثير.
* هل تعتقد أن ثورة يناير انهزمت خاصة أن "خارطة الطريق" اكتملت بوجود برلمان العسكر؟
- ثورة يناير لم تُهزم، لكنها تمر بفترة حذر رهيب، نتيجة تفرق الشركاء وعدم التوافق على المشروع الثوري الجامع، فالثورة تمرض ولكن لا تموت، واستخدام النظام للقتل كأسلوب للمواجهة أثر على الحراك في الشارع، إلا أن جذوة الثورة مشتعلة في القلوب، وتزداد كل يوم مع ممارسات النظام الذي يخلق له أعداء يوميا.
* كيف ترى 25 يناير المقبل؟ وما هو موقفكم منه؟
- أتمناه يوما عظيما كسابقه في 2011، ولكن الثورة ليست بميعاد سابق. وينتظر الناس بلهفة لحظة السقوط، ولكني أخشاها إذا لم نستعد لها ببديل توافقي يحافظ على الحقوق، ولا يفرط في المظالم، ويبني الدولة المدنية الديمقراطية العادلة الحديثة، وأهم من ذلك تعلم كيفية إدارة الاختلاف وتحويله من نقمة إلى نعمة.
وموقفنا ثابت، أن الثورة لابد أن تستكمل وتستمر إلى أن تتحقق كل أهدافها التي قامت من أجلها.
* هل لا تزال هناك فرصة لحل الأزمة سياسيا أم إن المعركة صفرية بامتياز؟
- لن نتنازل أو نتفاوض على مبادئ الثورة، ولا تفاوض على دماء الشهداء. وقد انتهت الأزمات كافة بالحوار، حتى في الحروب، تدخل الحرب حتى تجلس على مائدة الحوار من منطلق القوة.