كتب كل من جوش روغين وإيلي بليك في موقع "بلومبيرغ" للشؤون الاقتصادية، عن الطريقة التي تصرف بها الرئيس باراك
أوباما مع الأزمة الحالية بين
السعودية وإيران. مشيرين إلى أن محور التوازن المتعلق بالشرق الأوسط في إدارة أوباما مال هذه المرة نحو
إيران.
ويقول الكاتبان: "مع زيادة سخونة الحرب الباردة بين إيران والسعودية، تحاول إدارة الرئيس باراك أوباما المشي على الحافة، دون اتخاذ مواقف، ولكن أفعالها تقول قصة أخرى، فهي تفضل إيران".
ويضيف الكاتبان: "بعد إعلان الحكومة السعودية يوم السبت عن إعدام 47 سجينا، منهم رجل دين شيعي معروف، قامت وزارة الخارجية بأمرين؛ أولا أصدرت بيانا عبرت فيه عن قلقها من أفعال الرياض (تفاقم التوتر الطائفي)، أما الأمر الثاني فهو اتصال هاتفي قام به جون كيري مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف، حثه فيه على التخفيف من حدة التصعيد".
ويشير التقرير إلى أن المتحدثين باسم البيت الأبيض والخارجية الأمريكية أكدوا أن الولايات المتحدة لن تقوم باتخاذ مواقف، ولن تدعم جانبا ضد جانب. و"لكن المسؤولين الأمريكيين والدبلوماسيين العرب أخبرونا أن الحلفاء الخليجيين الذين يشعرون بالتهديد الإيراني ينظرون للأمور بطريقة مختلفة".
ويعلق الكاتبان بأن وزارة الخارجية انتقدت السعودية للإعدامات، ولسجلها في مجال حقوق الإنسان.
ولكن المتحدث باسم وزارة الخارجية جون كيربي أضعف من المزاعم السعودية التي قالت إن الحكومة الإيرانية متورطة في الهجوم على السفارة، حيث لاحظ في بيانه أن إيران قامت باعتقال المسؤولين عن الهجوم.
ويعتقد الكاتبان أن السعودية تعاملت مع النقد الأمريكي هذه المرة بأنه ذهب بعيدا؛ لأن نمر النمر كان يحرض على الإرهاب. وقال وزير الخارجية السعودية عادل الجبير:"لا نقبل أي نقد للنظام القضائي في المملكة". وأضاف في تصريحاته يوم الأحد: "ما حدث هو إدانة الذين قادوا عمليات إرهابية كانت مسؤولة عن مقتل أناس أبرياء".
ويلفت الموقع إلى قطع عدد من الدول العربية علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، فقد تبعت البحرين والكويت السعودية في قطع العلاقات، فيما خفضت الإمارات العربية المتحدة من مستوى التمثيل الدبلوماسي، "وأخبرنا دبلوماسي خليجي أن دولا عربية سنية من المتوقع أن تتبع الخطى ذاتها".
ويناقش التقرير بأن "الاتفاق
النووي، الذي تم التوصل إليه في الصيف الماضي بين إيران والدول الغربية، هو في قلب المشكلة بالنسبة للدول العربية السنية. وعندما سوق البيت الأبيض الاتفاق للكونغرس وحلفائه في منطقة الشرق الأوسط، كانت الرسالة واضحة: لا يوجد في الاتفاق ما يمنع الولايات المتحدة من المعاقبة على القضايا غير النووية، ولكن هذا لم يكن الواقع".
ويقول الكاتبان إنه "في الأسبوع الماضي ترددت الخارجية الأمريكية وفي اللحظة الأخيرة بمعاقبة 11 كيانا وفردا، تراهم مسؤولين عن مساعدة الحكومة الإيرانية في برنامجها للصواريخ الباليستية، الذي يعد خرقا للعقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على إيران. وأخبر مسؤولو الخزانة المشرعين في الكونغرس أن العقوبات ستفرض في 31 كانون الأول/ ديسمبر، ولكنها لم تعلن".
ويواصل الكاتبان بالقول إن "الموظفين في الـ(كابيتال هيل)، الذين تلقوا معلومات حول الموضوع، قالوا إن وزارة الخارجية تدخلت في الدقيقة الأخيرة، وذلك بعد اعتراض من الحكومة الإيرانية. وأخبرنا مسؤول بارز في الإدارة أن العقوبات لم تمت، وأن الولايات المتحدة لا تزال تعمل على القضايا العالقة، ولكنه لم يتحدث عن جدول زمني".
ويمضي الكاتبان إلى القول إنه "قبل هذا بأسبوع كتب كيري شخصيا لظريف، مؤكدا له أن إدارة أوباما قد ترجئ القيود الجديدة في قانون مرره الكونغرس، الذي يشترط الحصول على التأشيرات لمن زار إيران من قبل، كي يسمح له بدخول الولايات المتحدة. واحتج الإيرانيون بأن مطالب التأشيرة تعد خرقا لشروط الاتفاق النووي الذي تم الاتفاق عليه".
ويستدرك الكاتبان بأنه "ومع ذلك، فإن الحكم الذي أصدرته إيران ضد صحافي أمريكي بتهمة التجسس في تشرين الثاني/نوفمبر، واحتجازها لمواطن يحمل الجنسيتين الأمريكية والإيرانية، لم يقودا إلى تخفيض العلاقات. ودعمت الخارجية الأمريكية قرار الوكالة الدولية للطاقة النووية، التي أغلقت الملف على المشروع النووي الإيراني، رغم تقرير من الوكالة ذاتها وجد نشاط تسلح استمر حتى عام 2009، ورغم منعها من زيارة تفتيش لموقع عسكري إيراني".
ويورد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، أنه بحسب مسؤولين أمريكيين فإن "إيران تتمتع بنفوذ غير عادي في هذه اللحظة، حيث ينتظر العالم منها الوفاء بالتزاماتها في الملف النووي. وبدأت إيران بنقل مخزون من اليورانيوم المخصب بدرجة قليلة، ولكنها لم تقم بعمل كل المتطلبات المتعلقة بتعديل الإجراءات في مفاعل أراك، أو إكمال المهام الأخرى التي وعدت بها بحسب الاتفاق. وعندما تفي إيران بتعهداتها، فعندها سيتم رفع التجميد عن أرصدتها الأجنبية، ما سيعطي النظام أموالا بعشرات المليارات من الدولارات".
ويرى الكاتبان أن نقاد الإدارة يقولون إنه يجب على الولايات المتحدة الاستفادة من النفوذ الذي تتمتع به قبل الإفراج عن الأموال. ويقول العضو الجمهوري في لجنة الاستخبارات مايك بومبيو: "نفوذنا الأعلى هو أن نرد على المسائل غير النووية قبل بدء يوم التطبيق"، ويضيف: "بعد يوم التطبيق سيحصل الإيرانيون على المال وترفع العقوبات".
وفي هذا السياق، ينقل الموقع عن المفاوض السابق ونائب رئيس مركز "وودرو ويلسون" للعلماء في واشنطن، آرون ديفيد ميللر قوله إن إدارة أوباما تتعامل مع الصفقة النووية على أنها عامل من عوامل استقرار منطقة تخرج وبشكل متزايد عن السيطرة. ولهذا السبب فإنها تعطي العلاقات الأمريكية الإيرانية أولوية.
ويضيف ميللر: "يحمل الإيرانيون إرث أوباما بأيديهم، مع أننا مقيدون ونسكت على بعض الأمور في مستوى معين؛ من أجل الحفاظ على علاقة وظيفية مع الإيرانيين".
وينوه التقرير إلى أن الولايات المتحدة تفقد التأثير على الإيرانيين، وفي الوقت ذاته تتراجع قدرتها للتأثير على تحركات القيادة السعودية الجديدة.
ويقول الكاتبان: "تخلى السعوديون عن محاولات بناء علاقات مع إدارة أوباما، ويواصلون سياستهم الخاصة حتى يتسلم الرئيس المقبل منصبه".
ويقول ميللر للموقع: "إنه أسوأ وضع لقوة عظمى؛ لأن كل واحد يقول لنا لا، دون دفع ثمن أو تداعيات".
ويشير الكاتبان إلى تصريحات المتحدث باسم البيت الأبيض يوم الاثنين جوش إرنيست، الذي أشار إلى أن كيري ضم الإيرانيين إلى المحادثات المتعلقة بحل الأزمة السورية، اعترافا بالدور البناء الذي أدته الولايات المتحدة لتقليل الهوة بين القوتين الكبيرتين في المنطقة، السنية والشيعية. ويقول إرنيست: "نجحت الولايات المتحدة في قيادة الجهد الدولي، وجمع الأطراف كلها معا؛ من أجل التوصل إلى حل سياسي في سوريا".
ويستدرك الموقع بأن الخبراء يعتقدون أن العملية السلمية التي اقترحها كيري، التي تكشفت في فيينا، والتي جمعت بين السعوديين والإيرانيين، كانت لها آثار سلبية. فبعد هذا كله تبادل وزيرا الخارجية السعودي والإيراني أثناء اللقاء الاتهامات حول دعم الإرهاب.
وينقل التقرير عن مايكل أوهلان من معهد "بروكينغز" قوله: "لا ألوم أوباما وكيري، ولكنني أحملهما مسؤولية الانفجار السعودي الإيراني، وأعتقد أن الوضع الحالي يؤكد الثمن الخفي لجهود فيينا". ويضيف: "قد ترفض الرياض أي نقد من الولايات المتحدة، حيث تراه مدفوعا بمحاولة أوباما لتقوية عملية التقارب مع طهران، وهو ما سيحد من احتمالات نجاحنا".
ويخلص الكاتبان إلى أن هذه هي الإشارات التي أرسلها السعوديون. فعند هذه النقطة، فليس هناك أوضح من الرسالة التي تقول: إن لم يقم أوباما بمعاقبة إيران، فإن السعودية ستقوم بذلك.